( إدارة الإرهاب كأزمة ) وضعت الحكومة اليمنية إستراتيجية لمكافحة الإرهاب في 2002 تمثلت في جملة من الإجراءات المؤسسية أهمها الجانب الأمني كإنشاء الإدارة العامة لمكافحة الإرهاب وإنشاء مصلحة خفر السواحل وتنفيذ خطة الانتشار الأمني وغلق أسواق بيع الأسلحة،وتجميد أصول وأموال أفراد وكيانات بحسب القوائم الصادرة من مجلس الأمن الدولي،وتعزيز المعلومات الإستخباراتية مع الدول الإقليمية والدولية، توحيد التعليم وإغلاق المراكز المتطرفة،وتشكيل لجنة للحوار من كبار العلماء والمرشدين والمصلحين الاجتماعيين. ترحيل الأجانب المقيمين بصورة غير الشرعية. وفي سبتمبر 2012 أقرت الحكومة اليمنية إستراتيجية ثانية لمكافحة الإرهاب تهدف إلى تجفيف مصادر التمويل ومساعدة لجنة الشئون العسكرية بموجب المبادرة الخليجية و توعية المواطنين بمخاطر الإرهاب والتطرف، وارتكز تنفيذ هذه الإستراتيجية على نوعين من الإجراءات ، الأولى ذات طبيعة أمنية عسكرية ، والثانية ارتبطت بالإجراءات الحكومية والمجتمعية وتنصب على الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وأنيط بالحكومة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني القيام بذلك ، على أن يتزامن مع ذلك تغطية إعلامية شاملة تبين خطورة الإرهاب على امن المجتمع اليمني واستقراره وعلى محيطه الإقليمي. لا شك وأن القائمين بتنفيذ هاتين الإستراتجيتين قد بذلوا جهودا لا يمكن إنكارها مواجهة الإرهاب، ولعل التقارير الأمنية والصحفية المتواترة ما يؤيد هذا الطرح من حيث القبض على عديد من الأفراد والقيادات في تنظيم القاعدة وأعداد المحكمات المعلنة،فضلا عن ما تقوم به الطائرات بدون طيار من نشاط محموم في ملاحقة الخلايا المتناثرة في مناطق عديدة اليمن. ورغم هذا جميعه نجد بأن نشاط هذا التنظيم لا يزال مطردا،وكأن هذه الإجراءات لا تؤثر جوهريا في نشاطه أو بنائه الاجتماعي. وبقراءة سريعة لهاتين الإستراتجيتين مرة أخرى لا نلحظ بأن هناك فرق جوهري بينهما، رغم مرور أكثر من عشرة سنوات بين الأولى والأخيرة، حيث تكاد عناصر الإستراتيجية الأخيرة تتطابق تماما مع الأولى عدا أنها أعطت دور لبعض الكيانات الاجتماعية مثل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني في مواجهة هذه الظاهرة، والذي أنصب على الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ويؤخذ عليها في هذا إغفال المؤسسات التربوية رغم دورها المحوري في هذا المجال. إننا بحاجة إلى إستراتيجية واضحة وواقعية ودائمة يمكن تنفيذها لمكافحة هذه الظاهرة على المدى البعيد، ويبدو بأن إعداد نسخة الإستراتيجية الثانية 2012 جاء على عجل، وتكاد أن تكون نسخة عن سابقتها وكأن ظاهرة الإرهاب جامدة لا تتغير،فهي لم تراعي بأنه عند إعداد نسخة إستراتيجية عام 2002 كان ترتيب اليمن في مؤشر الإرهاب العالمي بين دول العالم يتراوح بين 20 و 37 بين عامي 2002 و 2009 ، وأن اليمن الآن تحتل المرتبة الخامسة في 2012، أي في العام الذي تم فيه إقرار الإستراتيجية الثانية، الأمر الذي يفرض نفسه بالضرورة في إعادة النظر بالإستراتيجية القديمة عند وضع الإستراتيجية الجديدة لتتلافى القصور والعجز التي اعتراها سابقا خلال التعامل مع هذه الظاهرة حينها، وهذا ما لم يتم أخذه في الحسبان . وهذه الطريقة المتعجلة في مواجهة هذه الظاهرة قد تزيد من صعوبة التعامل مع هذه الظاهرة ،وستضع المجتمع اليمني أمام تحديات كبيرة في هذا المجال مستقبلا سيما وأن مؤشرات الإرهاب العالمي القادمة لا تستبعد تصدر اليمن للمرتبة الأولى في العالم - بعد استثناء العراق إقليميا وأفغانستان دوليا كدولتين لهما وضع خاص ناتجة عن تداعيات الحرب والاحتلال- لتزايد أعداد العمليات والضحايا جراء النشاط المحموم لتنظيم القاعدة في اليمن خلال عامي 2012 و 2013 والذي فاق نشاط فروع القاعدة في باكستان والهند اللتان تحتلان الترتيب الثالث والرابع على التوالي بعد العراقوأفغانستان في المؤشر العالمي للإرهاب. أننا ندرك الصعوبات التي تواجهها بلادنا في مواجهة هذه الظاهرة سواء من النواحي الاقتصادية والجغرافية أو من النواحي الاجتماعية والسياسية سيما خلال هذه الفترة الحرجة التي نعيش فيها مرحلة انتقالية وهي بغاية الحساسية والتعقيد،وندرك أيضا أهمية أن يولي المجتمع الدولي اهتماما اكبر في مساعدتنا في مكافحة الإرهاب نتيجة لظروفنا وإمكانياتنا المتواضعة. وفي انتظار ذلك يمكننا البدء برسم إستراتيجية شاملة بتأني لمكافحة العنف السياسي (الإرهاب) ، تنطلق من التعامل مع الإرهاب باعتباره أزمة وطنية National Crises' أولاً وأزمة دولية ثانياً ، معتمدين في ذلك على إمكاناتنا المتوفرة الحالية. فالإرهاب كخطر وتهديد يمكن أن ندرسه ونتعامل معه في إطار (إدارة الأزماتManagement Crises) أي أن نقوم بمعالجة ظاهرة الإرهاب إداريا، باعتبارها أزمة إدارية لم تتوفق الأساليب والعمليات الإدارية المتخذة لمواجهته حتى الآن في الحد أو التقليل من أخطاره وتهديداته. فالإرهاب كأزمة هو نتاج عدة عناصر رئيسة،وضمن هذه العناصر تدخل العمليات والأسباب والنتائج. ومفهوم إدارة الأزمة يشير إلى كيفية التغلب على الأزمة باستخدام الأسلوب الإداري العلمي من أجل تلافي سلبياتها ما أمكن، وتعزيز الإيجابيات فيها، من خلال الحصول على المعلومات اللازمة التي تمكن الإدارة من التنبؤ بأماكن واتجاهات الأزمة المتوقعة، وتهيئة المناخ المناسب للتعامل معها،عن طريق اتخاذ التدابير الممكنة للتحكم بالأزمة المتوقعة والحد منها أو تغيير مسارها لصالح المجتمع. فإدارة الأزمة عملية إدارية متميزة لأنها تتعرض لحدث مفاجئ، ولأنها تحتاج لتصرفات حاسمة سريعة تتفق مع تطورات الأزمة، وبالتالي يكون لإدارة الأزمة زمام المبادأة في قيادة الأحداث والتأثير عليها وتوجيهها وفقاً لمقتضيات الأمور، سوء من حيث إمكانية تجنب حدوثها من خلال التخطيط للحالات التي يمكن تجنبها أو إجراء التحضيرات للأزمات التي يمكن التنبؤ بحدوثها في إطار نظام يطبق مع هذه الحالات الطارئة عند حدوثها بغرض التحكم في النتائج أو الحد من آثارها التدميرية . وترجع أصول" إدارة الأزمة " إلى الإدارة العامة أي إلى دور الدولة فهي مسئولة بدرجة أساسية في مواجهة الأزمات والكوارث العامة المفاجئة وظروف الطوارئ، مثل الزلازل، والفيضانات، الأوبئة، والحرائق، والحروب الداخلية بين الجماعات، والهجمات الإرهابية و..