سمَّى الله تعالى اليمن بأرض الجنتين ووصف الرسول صلى الله عليه وسلم أهلها بالحكمة، وسجل التاريخ بأنها أرض السعيدة. كلها شواهد درسناها وكأنها جزء من ذلك الزمان ولا تخص الواقع المعاش.. فلم تعد اليمن أرض الجنتين بعد أن جاع أبناءها وعجزت على أن توفر لهم قوت يومهم، وغابت الحكمة عن أهلها، بعد أن استشرى الجهل في أبناءها واحتلت الخرافة مكانها فصارت موطناً للفقر والجهل والمرض.. فكانت البداية لاسترجاع التاريخ عند ما خرج فتيه مؤمنين بأن ما قاله الله ورسوله يخص المكان وليس الزمان.. خرج فيته الحكمة ليرووا أرض الجنتين بدمائهم وتعود السعيدة. فكانت ثورتهم تختلف عما سبق من الثورات التي قام بها رجال دين رأوا بأن الخروج على الظالم والمستعمر واجب ديني.. ومفكرين متشرقين شربوا الحرية من الغرب فعادوا بهذا المنهل إلى شعوبهم فانقسم الشباب بينهم وحصد الجبان ثورتهم فلم يكن لها دور في نماء أوطانهم بل تحررت من مستعمر أو ظالم إلى عسكري مستبد.. بل كانوا فتيه في ربيع العمر قادت في قوتهم أحراراً بأفكارهم أبطال في ساحات التغيير والحرية فتيه لم يكن لدولهم دور في تأهيلهم إنما كرسوا فيهم الجهل لتغيب الحكمة فيهم ناسين بأن الحكمة فيهم مجرى الدم. فتية لم يدرسوا تاريخ قادة الثورات، فلم يكن فيهم قائد بل كانت ثوره من تميز عمره بالثورة فكانت ثورة شباب خطوا بدمائهم على صفحات التاريخ.. نموذج من الثورات والصمود فتعلم منهم مفكرين وعلماء دين معنى الإيثار بالنفس من أجل أن تعيش أمة. مرت سنة على ملحمة الكرامة أختلط فيها ماء السماء بدماء الشهداء لتروى ارض الجنتين بعدها عزفت السماء بمائها خجلاً من دمائهم وأيقنت بأن أرض الكرامة لا تسقى إلا بدماء أبناءها. مرت سنة وما زالت أرض الجنتين ترتوي بدماء أبناءها وكأنها صارت بُور.. أم أن ثمرة الكرامة تختلف عن باقي الثمار فلا يكفيها أن يحول عليها الحول أم أنها قطفت قبل أدائها في غفلة.