فشربوا منه إلا قليل منهم !    إب.. مليشيا الحوثي تفرض على التجار تعليق شعارات خضراء بذكرى "المولد"    حكومة التغيير والبناء .. عام حافل بالعطاء والإنجاز رغم جسامة التحديات    أهلي تعز يهزم التعاون ويتصدر مجموعته في بطولة بيسان    الصين تعلّق الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية لمدة 90 يومًا    عاجل.. وحدات الدعم والإسناد الحربي بالقوات الجنوبية تدك تجمعات حوثية شمال الضالع    توقعات بأمطار متفرقة وتحذيرات من التواجد في مجاري السيول وبطون الأودية    ورشة عمل تشاورية لتعزيز الوصول الشامل للأشخاص ذوي الإعاقة إلى المرافق الخدمية    موقع بريطاني يؤكد تراجع نفوذ لندن في البحر الأحمر    لماذا لا يفوز أشرف حكيمي بالكرة الذهبية؟    شبكة ستارلينك: أداة تجسس أمريكية إسرائيلية تهدد أمن اليمن    أمريكا تعلن لقاء أحد مسؤوليها ب"الجولاني" لبحث ضم سوريا لمستنقع التطبيع    من حبريش يقطع الوقود عن المكلا وسيقاتل لوصوله للعسكرية الأولى(وثيقة)    محاولات سلخ حضرموت عن هويتها الجنوبية    تكدّس النازحين اليمنيين بالملايين في عدن سيدفع الجنوبيين ثمنه غاليا أو مستحيلآ    لماذا يستهدف وزير الإصلاح "حيدان" كفاءة عدنية عالية المهارة والإخلاص    عدن.. الحكومة تحظر استخدام العملات الأجنبية في المعاملات المختلفة داخل البلاد    البرلماني بشر: السلطة الفاشلة تتخلص من مؤيديها وتلاحق معارضيها.. "كفى عبثًا"    أمن مأرب.. الإنجاز الجمهوري الفريد    مركز تجاري في عدن يعرض تخفيضات هي الأقوى والأرخص ولم تشهد عدن واليمن مثل هذه التخفيضات منذ سنوات    محمد تصحيح: عازمون على تحقيق الفوز الأول وإسعاد جماهير الرشيد    القرعة تضع تضامن حضرموت في المجموعة الثانية ببطولة الخليج للأندية    افتتاح معرض تشكيلي في صنعاء يجسد صمود غزة    عدن.. البنك المركزي يبحث آلية تغطية الواردات واستقرار الأسعار    السعودية ترحب بإعلان أستراليا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية وبإعلان نيوزيلندا دراستها الاعتراف بالدولة الفلسطينية    شرطة المرور تدعو مالكي الدرجات الكهربائية الاستعداد لهذا الامر!?    مكتب الصحة بلحج ينفذ حملة رقابة على أسعار الأدوية    فرصة إمام جامع وضيعتها    النائب العام يوجه بحملات مشددة لمراقبة أسعار الأدوية وضبط المخالفين    مناقشة آليات التعاون بين وزارة الاقتصاد وهيئة الابتكار في مجال توطين الصناعات    ضمن 11 منشأة صحية.. مؤسسة خليفة تبدأ تأهيل مستشفى نصاب    كريستال بالاس يخسر استئناف «كاس»    قصر شبام حضرموت النجدي بين الإهمال والخطر    فيديو وتعليق    المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر تدين محاولة اختطاف طفلة في ذمار    انعقاد اللقاء الموسع لقيادات الدولة بقدوم ذكرى المولد النبوي الشريف    الكشف عن تفاصيل تعاقد النصر مع كومان    الأرصاد يتوقع توسع حالة عدم استقرار الأجواء    الرئيس الزُبيدي يعزي الشيخ صالح الشرفي بوفاة شقيقته    السفارة الهندية تعتزم نقل مكتبها القنصلي من الرياض إلى عدن    احتجاج القادسية.. تصعيد وخلاف قانوني    الذهب والنفط يتراجعان مع ترقب لقاء ترامب وبوتين    اكتشاف مستوطنة نادرة على قمة جبل في بيرو    بينهم أنس الشريف.. استشهاد 6 صحفيين في قصف إسرائيلي في محيط مجمع الشفاء    5 أخطاء تحول