غيرها. والتعامل مع ظاهرة العنف السياسي (الإرهاب) في بلادنا يظهر بشكل جلي بأنه لا يتم من خلال استخدام الأسلوب الإداري العلمي والذي يتطلب جهة (إدارية) واحدة مستقلة كمبدأ أساسي في الإدارة،حيث نجد أن هناك أكثر من جهة أمنية موكل إليها مهام مواجهة الإرهاب، وهي وحدات وأقسام متناثرة،مثل القسم الخاص في الحرس الجمهوري، والإدارة العامة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة التابع لوزارة الداخلية، وقطاعي الأمن السياسي والأمن القومي، وربما تكون هناك أجهزة أمنية أخرى لا نعلمها، ويبدو بأن كلا منها يعمل بشكل مستقل عن الأخرى وغيب الانسجام والتنظيم وتوزيع المهام فيما بينها.ونرى بتوحيد هذه الأقسام والإدارات ووضعها في إطار موحد هي خطوة أولية في الاتجاه الصحيح، وأساس قوي يمكن أن نبني عليه عند وضع أي إستراتيجية مستقبلية في هذا المجال. ولعل الجهود المبذولة حاليا من اللجنة العسكرية المنوط بها إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن ستساعد في هذا الاتجاه أيضا. أن توحيد هذه الجهات إداريا سيساعد في التعامل مع الإرهاب عندما ننظر إليه كأزمة إدارية، فالإرهاب مبدئيا يتشابه في أسبابه كأزمة مع بقية أنواع الأزمات التي يمكن مواجهتها إداريا مثل أزمات الكوارث الصناعية أو الطبيعية أو المهجنة أو البشرية أي التي تنتج عن أخطاء بشرية. فمعظم الأزمات تتشابه في أسبابها بكونها تنشأ من عشوائية الإدارة، وتعدد جهاتها، وغياب الانسجام بين أطرافها،والبطء في اتخاذ قرارات فعالة وسريعة، وتضارب المعلومات حولها و..غيرها. ولذلك نعتقد بأن توحيد الجهات الأمنية سيحد من عشوائية الإدارة وسيخلق نظام عمليات موحد، وسيتم اتخاذ قرار واحد سريع وفعال واستجابة صحيحة تجاه كل نشاط عنف أو عملية إرهاب من جهة واحدة متفق عليها، كما سيتم التقليل من تعارض المصالح والابتزاز والأهداف الشخصية، فتعدد الجهات يؤدي إلى الإتكالية وكثرة الشائعات وسوء الفهم في تحليل المعلومات، وسوء تقدير في أعطاء قيمة للمعلومات نتيجة للشك وعدم الثقة بين الأفراد أو الثقة بالنفس المبالغ فيها في كثير من الأحيان، كما سيقلل من الأخطاء البشرية الناتجة عن ضعف التدريب التي تعكس تكرار التعامل غير المتقن الأداء في كل مرة تحدث فيها عملية عنف من نوع ما . لا يستطيع أحد أن يقلل هنا من جهود تلك الجهات الأمنية الوطنية في مواجهة الإرهاب،ولكننا ننظر إلى تلك الجهود بأنها غير منسجمة،حيث تحدث الكثير من العمليات وبنفس الأسلوب تقريبا، دون أن تحدث استجابات جديدة نوعية فعالة وسريعة وحاسمة، بل نشاهد نفس الأساليب غير المتقنة في التعامل مع نفس المواقف، ولنأخذ مثالا بسيط على ذلك،فعملية معسكر (دوفس) مثلا تم فيها هجوم بسيارة مفخخة ثم هجوم جماعة أفراد مسلحون يقتحمون المعسكر ويسيطرون عليه وهذا بالضبط ما حدث في هجوم النشيمة والهجوم على مقر قيادة المنطقة الثانية بالمكلا،والهجوم في العرضي والهجوم على مبنى الأمن العام في مدينة خور مكسر بعدن،والهجوم على السجن المركزي بصنعاء و..غيرها الكثير. ويظهر سوء الإدارة وعشوائيتها أيضا في أبسط الأمور مثل عدم وجود متحدث رسمي من أي جهة من هذه الجهات يوضح وقائع الحادثة من ضحايا وخسائر والخطوات التي اتخذت ويبعث برسائل تطمينية لأهل الضحايا ولأفراد المجتمع ويمنع الشائعات ويعرض الحقائق بكل شفافية و.. غيرها . وهذه الخطوة مهمة للغاية لأنها تعيد الثقة بين أفراد المجتمع وهذه الجهات من ناحية، وتعكس توقعات المجتمع حول مهنيتها وجديتها في التعامل مع هذا النوع من الأزمات من ناحية أخرى.وعلى العكس من ذلك فأننا نحصل على المعلومات من الصحفيين الذين غالبا ما يهولون من الحادث أو من الضحايا المصابين أو من أفراد لا صلة لهم بهذا المجال مثل الرموز السياسية كالمحافظين ووكلائهم ومدراء الأمن و..غيرهم، وهي تصريحات لا تزيد عن كونها عبارات تعاطف ووعود بالثبات لا تسمن ولا تغني من جوع. ولذلك ومع الأسف نجد ردود أفعال الناس تعبر عن الشفقة على أفراد هذه الأجهزة،وتظهر عليهم دلائل ضعف الثقة بهم،ونسمع كلام مثل " هؤلاء مش قادرين يحموا أنفسهم وكيف بايحمونا" و " هؤلاء يعرفوا يفحطوا بالأطقم فوق الناس بس " و " هؤلاء حيلهم على الضعيف بس" ، بل ونسمع كلام خطير وأسوء من هذا عندما يرى الناس تصرفات طائشة من بعض أفراد الأمن مثل " والله ما لهم إلا القاعدة يربوهم "، و " والله يستهلوا ما يلقوه من القاعدة ". وأما الحديث عن استجابة المسئولين فهي تأتي دائما متأخرة تجاه هذه الأحداث المروعة في كثير من الأحيان ، وعبر القناة الإعلامية الرسمية في نشرة الرابعة أو التاسعة،بعد أن تكون وسائل الإعلام الخارجية وشبكة التواصل الاجتماعي قد ناقشت وحللت الأسباب والنتائج والتداعيات ونشرت صور وتسجيلات ولقاءات حول الموضوع منذ وقوعه،ومع ذلك نفاجأ بصدور بيان لا يضيف شيء ولا يشبع فضول الناس،وبتصريح من مصدر مسئول في وزارة الداخلية الذي لا نعرفه حتى اليوم،وذلك لعدم وجود جهة أو شخصية رسمية تقوم بهذه المسؤولية. أن الإرهاب كأزمة له خصائص يتشابه بها مع معظم أنواع الأزمات الأخرى،فهو حدث مفاجئ وعنيف ومعقد ويحمل تهديد خطير،وأحداثه متسارعة بحيث تتشابك أسبابه ونتائجه، وهو حالة من عدم التأكد نتيجة نقص المعلومات ، وقلة المعرفة ، ومن ثم ضعف القدرة على التنبؤ باتجاه حركته كأزمة فأضرارها تتداعى في نواحي عديدة، مما يولد تشويشا وغموضا عاليا وضغطا كبيرا وصعوبة بالغة في اتخاذ القرار واختيار البديل الأفضل، بسبب سيادة حالة من التوتر والقلق والتشكك والإرباك والخوف من فقدان السيطرة.وهذا جميعه يحدث لغياب إدارة متخصصة للتعامل مع الإرهاب كأزمة تكون قادرة ومتمكنة من سرعة التدخل من خلال خطة منهجية للتعامل معه في سبيل التقليل من تعقيد الموقف الأزموي ، ولعل تحديد جهة بعينها للقيام بذلك يصبح حاجة ملحة وضرورة غاية في الأهمية يجب الاستعجال في ترتيبها في أقرب وقت ممكن. ورغم أن الإرهاب كأزمة يتشابه في أسبابه وخصائصه مع معظم صور وأشكال الأزمات الأخرى، إلا أن عديد من الدراسات ووجهات النظر في مجال دراسة الأزمات تذهب في تصنيفه في مربع مستقل عن بقية الأزمات الأخرى. فالإرهاب لا يدخل ضمن الأزمات التقليدية التي يمكن التنبؤ بها، وتكون إمكانية التأثير فيها معروفة ومحددة.ولا يدخل الإرهاب ضمن الأزمات غير المتوقعة وهي الأزمات نادرة الحدوث التي لا يمكن التنبؤ بها مقارنة بالأزمات التقليدية.