في اليمن المسؤولون صنفان لا ثالث لهما: أصحاب أفعال وأصحاب أقوال وهم الأكثرية في اليمن ، ويبدو أن محافظ تعز من الصنف الأخير للأسف الشديد. أعرف أن البداية دراماتيكية، ولكن هذا الكلام استنتجته عند زيارتي للحالمة تعز من أجل معرض الكتاب التي تقيمه مؤسسة المرحوم الحاج هائل سعيد للثقافة والعلوم والذي افتتح يوم الأربعاء 28/ 4 /2010 ، وكان مرافقي في رحلتي التي دامت يومين الأستاذ خالد الفقيرية رئيس قسم التربية الإسلامية في كلية التربية أبين ، وكانت أول مصادفاتنا هناك انقطاع الكهرباء وعند إبداء تذمري تبسم عامل الفندق وقال: هنا تقطع الكهرباء يومياً وأحياناً ثلاث مرات في اليوم! والماء – في بعض الأحياء- يأتي مرتين في الشهر! .. لكن كل ذلك ليس ما يقلق سكان الحالمة فقد تعودوا عليه كما يقولون ، ولكن الأمر المقلق هناك انعدام الأمن، وكل الذين قابلتهم من أبناء تعز ساخطون من تردي الوضع الأمني، ويتمنون من المحافظ أن يبسط الأمن ويأخذ على يد أولئك السفهاء العابثين بأمن المواطن. وقد استمعت إلى خطبة عصماء من خطيب جامع المظفر العريق، وهو يتحدث حول هذه النقطة ويرجو من السلطة المحلية حل هذه المشكلة حتى تعود تعز كما كانت تنعم بالأمن والطمأنينة، ولكن يبدو أن أبناء تعز ينفخون في قربة مخرومة، فالمحافظ الصوفي مشغول بأمور أهم من الأمن وهي عيد الوحدة وانتخابات المجالس المحلية!. ارتبطت تعز في أذهان اليمنيين بالعلم والثقافة وأبناؤها لهم القدح المعلى في ذلك ، بالإضافة إلى معالمها السياحية والتاريخية مثل قلعة القاهرة وجامع المظفر وجبل صبر الذي تنام المدينة في حضنه كل ليلة بأمان وطمأنينة ، وجوها المعتدل طوال السنة والذي جعلها مهوى أفئدة معظم اليمنيين للسياحة وقضاء أجمل الأوقات ، والشيء المميز واللافت لزائر تعز أن العمل مقدس عند أبناء تعز ، فلا تجد هناك فارغاً البتة ولا أدري – والله - لماذا شذ المحافظ الصوفي عن هذه القاعدة!.
هناك شيئان في تعز لا تخطئهما العين: أولهما المشاريع التنموية والأعمال الخيرية التي تقوم بها مجموعة شركات هائل سعيد رحمه الله ، حتى أن سائق التاكسي الذي أخذنا إلى فرزة عدن عند المغادرة ، قال بكل ثقة: أي شيء تشاهدونه في تعز من تنمية وأعمال خيرية هو من عمل تلك المجموعة المباركة! ، ورغم أن كلامه فيه من المبالغة ما فيه إلا أنه يبدو صحيحاً إلى حد كبير!، فمعظم الأعمال التنموية والخيرية في الحالمة تعز تبدو كأنها ماركة مسجلة باسم مجموعة شركات الحاج هائل سعيد رحمه الله تعالى ، أما الأمر الآخر الذي لفت نظري ، فهو عمل الهيئة الوطنية للتوعية ، فشعاراتها وبصماتها واضحة في تعز ، ولا أدري لماذا تنشط في الحالمة تعز ، رغم يقيني التام أن أبناء تعز واعون «وكالة» ولا يحتاجون من يعلمهم حب اليمن! ، ولا تفسير لذلك إلا النهب بصورة شرعية!.
في طريق العودة أخذنا صحيفة الجمهورية الصادرة في تعز وقرأنا تصريحاً للمحافظ الصوفي يبشر بحل كل تلك المشاكل وكأنه يخاطبني! ، فهل سيصدق هذه المرة، أم ستكون مثل وعوده السابقة.