الشاي إلى سم    في ذكرى ميلاد المصطفى    استعدادات واسعة للاحتفاء بذكرى المولد النبوي    الإرادة تصنع المستحيل    مزرعة ألبان رصابة بذمار.. بين التحدي والطموح    بهدف معالجة الصعوبات والمشكلات التي يعاني منها القطاع الصحي.. رئيس مجلس الشورى يلتقي وزير الصحة والبيئة    مرض الفشل الكلوي (16)    وصية الشهيد الإعلامي أنس الشريف ابن فلسطين درة تاج المسلمين توجع القلب    كأس خوان غامبر: برشلونة يحرز اللقب بعد سحقه كومو الايطالي    ناشط حقوقي يتلقى تهديدات بتصفيته وأسرته ويحمّل سلطات صنعاء المسؤولية    وجع بحجم اليمن    شكراً للفريق السامعي الذي ألف بينهم    أحمد سيف.. الذاكرة التي لا تغيب وصوت الدولة المدنية    علماء يكتشفون أن نقص عنصر غذائي "شائع" قد يسبب الزهايمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فُكُّوا الْعَانِي
نشر في الخبر يوم 20 - 12 - 2014

لم تكن فضيحة التعذيب التي طالت أجهزة أمنية أمريكية غريبة في عالم اليوم، وإن تشدَّق بالإنسانية وتغنَّى بالحقوق!
ومعظم دول العالم، بما فيها الدول العربية والإسلامية تعاني ضموراً شديداً في ثقافة الحقوق الإنسانية، وتمارس تهرباً من التزامها تحت بنود شتى، فضلاً عمن يتهم بجريمة أو يشك في ولائه!
والملف يقتضي الإضاءة حول حقوق الأسير في الرؤية الإعلامية.
والأَسْر ظاهرة مرتبطة بالحياة البشرية، وبالحرب على وجه الخصوص، والأسير أخيذ الحرب، وقد تطلق على مَن يؤخذ سِلْماً، أو على السجين، ويسمى العاني، ومنه حديث «فُكُّوا الْعَانِيَ».
وكان الأسير في الأمم المتوحشة مهدر الحقوق، من حقهم أن يصلبوه أو يُحرقوه أو يقتلوه أو يعذبوه، وعند بعض الأمم كالشعب الأقيانوسي عادة أكل لحم الأسير.
ولأن الأسر جزء من الحياة البشرية، قرر الإسلام حقوقه ابتداءً دون معاناة ولا اعتبارات وقتية ولا ضغوط خاصة مثل ما حدث قبل اتفاقية "جنيف" للأسرى.
1- فمن حق الأسير عدم إكراهه على ترك دينه.
وها ما يعرف بالحرية الدينية، يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {70}) (الأنفال)، ففيها استمالة الأسرى، وتجديد الدعوة لهم، وفتح باب التوبة أمامهم، وترغيبهم بما يعوضهم عما فقدوا.
وفي هذا دليل على أنهم لا يُكرَهون على الإسلام، ولم يقع قط أن أُكْره أسير على أن يدخل في الإسلام.
وفي قصة ثُمامة بن أُثال الحنفي رفض النطق بالشهادة ومع هذا أطلقه النبي صلى الله عليه وسلم.
2- ومن حقوقه إطعامه ما يكفيه، ولهذا يقول وتعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً {8} إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً {9}) (الإنسان)، فإطعام الأسير قربة يتقرّب بها المؤمن إلى ربه ويؤثر الأسير على نفسه فهو لم يطعمه مما فضل من قوته، وإنما من طيب طعامه مع حاجته إليه، ولذلك كان منع الطعام عن الأسير من الكبائر، كما في حديث: «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ لاَ هِي أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا وَلاَ هِي تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ» (البخاري ومسلم).
فلما كان الحبسُ مانعاً للمحبوس من التصرف في أمر معاشه وكسبه؛ وجب على حابسه أن يقوم بحقه، ولو كان ذلك في حق الحيوان، فما بالك بالإنسان الذي كرَّمه الله تعالى.
وحين نزلت الآية لم يكن الأسرى من المسلمين ولم يشرع القتال.