كما لا يتم تصنيف الإرهاب ضمن الأزمات العنيفة وهي الأزمات التي يمكن توقع حدوثها مع صعوبة التأثير فيها لكونها أزمات غير مرنة ، إذ يصعب السيطرة عليها وتوجيهها ، كالإنفجارات التي تحصل في المفاعلات النووية ، والهزات الأرضية ، وحوادث الإزدحامات والتدافع في الملاعب والمناسبات مثلا،بل يصنف الإرهاب ضمن الأزمات الأساسية Fundamental وهي التي تمثل صنف الأزمات الأكثر خطورة وهي نادرة الحدوث ومجهولة، كونها تجمع غياب القدرة على التنبؤ وإمكانيات التأثير المقيدة، مما يزودها باحتمالية تدميرية هائلة،وتظهر بشكل سريع ومفاجئ. ويكون الاستعداد والاستجابة لمثل هذه الأزمات غير معروفة وغير كفوءة ، بسبب استحالة تقدير المؤشرات الضرورية للتحضير إلى هذا الصنف من الأزمات ، وخاصة الزمان والمكان ، واحتمالية الحدوث ، والإجراءات المضادة المناسبة ، لذا من الصعب منع أو تحييد هذا النوع من الأزمات . أن التعامل مع ظاهرة العنف السياسي "الإرهاب" يبدو تحدي يكاد يكون من الصعب التغلب عليه.ورغم ذلك يمكننا من خلال تفهم أسبابه وخصائصه كأزمة إدارية أن نتعامل معه ونحد قدر المستطاع من نشاطه المدمر. والنظر إلى الإرهاب باعتباره أزمة يُعد من المداخل المهمة التي نلفت النظر إليها،وبإمكانية الجهات التنفيذية من اتخاذها كسبيل عند التعامل معه كأزمة أساسية. ونعتقد هنا بأننا بحاجة إلى تقييم الاستراتيجيات السابقة في هذا المجال والاستفادة منها وتطويرها إلى إستراتيجية طويلة المدى تقوم على أسس علمية واضحة يتم صياغتها بتأني وواقعية ، وبإمكانية تنفيذها بحدود إمكانياتنا، تتضمن تحديد جهة واحدة محددة للتعامل مع هذه الظاهرة ، مع منح اللامركزية للجهات التابعة لها أو المتفرعة عنها في اتخاذ القرار لتامين التدخل السريع عند حدوث هذا النوع من الأزمات ، والأعداد المنظم والتنظيم الأمني الفعال، واتخاذ الإجراءات المضادة غير تقليدية ، والاستفادة من الخبرات المتراكمة،والتقييم والفحص المستمرين لتطوير الأداء ،ولابد من جهد مشترك على الصعيد الخارجي سيما للدول التي تواجه مخاطر هذا النوع من الأزمات. وفي هذا المقام قبل عرض المقترح للتصور الأولي لشكل إستراتيجية وطنية يمنية شاملة لإدارة ومواجهة الإرهاب كأزمة، نعتقد بأهمية القيام بهذا الإجراء وهو الدعوة لعقد مؤتمر وطني حول ظاهرة الإرهاب ، بحيث يتم توجيه الدعوة للمشاركة فيه فئات واسعة ومتنوعة من الأفراد في المجتمع،ويتمخض عنه تشكيل لجنة وطنية مستقلة تضم أفراد من مختلف التخصصات، وذلك لتوسيع المشاركة المجتمعية، وللتخلص من أسلوب التفرد في وضع سياسة منفردة في مواجهة أزمة وطنية بهذا الحجم ترتبط بالأمن القومي للدولة تهم جميع الأفراد وليس جهة معينة بعينها. تتولى هذه اللجنة تقييم الاستراتيجيات السابقة وتعمل على إعداد إستراتيجية وطنية شاملة لإدارة هذه الأزمة، يتكون أعضائها من متخصصين من أمنيين وعسكريين واجتماعيين ونفسيين وأطباء وتربويين وإعلاميين، وشخصيات سياسية وحقوقية واقتصادية ودينية،ويترافق مع هذا إلغاء أي جهات أخرى كانت تقوم سابقا بإدارة أي مهام في هذا الجانب،ويصدر بذلك قرار جمهوري يحدد اختصاصاتها وصلاحيتها و..غيرها، حتى تأخذ هذه الخطوة طابع الرسمية من ناحية وطابع الجدية من ناحية أخرى.وفيما يلي نعرض المفاهيم والأهداف والعناصر والمهام والخطوات الإجرائية للإستراتيجية الوطنية المقترحة لمكافحة الإرهاب : أولا: مفهوم إدارة الإرهاب كأزمة : بناء على طبيعة هذه الأزمة المفاجئة والخطرة والمعقدة فأن مفهوم إدارتها يتم النظر إليها باعتبارها عملية إدارية خاصة تتمثل في مجموعة من الإجراءات الاستثنائية التي تتجاوز الوصف الوظيفي المعتاد للمهام الإدارية،من خلال القيام باستجابات إستراتيجية حاسمة لمواقفها الأزموية المتنوعة. ثانيا : الهدف : بما أن الإرهاب عملية تحدث بصورة مفاجئة من الصعوبة التنبؤ بحدوثها وتحدث آثارا وخسائر تدميرية في نواحي عديدة،فأن هدف إدارة هذه الأزمة الأساسي هو السعي نحو تحقيق درجة استجابة سريعة وفعالة لتقليل الخسائر إلى الحد الأدنى، عن طريق الاستعداد لها بتوفير الإمكانات والدعم الممكن لإعادة الأوضاع إلى حالة التوازن الطبيعية،وأن تدار الأزمة بواسطة مجموعة من القدرات الإدارية الكفوءة وأصحاب الخبرات في التعامل مع هذا النوع من الأزمات. ثالثا : عناصر ومبادئ إدارة الإرهاب كأزمة : بناء على تحديد مفهوم هذه الأزمة،فأن أسلوب إدارتها سيتطلب اتخاذ إجراءات استثنائية للتعامل معها لم تتخذ من قبل بصورة رسمية. ومن هنا تحتاج هذه الإدارة إلى احتياجات ومهارات إدارية مناسبة، والتي يطلق عليها البعض مصطلح الإدارة بالاستثناء Management By Exception حيث تخرج الأوامر الإدارية عن مسار الأوامر العادية، وعن الهياكل التنظيمية القائمة وتصبح السلطات مسندة إلى فريق عمل لديه كافة الصلاحيات والمسؤوليات للتعامل مع الأزمة والذي يتيح لها اتخاذ بعض الإجراءات الاستثنائية،وعليه فأنه يتوقع من هذه اللجنة الوطنية تتبنى مبادئ أساسية في عملها وان تتخذ عديد من الإجراءات الاستثنائية،ويمكن هنا أن نشير إلى بعض من هذه المبادئ والإجراءات كما يأتي : أولاً : المبادئ : - أن تتبع النهج المنفتح في التعامل مع هذه الأزمات كأحد المبادئ المتبناة،مثل إمكانية فتح قنوات الاتصال مع جماعات تنظيم القاعدة وأي جماعات عنف سياسي أخرى والحوار معهم.وهي خطوة جريئة واستثنائية وستوفر الكثير من الدماء والخسائر.وهذا النهج ليس جديدا في سياسة مواجهة جماعات العنف فقد اتبعت أمريكا هذا الأسلوب مع قاعدة أفغانستانوباكستان، فضلا عن أن هذا النهج يدخل ضمن باب تجنب الأزمات الذي يُعد منهج إسلامي. - اعتماد مبدأ اللامركزية ،وذلك من خلال منح تفويض مسبق للمديرين المعنيين في الإدارات أو الجهات المختلفة التابعة لها في اتخاذ قرارات إستراتيجية لإدارة الأزمة تتقدم على الوقت ، ومن ثم سرعة التنفيذ،فنجاح هذه الإدارة في مهامها يعتمد بصورة رئيسة على هذا العنصر أو المبدأ الأساسي فهو يتماشى مع طبيعة هذه الأزمة المتسارعة الأحداث التي تتطلب اتخاذ قرارات سريعة للتعامل معها وعدم الانتظار لتوجيهات مركزية بشأنها.بل على العكس حيث المركزية ستحكم بالفشل على هذه الإدارة من الوهلة الأولى. - اعتماد مبدأ الشفافية كسلوك عام لها قبل وأثناء وبعد الأزمات،من خلال اطلاع أفراد المجتمع بجميع المعلومات الحقيقية حول عمليات العنف ولا تتركهم عرضة للشائعات والتضليل، انطلاقا من أن هذه الأزمات هي هموم وشئون قومية تهم الجميع وليس فئة خاصة كما كان سابقا، والابتعاد عن هذا النهج لا شك وأنه سيسيء لسمعة هذه الإدارة الوطنية وسيجعلها محل شكوك وظنون هي في غنى عنه،فضلا عن أن عدم الشفافية وإخفاء المعلومات لا يخدم قضية المشاركة الاجتماعية في مواجهة هذه الظاهرة. - اعتماد مبدأ العمل الجماعي والابتعاد عن العشوائية الإدارية واعتماد التنظيم والدقة في حسن تحديد وتشخيص المواقف وجمع المعلومات والبيانات عنها وتحليلها،ومناقشة الحلول والبدائل وتقييمها واختيار الحلول المناسبة بينها بصورة جماعية والابتعاد عن الاجتهاد والارتجال.
