نقف اليوم حائرين أمام ما يحدث في الوطن، وكلما حاولنا الاقتراب من مكمن الخلل واجهتنا الأخبار والمعلومات والتحليلات حول الوضع لتزيد حيرتنا، وتزداد همومنا فنقع فريسة لليأس والقنوط، ونخرج بنتيجة مفادها بألاّ نثق في أغلب وسائل إعلامنا أبداً وألاّ نصدق ما يصدر عنها، فلقد تحوّلت الحرب من حرب الأسلحة إلى حرب الأقلام يجوز فيها كل شيء حتى الكذب والخداع والتدليس والتلميع وما إلى ذلك! وانخرط في هذه الحرب مجبرين أو مخيرين العديد من أصحاب الأقلام والفكر ليروّجوا لأصحاب المنفعة داخلياً أو خارجياً، مساهمين بذلك في تأجيج الصراع وتمييع القضية وإلهائنا عن غايتنا التي خرجنا من أجلها، باعوا أقلامهم بثمن بخس دونما أي وازعٍ من ضمير، دون أن ترف لهم عين وها هم ينامون بأعين مطمئنة، لربما كان ضيق الحال أو العوز والحاجة التي دفعتهم لذلك ولكنهم فعلوا، لم يبيعوا أقلامهم فقط ولكنهم باعوا ذواتهم وعرضوها بالمزاد العلني ليأخذها "مين يزود"!.
وتفننوا في وصف بضاعتهم، فأقلامهم تُجيد عدّة لغات "التلميع، التَلَوُن، القدح، التشكيك، الهجوم، الكر، الفر". متوفر منه عدّة أشكال: "بلطجي، إصلاحي، حوثي، صالحي، جنوبي، وشمالي".
تُجيد بالتسامي "التحول من طرف إلى طرف بكبسة زر، وللذي يدفع أكثر". تُجيد اللعب بالورقة والحجر وتمتلك عصا موسى لتحويل المجرم إلى بريء والقاتل إلى ضحية..
وكأني بالبردوني يصفهم بقوله: سقط المكياج، لاجدوى بأن ...... تستعير الآن، وجهاً مفتعل كنت حسب الطقس تبدو ثائراً .... صرت شيئاً ... ما اسمه؟ ياللخجل!!
"- الجهل عدونا الأول" كان الجهل ومازال عدو اليمنيين الأول، ولذلك تمعن صالح في تكريسه في المجتمع وإفساد مؤسسات التعليم وانتشار الغش لإخراج أجيال جاهلة لا تعي أين مصلحتها. ولا نستطيع محاربة الجهل إلا بالعلم، الذي لن ينتشر إلا بكم أنتم يا أصحاب القلم والفكر، آلم تتساءلوا يوماً: لماذا كان القلم أول ما خلق الله؟ ولماذا أقسم عليه؟
وعندما قامت الثورة تأملنا خيراً واستبشرنا بالقادم الأجمل، ولكن بسبب الدور الذي قام به بعض الإعلاميين وانخراطهم في حرب وتصفيات مراكز القوى وفلول النظام والقادم من وراء "النهرين" ضيعتم الجهود وشتتم الأهداف وأغرقتمونا في حرب إعلامية استنزفت قوى المخلصين من الشباب وأصحاب الفكر لنغرق في دوامة من القضايا التي لم نخرج من إحداها حتى تختلقون أخرى، وستستمر هذه المناوشات لنحصر أنفسنا في دائرة مغلقة لن تُخرجنا إلى طريق!
هل تعون الآن فداحة الفعل الذي تقومون به وبشاعة جُرمكم الذي ارتكبتموه في حق الوطن؟ وفي الأخير، أود أن أوجه سؤالي لكل من استبدل الوطن بدراهم قذرة: هل بعتم أقلامكم بعقود حصرية احتكارية مدى الحياة، أم أن هُناك ثمة أمل لعودتكم إلى الوطن، لنخوض معركة العلم معركة النور سوياً؟