3- حقه في الكسوة والثياب التي تليق به، وفي حديث جابر – رضي الله عنه – قال: «لَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ أُتِىَ بِأُسَارَى، وَأُتِىَ بِالْعَبَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ، فَنَظَرَ النَّبِي – صلى الله عليه وسلم – لَهُ قَمِيصاً فَوَجَدُوا قَمِيصَ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أُبَي يَقْدُرُ عَلَيْهِ، فَكَسَاهُ النَّبِي – صلى الله عليه وسلم – إِيَّاهُ.. » (البخاري).
4- المأوى والسكن المناسب، وفي عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يكن هناك دار خاصة للأسرى، فربما سُجن الأسير في المسجد، وربما وُزِّع الأسرى على المسلمين في بيوتهم إلى أن يُنظر في شأنهم، وفي البيهقي عن عائشة: أن النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – دخل عليها بأسير وعندها نسوة، فلهينها عنه، فذهب الأسير، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا عائشة، أين الأسير؟"، قالت: نسوة كُنَّ عندي فلهينني عنه، وخرج فأرسل في أثره فجيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم.. الحديث.
وقد ذكر ابن كثير في «البداية والنهاية» أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – فرَّق أسرى بدر على أصحابه.
وروى الإمام أحمد عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – جعل ناساً من الأسرى الذين كانوا يتقنون القراءة والكتابة يُعلِّمون أولاد الأنصار القراءة والكتابة، وجعل ذلك فداءهم وفكاكهم.
ومن المعلوم أن الأسير كي يُعلِّم ويكتب لابد أن يكون طليقاً غير مقيد ولا مربوط، وقادراً على الذهاب والإياب، والوثاق إنما جُعل لمنعه من الهرب، فإذا أمكن منعه بلا وثاق فلا حاجة إليه.
5- لا يفرق في الأسرى بين الوالدة وولدها أو بين الولد ووالده وبين الأخ وأخيه، وهذا ورد في حكم السبي، والسبي نوع من الأسر، وفي حديث أبي موسى وعلي وأبي الدرداء رضي الله عنهم، أن النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – قال: «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا – يعني من السبي – فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (حسَّنه الترمذي وقال: العمل عليه عند أهل العلم).
وروى الدارمي أن أبا أيوب – رضي الله عنه – كان في جيش ففرَّق بين الصبيان وبين أمهاتهم من الأسرى، فرآهم يبكون، فجعل يرد الصبي إلى أمه، ويقول: إن رسول صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
فانظر كيف بلغ الرفق والرحمة والشفقة والعدل بالمسلمين في الجمع بين الإخوة وبين الآباء والأمهات والأولاد من الأسرى.
6- عدم تعريضهم للتعذيب بغير حق، فلا يمكن أن نعذِّبهم مثلاً لأنهم قاتلونا، ولم ينقل في الشرع أنه أُمر بتعذيبهم، ولا أنه حصل لهم تعذيب خلال عصور العزة الإسلامية.
وذلك لأنه إذا كان المسلم مأموراً بإكرامهم وإطعامهم وسقيهم والجمع بينهم، فإن تعذيبهم يتنافى مع هذا، اللهم إلا أن يكون هناك حالات خاصة يتطلَّب الأمر فيها كشف أمور يُعلم أنها موجودة عنده، كما في حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – في قصة اليهودي الذي جحد المال، فدفعه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم – إلى الزبير، فمسّه بعذاب، فقال: «قد رأيتُ حُيَيٍّ يطوف في خَرِبة ههنا»، فذهبوا وطافوا فوجدوا المَال في الخربة.
7- وكان جماعة من السلف يكرهون قتل الأسرى، والنبي – صلى الله عليه وسلم – لم يقتل من الأسرى خلال حروبه الطويلة إلا عدداً قليلاً كانوا من أكابر عتاة المشركين وقادة الحرب ضد الإسلام وأهله، وفي المسألة خلاف مشهور.
فهذا دليل على أنه ينبغي أَلَّا يقع عدوان على الأسرى، ولا تعذيب بغير حق، وإذا كانت هذه الأشياء كلها مطلوبة، فيجب لهم العلاج المناسب والمعاملة الحسنة وألا يظلم أحد منهم في نفس أو أهل أو مال.
مَلكْنا فكان العَفْو منَّا سَجيَّةً فلمَّا ملكْتُمْ سالَ بالدَّمِ أبْطَحُ
ولا عجبٌ هذا التَّفاوتُ بيْنَنا فكلُّ إِناءٍ بالذي فيهِ يَنْضَحُ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.