ثانيا : الإجراءات : - السعي نحو استصدار قانون لمكافحة الإرهاب. وللابتعاد عن إشكالية التعريف يمكن صياغة تعريف إجرائي للإرهاب يكون خاص بهذه الإدارة العامة،بحيث يصف هذا التعريف المظاهر السلوكية لهذه الظاهرة باعتباره عنف سياسي يسعى إلى تحقيق أهداف سياسية مثل إسقاط النظام السياسي للدولة بالعنف المادي والمعنوي، وذلك لتمييز بينه وبين الأعمال الإجرامية الأخرى التي لا تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية. - العمل على توحيد جميع الجهات أو الدوائر أو الأقسام الأمنية الموكل إليها مهام مكافحة هذه الظاهرة في إدارة واحدة فقط،تعمل تحت إشراف الإدارة العامة،ويصدر بهذا قرار رئاسي. - الفعل الحاسم ، فهذا النوع من الأزمات تحدث بسرعة غير متوقعة وتخلف مشاكل عدة مما يستدعي أن تكون الاستجابة فاعلة وحاسمة وايجابية بما يقلص حجمها أو يخفف من تأثيراتها المصاحبة. - وضع سياسة واضحة للتعامل مع العمليات العسكرية التي تقوم بها الطائرات بدون طيار. فهذا الأسلوب رغم فعاليته حسب وجهة النظر الأمنية، إلا أنه لا يلقى تأييد شعبي نتيجة للأخطاء المتكررة في الأهداف المستهدفة والتي راح ضحيتها الكثير من المدنيين الأبرياء. - وضع خطة متكاملة لعملية استعادة النشاط سيما في تلك المواقع التي تعرضت لحوادث وأعمال عنف،مع توجيه الاهتمام فيها إلى الضحايا بدرجة أساسية، وأهمها وضع المعايير المناسبة لتحديد الأضرار والتعويضات للضحايا والمصابين وسدادها سريعا ودون تأخير. رابعا : المهام : ستقوم اللجنة الوطنية باعتبارها الإدارة العامة لإدارة هذه الأزمة بعديد من المهام أهمها: - استحداث إدارات فرعية متخصصة لها تساعدها في أداء مهامها مثل الإدارة الإعلامية والأمنية والاجتماعية والسيكولوجية والقانونية والاتصالات و..غيرها حسب الاحتياج. - إعداد خطة إستراتيجية عامة لإدارة هذه الأزمة تشترك بإعدادها جميع هذه الإدارات الفرعية مع الإدارة العامة. - القيام بجميع الوظائف الأخرى المعروفة الخاصة بالإدارة العامة مثل التخطيط والمالية والموارد البشرية والرقابة و..غيرها. ويمكن أن نحدد أبرز مقومات الإدارة الفعالة للأزمات من خلال أدبيات الدراسات التي تطرقت لتلك المقومات مثل : تبسيط الإجراءات وتسهيلها،إخضاع التعامل مع الأزمة للمنهجية العلمية، تقدير الموقف الأزموي، تحديد الأولويات، فتح قنوات الاتصال والإبقاء عليها مع الطرف الآخر،الوفرة الاحتياطية الكافية،التواجد المستمر في مواقع الأحداث،إنشاء فرق مهمات خاصة،وتوعية المواطنين. خامسا : الخطوات الإجرائية للإستراتيجية الوطنية : يمكن تقسيم الإستراتيجية الوطنية الشاملة إلى فرعين أساسيين، الأول: القريب المدى ومهمته تنفيذ إستراتيجية قريبة المدى،والثاني : البعيد المدى ومهمته تنفيذ إستراتيجية بعيدة المدى .ويتم اتخاذ الإجراءات التنفيذية فيهما بخط متوازن،ويعملان بأسلوب أو منهج تكاملي . تتولى الإدارة العامة (اللجنة الوطنية) إدارة الأزمة في الفرع الأول من الإستراتيجية الوطنية الشاملة وهي الإستراتيجية القريبة المدى، والتي سينبثق عنها فريق عمل يتكون من مجموعة من الإدارات تحددها الإدارة العامة (اللجنة الوطنية) وتسمى فرق التعامل مع الأزمة،تقوم بمهام وظيفية معينة، قوامها التصدي للازمة، والحد من أخطارها وتهديداتها،ومعالجتها،والتعامل مع القوى التي صنعتها والتي تضررت منها، وأما الفرع الثاني من الإستراتيجية الوطنية الشاملة وهي الإستراتيجية البعيدة المدى، فستتولى إدارتها الحكومة وجميع أجهزتها التنفيذية،سيتم عرض خصائص ومهام ومتطلبات وإجراءات الإستراتيجية البعيدة المدى في الصفحات القادمة،والآن نعرض خصائص ومهام الفرع الأول المتمثل بالإستراتيجية القريبة المدى كما يأتي : الفرع الأول : الإستراتيجية القريبة المدى من الإستراتيجية الوطنية الشاملة: وتتضمن استحداث عدد من الإدارات الفرعية تتفرع عن الإدارة العامة كخطوة إجرائية مستعجلة مهمة لإدارة الأزمة،ويمكن هنا الإشارة إلى بعض هذه الإدارات التي نعتقد بأهميتها كما يأتي: إدارة التخطيط لمواجهة الأزمة : يعتبر التخطيط متطلبا أساسيا في عملية إدارة الأزمة، فبغياب القاعدة التنظيمية للتخطيط لا يمكن مواجهة الأزمات.والتخطيط بأبسط معانيه يعني التحديد المسبق لما يجب عمله وكيف نقوم به ومتى وأين ومن سيقوم به. ومع الأسف نجد بأن الإستراتجيتين المذكورتين أعلاه في مواجهة ظاهرة الإرهاب كلاهما أهملتا جانب التخطيط، بل لم يتم حتى مجرد الإشارة إليها. ولذلك ظهرت الكثير من السلبيات التي رافقت أداء الجهات المعنية بمواجهة هذه الظاهرة والذي يمكن أن نعزوه بسهولة إلى غياب وجود إدارة تخطيط تعتمد على التخطيط المنهجي والمبرمج والمدروس في إدارة أزمة الإرهاب. وعليه فأن استحداث هذه الإدارة إجراء مهم في نجاح تنفيذ مهام اللجنة الوطنية لمكافحة ظاهرة الإرهاب.حيث ستقوم هذه الإدارة بوضع الخطة العامة المركزية لإدارة هذه الأزمة بمشاركة الدوائر الفرعية، وبناءا على الخطط الخاصة بها التي سترفعها إليها،وستتخذ بشأنها مجموعة من الترتيبات والقوانين والأنظمة التي ترتبط بحقائق الأزمة وبتصورات الأوضاع المستقبلية كعملية شمولية تكاملية، تفيد في الحد من الخسائر البشرية والمادية عند وقوع أزمة ناتجة عن هجمات عنف إرهابية، وننوه بأن مقومات نجاح هذه الإدارة هو توفر المعلومات الكاملة ودقتها لتسهيل عملية اتخاذ القرارات وللمساعدة في استشراف الأزمات وهو جوهر عملية التخطيط . يمكن هنا الإشارة إلى بعض المهام التي ستتولها هذه الإدارة وهي : - تحديد الإدارات الفرعية التخصصية التي ستتضمنها الإدارة العامة. - وضع السيناريوهات المحتملة الجيدة و السيئة منها من خلال عرض لما يمكن أن يحدث عند وقوع الأزمة وما قد يرافقها من تطورات وتداعيات مختلفة،وهذه الخطوة مهمة لتحديد الإجراءات اللازمة لمواجهتها ولتسهيل عملية اتخاذ القرار أثناء مواجهتها. - وضع خطط إستراتيجية لضمان استمرارية عمل اللجنة الوطنية،من خلال اتخاذ القرارات المتعلقة بمستقبل هذه اللجنة وتطورها وتحديد الإجراءات والبرامج والسياسات المطلوبة لتحقيق ذلك المستقبل والكيفية التي يتم فيها قياس مستوى النجاح في تحقيقها. - وضع خطط إستراتيجية لكل مستويات الإدارة العامة للجنة الوطنية تكون منسجمة مع الإستراتيجية العامة. - إنشاء وحدة تختص بمتابعة المعوقات التي تعترض عملية التخطيط في إدارة الأزمة. الإدارة الإعلامية للأزمة : أن استحداث هذه الإدارة خطوة بغاية الأهمية، وهي إدارة تم إهمالها في الاستراتيجيات السابقة. ستكون هذه الإدارة هي الجهة الرسمية الأولى في إدارة أزمة الإرهاب