تواجه الحكومة اليمنية الجديدة تحديات كبيرة في مختلف الجوانب، لاسيما الاقتصادية والخدمية، أبرزها الانهيار الحاد للعملة الوطنية، الأمر الذي فاقم كثيرًا من معاناة اليمنيين، الذين باتوا _ حسب الأممالمتحدة _ بغالبيتهم يعتمدون على المساعدات الغذائية. ومع عودة الحكومة إلى العاصمة المؤقتة عدن، ينتظر منها اليمنيون معالجات جذرية لانهيار العملة المحلية كأولوية ملحة، بعد أن أثقلتهم تداعيات الأزمة، وما رافقها من ارتفاع جنوني يصل إلى 200% في أسعار السلع الغذائية والصحية، وسط مخاوف شعبية من فشل الحكومة في معالجة هذا الملف كسابقاتها من الحكومات. مخاوف شعبية وتطمين حكومي رئيس الحكومة الدكتور معين عبد الملك، خلال لقاء له على الفضائية اليمنية، أكد أن الملف الاقتصادي، وتدهور سعر العملة الوطنية، والتضخم الكبير للريال اليمني في السوق المحلي، من أولويات الملفات التي ستعمل الحكومة على معالجتها خلال الأيام القليلة. وترجم ذلك في اجتماعه الأخير، بكوادر وقيادات البنك المركزي اليمني كثاني اجتماع له منذ عودة الحكومة إلى عدن، حيث شدد على ضرورة التسريع بإجراءات تكليف فريق تدقيق خارجي على حسابات البنك، مؤكدًا استقلالية عمل ونشاط البنك المركزي اليمني، وعدم التدخل في كل الإجراءات التي يتخذها لرسم السياسة النقدية. ونوه على أهمية التكامل بين السياسة المالية والنقدية، وإعادة تشكيل وتفعيل عمل المجلس الاقتصادي الأعلى، لبدء مرحلة جديدة، عنوانها الاستقرار الاقتصادي، وتحسين معيشة وأوضاع المواطنين _ بحسب وكالة سبأ _. فيما برزت مخاوف شعبية كبيرة، من أن تلحق الحكومة الجديدة بسابقاتها؛ التي لم يكتب لها البقاء، عقب اتفاقيات هشة انتهت بانفجار الوضع، وتدهور الاقتصاد إلى الأسوأ، خاصة وأن الشق الأهم في اتفاق الرياض، المتمثل في الملف العسكري والأمني، لم يستكمل تنفيذه. وهو ما يخشاه المواطن باسم الحسنى، أحد أبناء محافظة تعز حيث قال : "نستبشر خيرًا بالحكومة الجديدة، خاصة مع عودتها إلى العاصمة المؤقتة عدن. تحديات وحلول غياب الحكومة طيلة الفترة السابقة أحدث فراغًا كبيرًا استشرأ من خلاله الفساد، وطال معظم مؤسسات الدولة؛ خصوصًا الإيرادية، وتحتاج إلى خطوات جادة، وجهد مضاعف، إضافة إلى متسع من الوقت لمعالجتها. ويرى رئيس قسم الاقتصاد بجامعة تعز، الدكتور فؤاد ناصر البداي، أنه يتوجب على الحكومة للنهوض بالاقتصاد، وإيقاف انهيار العملة بدرجة أساسية الاستمرار في أداء مهامها من العاصمة المؤقتة عدن، إضافة إلى تعزيز قدراتها في تحصيل الإيرادات، وضبط السياسة النقدية، مع حشد المساعدات الإنسانية، وحصر التحويلات عبر البنك المركزي. ويضيف البداي خلال حديثة للصحوة نت، أنه إذا تمكنت الحكومة من تحقيق ذلك؛ سيكون حاسمًا في تحسين سعر الصرف وسيثبته بشكل دائم وليس مؤقت، كما هو الحال في الحكومات السابقة، مشيرا إلى أنه لن يتم ذلك إلا إذا كانت الخلافات السياسة قد انتهت، والالتزام بتنفيذ بنود اتفاق الرياض بشقيها السياسي والعسكري. ويتفق معه الصحفي المعتصم الجلال، في إن تواجد الحكومة في العاصمة المؤقتة عدن، بحد ذاته يعطي دفعة قوية لجميع مؤسسات الدولة في أداء مهامها بشكل مضاعف، وسيحقق بعض من التقدم على المستوى الاقتصادي والخدمي. ويعتقد الجلال، أن العملة الوطنية ستشهد تحسنًا ملموسًا تماشيًا مع تفعيل المؤسسات الإيرادية، وضخها في وعاء واحد متمثل في البنك المركزي بعدن والبنوك الأخرى في المحافظات المحررة، إضافة إلى زيادة إنتاج النفط وتصديره، وإشراف الحكومة على كافة المواني. هل ستنجح ؟ هذه الملفات الشائكة يضع الحكومة أمام تحدي كبير، يحتاج منها خطوات حقيقة، وجهود مضاعفة لمعالجتها بشكل جذري، يضمن استقرار سعر الريال اليمني بشكل ثابت، والذي بدوره سينعكس إيجابًا على الوضع المعيشي في البلاد، وسينقذ معه ملايين اليمنيين، من جحيم المجاعة والفقر فهل ستنجح في ذلك؟ الصحفي الاقتصادي وفيق صالح، قال: "تستطيع الحكومة إذا كانت تمتلك الإرادة والخطط الاقتصادية السليمة، والبرامج العملية، من إيقاف عملية التدهور الاقتصادي؛ من خلال تفعيل كافة مؤسسات الدولة، واستئناف عملية الصادرات المعطلة منذ بداية الحرب، مثل صادرات النفط والغاز، وكذلك وقف عملية نهب الإيرادات الضريبية والجمركية، وإيداع عائدات تلك الموارد في البنك المركزي بعدن. ولضمان استقرار سعر العملة يرى صالح خلال حديثه للصحوة نت "أنه لا بد من تفعيل الأدوات النقدية للبنك المركزي، واختيار كوادر مؤهلة ذات كفاءة عالية في إدارة مؤسسات الحكومة، من أجل الارتقاء بأداء الحكومة وتحسين الإيرادات، وحمايتها من العبث والنهب. ويضيف "الأهم انتظام عمل الحكومة من الداخل، وعدم إحداث أي فراغ في مؤسسات الدولة، وكذلك حل مشكلة الانقسام النقدي، وعملية حظر الطبعة الجديدة من العملة، والتي فاقمت من معاناة المواطنين بصورة جنونية" ويعتقد صالح، أن الحكومة ستتمكن ببساطة من الإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه المواطنين، وتحسين مستوى الخدمات؛ إن هي تواجدت على الأرض، وفعلت كافة المؤسسات الايرادية، وحاربت عملية الفساد المستشري في معظم المؤسسات المحلية، وأوقفت كافة أشكال النهب والعبث الذي طال إيرادات الدولة طيلة السنين الماضية. آمال وتطلعات يعول الشعب اليمني كثيرًا على الحكومة الجديدة، كونها ولدت بعد مخاض عسير عمره أكثر من سنة، وأتت نتيجة توافق وطني ومناصفة بين مختلف القوى السياسية، وبمباركة ورعاية دول التحالف الداعم الأول للشرعية اليمنية، إضافة إلى عودتها للعاصمة المؤقتة عدن وأداء مهامها منها. ويتوقف نجاحها في إدارة هذه الملف؛ على كيفية تسخير الدعم الذي تحدث عنه رئيس الوزراء واستخدامه وفق آلية تعزز من قدرات البنك المركزي وتجعله المتحكم الرئيس بالسياسة النقدية.