إعلاميا، والتعامل معها فورا عند حدوث أي عمليات أو أنشطة عنف. ومبررات استحداث هذه الإدارة عديدة لعل أهمها أننا نلاحظ عند وقوع أي أنشطة عنف بأن الجهات المعنية تلتزم الصمت لفترة طويلة وذلك (ربما) حتى يتضح الموقف وتتضح أبعادها وتأثيراتها،وإذا كان الأمر كذلك فهذا التعامل غير عملي وهو يزيد من تعقيدات الموقف ويثير الشكوك والقلق،ونضيف إلى هذا غياب متحدث رسمي يتعامل مع الأزمة فورا ويتجاوب مع أفراد المجتمع ويعطي معلومات حولها. وهذا التأخر والصمت والبطء والتعامل السلبي مع الحدث يساعد الأزمة على النمو والاتساع نتيجة مغذيات ومحفزات ذاتية مستمدة من ذات الأزمة تكونت معها منذ وقوعها من ناحية، ومن تدخل عوامل خارجية استقطبتها الأزمة وتفاعلت معها وبها، وأضافت إليها قوة دفع جديدة، وقدرة على النمو والاتساع من ناحية أخرى. وهذا الوضع لا يساعد متخذ القرار في التعامل مع الموقف نتيجة للضغط المباشر عليه. وهكذا فأن وجود إدارة مدربة ومتخصصة إعلاميا مهم في نقل المعلومات الأكيدة بكل شفافية حول الأحداث وتعيد الثقة بين أفراد المجتمع والجهات الخارجية وتتصدى لأي تشويه وتشويش أو إشاعات في المعلومات التي يتم تناقلها نتيجة لغياب المعلومات الموثوقة بشأن الأزمة، وستتولى هذه الإدارة عديد من المهام يمكن تحديد بعض منها مثل: - وضع خطط إعلامية متكاملة قبل وأثناء وبعد الأزمة. فعند وقوع الحالة الطارئة، لن يتوفر متسع من الوقت للتفكير، ولا للتخطيط. وفي غياب خطة إجمالية لإدارة الأزمة إعلاميا سوف تتفاقم الحالة الطارئة وتصبح ساحقة،وسرعان ما يفقد الناس الثقة. - أنشأ مركز إعلامي تُنشر منه الأخبار على مدار اليوم،وتعقد فيه المؤتمرات الصحفية. - التخاطب مع أفراد المجتمع والجهات الإعلامية الداخلية والخارجية و..غيرها، باعتبارها همزة الوصل بين الجنة الوطنية وبقية الجهات. - تعيين متحدث رسمي متدرب في المركز الإعلامي ومراسلين في مواقع الأحداث إذا أمكن. - استقبال المعلومات من المصادر الموثوقة. - إبلاغ الوسائل الإعلامية والجهات الحكومية و..غيرها على الفور عند وقوع الحدث، ونشر المعلومات حولها من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية وعلى الموقع على الإنترنت. وبخلاف ذلك، سوف تحصل وسائل الإعلام وعامة الناس على المعلومات من مصادر أخرى، وقد لا تكون دقيقة بنفس القدر. - تقديم المعلومات المتوافرة بصدق وصراحة وفوراً لتخفيف موجة الذعر وتخفيض حجم التفسيرات الخاطئة للحادث التي تؤدي إلى فقدان الثقة. - عقد اللقاءات العامة والاجتماعات ، والاتصال بوسائل الأعلام وتقديم وتقييم الحقائق الواقعية. - إرسال الرسائل الصادقة بدفق متواصل ومتماسك ومتسق من المعلومات الدقيقة والواضحة إلى المستثمرين والجهات الخارجية ، لإعطاء صورة بأن الجهات المعنية ستتمكن من مواجهة الأزمة. - إتاحة الفرصة للإعلام وأصحاب المصالح والضحايا للاتصال بهم عبر الهاتف أو أي وسيلة ممكنة، والتعامل مع أسئلتهم واستفساراتهم بايجابية لإعادة بناء الثقة، وتزويد المراسلين دائماً بآخر المعلومات. فالمراسلون مرغمون على تأمين المعلومات وفي حال لم تعطهم أي شيء، سوف يكتبون الشائعات. الإدارة الأمنية للأزمة : يُعد استحداث إدارة أمنية مستقلة ومتخصصة ومنظمة ومتكاملة تتبع فقط إدارة اللجنة الوطنية العامة لمكافحة الإرهاب إجراء في غاية الأهمية،وهو إجراء سيمثل تتويجا لكل جهود الدولة اليمنية السابقة التي أكدت عليها في الإستراتجيتين السابقتين. وفي الحقيقة شهدنا تحسنا ملحوظ في أداء المؤسسات الأمنية والعسكرية في هذا المجال،وقدمت هاتين المؤسستين المئات من الشهداء في المواجهات مع هؤلاء الأفراد باعتبارهم الجبهة الوطنية الأولى في القيام بهذه المهمة المقدسة. وما نريد الإشارة إليه هنا بأن هذه الوحدات الأمنية والعسكرية أصبحت هي الأهداف الأساسية للهجمات العنيفة بعد أن قلة وبشكل ملحوظ تلك الهجمات على المصالح المدنية الحكومية والأجنبية نتيجة لحسن تحصيناتها وللاحتياطات الأمنية المشددة التي تحيط بها وبأفرادها.ويبدو بان الاهتمام بهذه المؤسسات لا يتخذ مساره الصحيح حيث أننا لا نزال نشهد ازدياد وتيرة العمليات عليها وازدياد سقوط المئات من الشهداء من أفرادها أحيانا في هجمة واحدة وبنفس الأساليب دون اتخاذ إجراءات مضادة تجاهها مع أنه يفترض بها أن تكون أكثر تحصينا وأكثر يقضة وأقل تكرار للأخطاء السلبية، ويمكننا هنا أن نعزي هذه الأوضاع الكارثية إلى عديد من الأسباب أهمها : - وجود أكثر من جهة أمنية لمواجهة الإرهاب.وهذا أدى إلى عشوائية الإدارة وإلى عدم توحد القرار وإتكالية في التنفيذ و..غيرها من المشكلات الجوهرية في هذا المجال. - ضعف التحصين المطلوب عند المداخل الرئيسة للوحدات العسكرية والأمنية. - ضعف التحصين والرقابة في السجون. فقد حدثت عديد من حالات الهروب الناجحة من منشآت أمنية نتيجة لمثل هذه العوامل،لعل آخرها الهجوم على السجن المركزي بصنعاء. - ضعف تحصين شبكة الاتصالات وسهولة اختراقها . ولعل استهداف موكب الوفد الكوري فور انتهاء أحد اجتماعاته مع إحدى الجهات الرسمية في شارع المطار بحزام ناسف أثناء مغادرته البلاد 2009والذي زار بلادنا لبحث مقتل بعض مواطنيه في مدينة شبام حضرموت بحزام ناسف في تلك الفترة،هي إحدى الأمثلة على هذه الاختراقات . - ضعف التدريب والتأهيل لعناصر الوحدات العسكرية والأمنية الذي يظهر في ضعف مهاراتهم سيما أثناء التعامل مع مثل هذه العمليات النوعية.ولنا عديد من الأمثلة في ذلك لعل أهمها عملية تفجير السيارة المفخخة في النقطة الأمنية الخاصة بالقصر الجمهوري بحضرموت في فبراير 2012 حيث استطاع منفذ العملية بمكر من خلق جلبة مع أفراد النقطة الذين أوقفوه فأدى ذلك إلى توافد أعداد أخرى من الجنود الفضوليين زاد عددهم عن عشرين فرد والذين تحلقوا حول السيارة،وفي لحظة معينة قام بتفجير السيارة وأدى ذلك إلى مقتلهم جميعا. - ضعف تحصين النقاط الأمنية. وهذا أدى إلى سقوط مئات الضحايا من الجنود. - الاعتماد على نوع واحد من وسائل الاتصالات وهو عبر أجهزة الاتصال اللاسلكية. وعليه فأن استحداث هذه الإدارة لتدير الأزمة أمنيا يتوقع منها إعادة النظر في هذه الأوضاع وغيرها بصورة جدية ومسئولة من خلال إعداد خطة أمنية متكاملة كجزء من الخطة العامة لمواجهة المواقف الأزموية الناتجة عن العمليات الإرهابية، على أن تتضمن استحداث وسائل خاصة وإمكانيات إضافية تساعدها في القيام بمهامها والتي يمكن الإشارة إلى بعض منها بالاتي : - إنشاء إدارة واحدة مستقلة لإدارة هذه الأزمة أمنيا مع تحديد جهة إشرافية واحدة عليها. - تعيين متحدث رسمي متدرب. - الاهتمام اللازم بإشباع الحاجات المادية والنفسية للأفراد والقادة، ورفع قدراتهم ومهاراتهم الأمنية. من خلال وضع خطة لعملية التدريب تعتمد على تطبيق معايير الجودة المحلية والعالمية، ولعل أهمها كيفية مواجهات التغيرات في بيئة العمل الأمني ، والتدريب على استخدام وسائل الاتصالات الحديثة و..غيرها. - إنشاء قسم لتحليل وتقييم الرسائل والخطابات المتلفزة أو التي تُبث عبر الانترنت و..غيرها، التي تصدر من جماعات العنف وتحمل تهديد أو وعيد بتنفيذ عمليات ما،وكذا تحليل الأفلام أو المقاطع التسجيلية التي تعرض مشاهد تنفيذ العمليات. - وضع خطة أمنية خاصة لتحديد المواقع الأعلى والمتوسط والأدنى احتمالا للتعرض لهجمات عنف،وكذلك الحال بالنسبة للأفراد والشخصيات المحلية والأجنبية ،من خلال وضع سيناريوهات محتملة لها وكيفية مواجهتها. - خطة لتحصين السجون والوحدات العسكرية والأمنية. - استحداث غرفة عمليات بأحدث وسائل الاتصال تربط هذه الإدارة بالجهات الأمنية الموكل إليها مواجهة مواقف العنف على مستوى الجمهورية،وتطوير سرعة تبادل المعلومات. - تطوير التجهيزات الأمنية في النقاط الأمنية كتزويدها بتحصينات فعالة لحماية الجنود، وتجهيزهم بأجهزة لكشف الأسلحة والمتفجرات، وضع كاميرات في جميع النقاط لتسهيل عملية المتابعة،ولا شك بان هذه الإجراءات ستقلل من ضحايا أفراد الأمن . - وضع خطط الطوارئ والإخلاء. - تعزيز الوحدات الصحية في المقرات الأمنية والعسكرية بإمكانات أفضل مما هي عليه الآن سيما فيما يتعلق بالإسعافات الأولية،من حيث عدد ونوعية العاملين بها كالاختصاصين بالحروق والكسور والعمليات الصغرى،وكذا توفير سيارات الإسعاف بالحد الأدنى. ونعتقد هنا بأهمية هذه الإجراءات وضرورة الإسراع بها، كون الوحدات العسكرية والأمنية هي الأهداف الرئيسة لعمليات العنف. - وضع خطة لإعادة توزيع الوحدات العسكرية ونقلها خارج المدن، سيما تلك الوحدات المتخصصة بتنفيذ مهام الحروب والمواجهات المسلحة الموسعة وكذا الكليات العسكرية والأمنية التي يتواجد بها أعداد هائلة من الطلبة و..غيرها ممن تقل الحاجة إليها في المدن. - تُعد وحدات حرس الحدود وخفر السواحل من الوحدات التي حققت تقدما ايجابي في هذا المجال،وهذا يزيد من مسؤولياتها في تحقيق تقدم مهني إضافي،وعليه فأنه من المفيد تطوير أدائها وفعاليتها في برامج تدريبية ضمن خطة التدريب الاستراتيجي. - التقييم المستمر لأداء الأفراد عقب مواجهة كل عملية عنف فورا،لدراسة نقاط الضعف وأي سلبيات لمحاولة تلافيها لتقليل الخسائر وأيضا للتعرف على الايجابيات وتعزيزها. الإدارة السيكولوجية للأزمة : أن إدارة الأزمة سيكولوجيا من الجوانب المهمة التي أهملتها الإستراتيجيتين السابقتين، والتي نلفت الانتباه إليها هنا لأهميتها الخاصة،ونؤكد على ضرورة استحداث هذه الإدارة ضمن الإدارة العامة الأزمات لما لها من اعتبارات إنسانية وسياسية قيمة،تعكس الاهتمام بالأفراد من الضحايا والمصابين والمتضررين الأبرياء ممن تعرضوا للحوادث الإرهابية من ناحية، وتؤكد على المهنية العلمية في إدارة الأزمات من ناحية أخرى.ويشدد عديد من الباحثين في إدارة الأزمات بأن غياب الإدارة السيكولوجية يعوق نجاح أدارة الأزمة بشكل عام. ونحن في اليمن كغيرنا في الدول العربية مع الأسف لا نعطي ذلك الاهتمام المطلوب بالرعاية النفسية للناس لاحتواء تأثير الكروب والصدمات عليهم رغم أهمية هذا الجانب الإنساني. فالعمليات الإرهابية موقف يهدد حياة الناس،وآثارها النفسية قاسية وقد تكون مدمرة وهي لا تنتهي بانتهاء الموقف الأزموي، ولكنها تمتد إلى فترة طويلة سيما لدى تلك الحالات التي لا تلقى رعاية نفسية أو بالأحرى إسعاف نفسي عاجل عقب وقوع الصدمة النفسية مباشرة، فتأخر التدخل النفسي يؤدي في عديد من الحالات إلى وقوع الأفراد فريسة لاضطرابات نفسية وسلوكية،الأمر الذي يعطل أنتاجهم العملي أو الدراسي أو أنشطتهم الاجتماعية،نتيجة لما يعتمل في دواخلهم من مشاعر الإحباط وضعف الثقة وقلة الشعور بالأمن في مجتمعهم، فيتحولون إلى عبء على أسرهم ومجتمعهم بسبب متطلباتهم واحتياجاتهم الخاصة للرعاية والعلاج النفسي الذي يٌعد علاج مكلف ويحتاج فترة علاجية قد لا تكون قصيرة، ويساعد قلة اهتمام الدولة بهم حتى الآن بإعادة تأهيلهم ،وقلة حيلة أسرهم في تحمل تكاليف العلاج النفسي المكلفة من ناحية أخرى في تفاقم الأوضاع الصحية النفسية السلبية لهذه الفئة من الأفراد. ولذلك فان وجود أفراد من المتخصصين السيكولوجيين المتدربين على تقديم الرعاية والإسعاف النفسي الأولي ضمن فريق إدارة الأزمات سيقلل من وقع الأثر النفسي السلبي أثناء عملية التدخل الفوري لوقوع الحدث الأزموية وبعده . كما أنهم سيكونون عاملا مهم في الحفاظ على الثقة بين الأفراد والمجتمع والدولة، فحصولهم على الرعاية والحماية النفسية الفورية لاشك بأنه سيترك انطباع نفسي ايجابي وشعور جيد بأهميتهم، مما يساعدهم على تجاوز آثار الصدمة النفسية العنيفة التي تعرضون لها وتقليل احتمالية اجترارها لاحقا.وهذا يتطلب اتخاذ إجراء غير اعتيادي للتأكد من حصولهم على الرعاية والحماية المناسبة، من اجل حماية المورد البشري الأكثر قيمة للمجتمع ،وحتى لا يتحول هؤلاء إلى عبء على أسرهم والمجتمع. والجدير بالإشارة في هذا المجال بأنه لدينا الآلاف من خريجين أقسام علم النفس والرعاية النفسية والاجتماعية الذين يمكن الاستفادة منهم في هذا المجال،والمطلوب فقط إلحاقهم بدورات تدريبية قصيرة على عملية تقديم الإسعاف النفسي الأولي أثناء وقوع هذا النوع من الأزمات. أننا نجد في معظم الدول المتقدمة أن فرق إدارات الأزمات لديها سيما تلك المتخصصة في التدخل أثنا وقوع الكوارث الطبيعية أو الصناعية أو الأزمات الإرهابية كالتفجيرات أو الاختطافات أو حتى في محاولات الانتحار الفردية و.. غيرها، بان فرق التدخل السيكولوجي هي إحدى الفرق الأساسية إلى جانب الفرق الأخرى مثل فرق الأمن والإطفاء والطب والإعلام و..غيرها. وعليه فأن استحداث هذه الإدارة سيخدم دون شك في نجاح إدارة الأزمة وذلك لما ستقدمه من خدمات ومهام عديدة،ويمكن هنا الإشارة إلى بعض منها كما يأتي: - ستقوم الإدارة السيكولوجية بوضع خطة خاصة بها كجزء من الإستراتيجية الشاملة التي ستقرها اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب. - تشكيل فرق من الأفراد من المتخصصين السيكولوجيين المتدربين على تقديم الرعاية والإسعاف النفسي الأولي ضمن فريق إدارة الأزمات الخاص بالتدخل الفوري أثناء وقوع الأزمات الإرهابية. - الاشتراك والمساهمة في إعادة التأهيل للأفراد الذين يُعرفون بالمتشددين مع الهيئات المنوط بها الحوار مع هذه الفئات من الأفراد.وفي هذه النقطة تحديدا نعتقد بأن هناك سوء فهم عندما يتم إهمال قدرات السيكولوجيين وأدواتهم ووسائلهم النفسية في التعامل مع هذه الفئات من الأفراد. ويأتي سوء الفهم هذا من الاعتقاد السائد بأن الإرهاب سببه ديني بدرجة رئيسة وقد تم تضخيم هذا السبب إلى درجة كبيرة حتى أهملت الأسباب الأخرى التي قد تلعب دورا أكثر من الجانب الديني والجانب النفسية إحداها.ولهذا السبب اقتصرت مسألة إعادة التأهيل على الجانب الديني، وتحولت بذلك إلى ما يشبه منتديات للحوار يسعى كل طرف إلى أقامة الحجج الدينية بصحة معتقده،وهكذا نظرا لغياب اختصاصيين سيكولوجيين ضمن هيئة إعادة التأهيل (الحوار) لم يتم البحث عن الأسس والعمليات النفسية التي سهلت أو ساعدت في عملية اعتناق الأفكار المتشددة،فالتطرف وسلوك العنف السياسي (الإرهاب) لا يتم اكتسابه فجأة بل يتم اكتسابه بطريقة تدريجية. بالتأكيد أن الجانب الديني يعد عاملا ولكنه ليس الوحيد، فهناك عديد من الدراسات أكدت نتائجها بأن الدين كقيمة ليس العامل الأساس،وأشير هنا بتواضع إلى إحدى النتائج التي توصلت إليها بدراستي في هذا الجانب حيث أظهرت النتائج بأن ترتيب القيم الدينية كمتغير نفسي وكمحرك وموجه للسلوك لدى أفراد جماعات العنف السياسي (الإرهاب) كان في المرتبة الثانية بينما جاءت في المرتبة الأولى القيم السياسية التي احتلت الصدارة في ترتيب مجموعة القيم التي تم بحثها لدى هؤلاء الأفراد، كما أظهرت نتائج دراسات أخرى أيضا بأن الجوانب الدينية تعد عامل قوي لمنع القيام بالعنف، لما للدين من تأثير روحي ايجابي في تهذيب النفوس. وعليه فأننا نؤكد بأن العنف الإرهابي هو مشكلة نفسية سلوكية قبل أن تكون دينية، يمكن التعامل معها وتغييرها بسلوك آخر صحيح كبقية أنواع السلوك الخاطئة التي يتعلمها الفرد ويتم تعديلها، وهذا ما يستطع القيام به الاختصاصيين النفسيين من خلال البرامج النفسية الخاصة بتعديل سلوك العنف والعدوان والتي ثبت فعاليتها لدى فئات مختلفة من الأفراد. - المشاركة في إخراج مضامين موضوعات التوعية ضد الإرهاب ووسائلها سيما تلك التي سيتم توجيهها لفئة المراهقين التي تعتبر الأكثر عرضة للانضمام لجماعات العنف،من خلال توظيف المعرفة العلمية المتعلقة بالخصائص النفسية لهذه الفئة العمرية، وبالتأكيد غيرها من الفئات الأخرى. إدارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات:
تعد إدارة الاتصالات في الأزمات من الإدارات الرئيسية والأكثر فعالية،وتأتي أهميتها الإستراتيجية عندما تواجه الحكومات أو المؤسسات أزمة ما تهدد وضعها ومقدراتها على العمل والمنافس أو تهدد وجودها ذاته وقدرتها على البقاء، فهذه الإدارة يقع على عاتقها أن تجعل الخسائر في حدها الأدنى،وهي التي تضع نهاية للازمة ونتائج أعمالها تنعكس على أداء الإدارة بشكل عام.وتوفير وتسخير كل ما يمكن لهذه الإدارة من إمكانات مادية وطاقات بشرية يمكنها من القيام بمسئولياتها بالشكل المطلوب.ولا شك بأن الجهات الموكل إليها مواجهة الإرهاب في بلادنا تنفذ عديد من الإجراءات في هذا المجال إلا أنها تبدو غير منظمة وغير متكاملة إداريا ، ويتبين ذلك من ضعف نظام الاتصالات الداخلية والخارجية بصورة متكاملة وفعّالة يساعد على توافر المعلومات والإنذارات في وقت مبكر وتحديد فرق التدخل بشكل واضح ودقيق وربما يعود ذلك إلى تعدد الجهات وعشوائية عملية الاتصالات والتنسيق بينها لغياب إدارة مركزية. وعليه فأن غياب هذه الإدارة لا يمكن معه النجاح في مواجهة أي أزمات وليس فقط أزمة الإرهاب لما لوظائفها من دور محوري وحيوي في مواجهة هذا النوع من الأزمات. وفي هذا الصدد فأن هذه الإدارة ستتولى إعداد خطة اتصالات مستقلة كجزء من الخطة العامة لمواجهة المواقف الأزموية الناتجة عند العمليات الإرهابية، تتضمن السيناريوهات المحتملة للازمة وكيفية التعامل معها. فالاتصالات الناجحة خلال الأزمات تعتمد على نظام قائم من قبل، وعندما تحصل الأزمة، لن تضطر سوى إلى تعديله وجعله أفضل.ويمكن الإشارة هنا إلى بعض المهام التي ستتولها هذه الإدارة مثل : - انشأ مركز للاتصالات يعمل على مدار الساعة،لتجميع المعلومات،ولتنفيذ خطة الاتصالات فورا عند وقوع الحدث،وهذا يتطلب استحداث نظام تواصل آمن مع الأشخاص المعنيين عبر مختلف وسائل الاتصال، والإسراع في إبلاغ الإدارة الإعلامية عن الاتصالات والإجراءات التي قامت بها الإدارة لتوضيحها للمجتمع. - تتولى عملية الاتصال بالجهات المعنية عند وقوع الأحداث الإرهابية مثل الصحة، والإطفاء، والطوارئ،ومراكز الاتصالات العامة،النقل والمواصلات،والتعليم و..غيرها. - إنشاء وحدة للتنسيق،يكون أعضائها مندوبون من مختلف الهيئات والمؤسسات الحكومية كوزارة الخارجية والإعلام والتخطيط والدفاع والأمن والمالية والصحة و..غيرهم،تكون مهمتهم تنسيق الجهود المختلفة في إدارة أزمات الإرهاب الإقليمية والدولية. - تتولى عملية الاتصال بالضحايا والجهات التي تعرضت للحادث والتعامل معهم بايجابية ، لبناء الثقة وتقليل الخوف، وحتى لا تكون ادعاءاتهم تستحق الاهتمام عند مناشدتهم وسائل الأعلام . - تتولى عملية الاتصال مع المنظمات الحكومية والمدنية المحلية والدولية المحتملة التي من الممكن أن تتولى القيام ببعض المهام أو الجهود أو تقديم المساعدة أثناء إدارة الأزمات. - متابعة تنفيذ التكاليف والتوجيهات بعد الأزمة،وذلك لاحتواء الأضرار وللتقليل من أنماط السلوك السلبي الذي يحدث في الأزمات والذي يعيق أعادة بناء وحماية السمعة والثقة والمصداقية، وتخفيض مستوى حاجات الضحية. - تقييم الخطط الموضوعة بشكل مستمر والعمل على تطويرها. الإدارة الاجتماعية للأزمة : لم تعط الإستراتيجية الأولى 2002 مجال واسع للدور الذي يمكن أن يقدمه أفراد المجتمع من مساعدة مهمة في هذا المجال، واقتصرت على طلب تقديم المعلومات من المواطنين كنوع من الواجب الوطني، وأما الإستراتيجية الثانية 2012 فقد ذكرت أهمية المجتمع في هذا المجال وربطت جهوده بالإجراءات الحكومية والمجتمعية والتي ستنصب على الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وأنيط بالحكومة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني القيام بذلك.إلا أنها لم تحدد ما هي الإجراءات أو الكيفية أو الوسائل أو الآلية بشكل دقيق بحيث تؤتي تلك الجهود ثمارها. أننا نعتقد بأن استحداث إدارة منظمة لإدارة أزمة الإرهاب اجتماعيا ضرورية للغاية،من عدة نواحي لعل أهمها بأن المواطنين هم الجهة الأولى دائما التي تواجه وتتواجد في مواقع الأحداث قبل تدخل الجهات الرسمية فلابد من استغلال هذا الجانب بأفضل خطة أو أسلوب ممكن .وعليه فان هذه الإدارة ستضع خطة متكاملة كجزء من خطة الإدارة العامة للازمات للاستفادة من طاقات أفراد المجتمع في هذا المجال،يتم فيها تحديد الأهداف المحتملة التي يمكن أن تتعرض للهجمات ضمن منطقة جغرافية معينة كالسفارات والمصالح الحيوية والمقرات الحكومية المدنية وحتى العسكرية و..غيرها بالتنسيق مع الإدارة الأمنية، ومحاولة الاستفادة من بعض الأفراد في التجمعات المدنية القريبة منها مثل الأندية الرياضية والتجمعات الشبابية وأهالي الأحياء السكنية و..غيرهم،وتنظيم جهودهم بتحديد مسؤولياتهم وتوزيع أدوارهم من حيث الاتصالات والإسعاف والنقل والتنسيق و..غيرها. وستتولى هذه الإدارة القيام بعديد من المهام والإجراءات، يمكن تحديد البعض منها كما يأتي: - تحديد وتدريب أفراد معينين ضمن نطاق جغرافي معين على أساليب وعمليات التدخل الأولي يكونون المستجيبون الأوائل لتولي المبادرة بطريقة فاعلة في الأوقات الأولى عند وقوع حوادث العنف،ويمكن أعطائهم بطاقات تعريفية تصدرها الإدارة لتسهيل مهامهم تلك. - وضع خطة عامة تشارك في إعدادها المنظمات الحكومية والمجتمع المدني والهيئات المحلية والمواطنين لإنشاء وتنظيم جهود الأفراد العفوية تلك في إطار قطاعات اجتماعية ثابتة وتشجيع أكبر قدر ممكن للتطوع والانضمام إليها. - وضع خطة للتدريب المستمر على السيناريوهات المحتملة للهجمات ووضع الحلول الممكنة لها وبمشاركة الأفراد المحتملين في منطقة محتملة . - التنسيق مع المنظمات الحكومية والقطاع الخاص للاستفادة من إمكانياتهم في أصلاح الأضرار . - وضع خطط منظمة لتمثيل حالات الطوارئ لاختبار استعدادات الأفراد ولتعزيز التفاهم والثقة المتبدلة بينهم وبين الإدارة. - وضع خطة إعلامية دائمة تشجع الأفراد على التبرع بالدم وتقديم العون المادي والمعنوي والمشاركة في الإصلاحات وإعادة حالة الاستقرار وممارسة حياتهم وأنشطتهم وعدم الاستسلام للخوف واللجوء للانعزال و..غيرها. - وضع خطة عامة حول تنفيذ برامج تدريب الإسعاف الأولي في الإحياء السكنية والأندية الرياضية والمدارس والمعاهد والجامعات ومقرات العمل و..غيرها. - تشكيل لجان اجتماعية من المواطنين والشخصيات الاجتماعية والعامة بالتنسيق مع إدارة الاتصالات والإدارة السيكولوجية لمتابعة حالات المصابين وأهالي الضحايا والجهات المتضررة ماديا و..غيرهم، من خلال الزيارات والاتصالات لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي الذي يساعد على إعادة الثقة بالإدارة العامة للازمات. الإدارة التوعوية للأزمة : يُعد استحداث إدارة للتوعية عامل مهم في مواجهة هذه الأزمة بفاعلية، فبدون إعلام توعوي للمواطنين وكذا للأفراد الذين يقومون بادوار معينة عند وقوع الأزمة سيواجه نجاح إدارة الأزمة معوقات قد لا تكون في الحسبان،فوعي الأفراد بأدوارهم يؤدي إلى المساعدة في مواجهة الأزمة. ورغم أهمية هذا الجانب إلا أن إستراتيجية مكافحة الإرهاب 2002 لم تشر إلى هذا الجانب كجزء منها في هذا المجال بشكل واضح وصريح، إلا أن إستراتيجية مكافحة الإرهاب 2012 تفادت هذا الإهمال في سابقتها وذكرت في نهاية استعراض خطوات إستراتيجيتها أن يتزامن تنفيذها بتغطية إعلامية شاملة تبين خطورة الإرهاب على امن المجتمع اليمني واستقراره وعلى محيطه الإقليمي،وذلك ما لم نلمسه حتى اليوم بالشكل المطلوب. إنني أأومن بأن شعبنا منفتح وقابل للتوعية، إلا أن التوعية ضد مخاطر الإرهاب وتهديداته بشكلها الحالي لا تغطي أبعاد هذه الظاهرة بالشكل المطلوب،وتكاد جميع وسائل الأعلام أن تتشابه في شكل ومضمون التوعية المعروضة، فعلى سبيل المثل عبارات مثل "الإرهاب لا دين له" "الإرهاب لا وطن له" "معا لمواجهة الإرهاب" وغيرها من هذه العبارات تجدها في جميع القنوات الفضائية اليمنية. أننا بحاجة إلى إعادة النظر في المواد الإعلامية التوعوية في هذا المجال، وهذا يتطلب من هذه الإدارة إعداد وتنفيذ خطط توعوية منظمة ومتكاملة ودائمة ضمن الإستراتيجية العامة التي ستتفضل اللجنة الوطنية العامة بوضعها لمواجهة هذه الظاهرة.وما يهم هنا باعتقادنا أن موضوعات التوعية عليها أن تركز على جوانب وفئات من الأفراد معنيين بظاهرة الإرهاب من قريب أو من بعيد ولم يتم حتى الآن توجيه أي خطاب توعوي إليهم بشكل مباشر مثل الأفراد الناشطين حتى الآن في هذه التنظيمات،الأفراد المحتمل انضمامهم إلى جماعات العنف مثل العاطلين أو المراهقين،الأفراد الباحثين عن سبل أو وسائل للاتصال بهذه الجماعات لينضموا إليهم، الأفراد القابعون بالسجون بتهم الإرهاب،الأفراد الذين لديهم أصدقاء أو أقرباء متصلين أو ناشطين في هذه الجماعات،المناطق التي يشتهر أفرادها بالتأييد لهذه الجماعات. أن هذه النوعيات من الأفراد والمناطق بحاجة إلى موضوعات توعوية ذات مضامين خاصة قد تختلف عن فئات نوعية أخرى. على أية حال يتطلب تنفيذ موضوعات التوعية حملة إعلامية بإخراج جديد تحمل مضامين توعوية مختلفة حول العنف السياسي (الإرهاب)، وبأساليب تخرج عن الوسائل التقليدية ويتم تنفيذها على كافة المستويات أو الفئات العمرية، وبأستخدم كافة وسائل وأساليب الاتصال الجماهيري المناسبة لكل فئة من أجل توضيح أبعاد هذه الظاهرة من زواياها المختلفة، وتوضيح الإجراءات العديدة التي يمكن إتباعها في مواجهة هذه الأزمة، وتوضيح أشكال المساعدة المنتظر من المواطنين تقديمها. ويمكن هنا الإشارة إلى بعض المهام التي يمكن أن تتولها إدارة التوعية بالاتي : - وضع خطط توعوية خاصة موجهة إلى الأفراد المنتمين إلى جماعات العنف السياسي "الإرهاب" ، تكون موضوعاتها ومضامينها معبرة عن قيم الحياة والإنسانية والقيم الأسرية والاجتماعية والنفسية والدينية والحضارية،تهدف إلى إقناع هذه الفئات من الأفراد بالعدول عن تبني سلوك العنف والموت والتدمير وبعدم جدواه. - وضع خطة توعوية متكاملة حول مخاطر وتهديدات هذه الظاهرة وأبعادها السلبية تستحدث فيها إجراءات وأساليب غير اعتيادية في تنفيذها، مثل المعارض الفوتوغرافية والمسارح والمنشورات والملصقات والمجسمات الدعائية واللقاءات الموسعة والأفلام والمسلسلات التلفزيونية والإذاعية والمواقع الاليكترونية،فهذه الإجراءات والأساليب لم يتم استخدامها حتى الآن بالشكل المطلوب،رغم تنامي هذه المشكلة في المجتمع. - وضع خطط للتوعية تستهدف كل فئة عمرية في المجتمع اليمني وحسب الجنس، وبشكل مستقل تتناسب في مضامينها وأسلوب عرضها مع متطلبات كل فئة من هذه الفئات العمرية.ونفترض هنا بأن فئة المراهقين هي الفئة التي من المهم أن يتم التركيز عليها، وهي من العمر 30-18 سنة ، وذلك لسببين: الأول ،أن هذه الفئة العمرية هي