بعد قرابة الشهر من الرحلات الجوية التدميرية لعاصفة الحزم، في اليمن وبعدما تم تدمير كل مقومات الدولة، من معسكرات ومطارات ومباني ومعدات حربية وطال القصف مخيمات اللاجئين، حتى الرياضية المتأخرة في النهوض استهدفت ملاعبها، الجسور والطرقات كان لها نصيب من التدمير، وشمل المصانع والمنازل، أصبحت دولة منزوعة من كل مقومات الدولة، انهيار كامل لها وما رافق القصف من حصار جوي بحري بري، منع على أثرها الدخول و الخروج، دفع المواطن الأفقر في المنطقة الثمن الغالي، في عدم توفر أبسط مقومات الحياة انعدام في المشتقات النفطية توقفت المصانع والمستشفيات عن العمل بسبب الانقطاع المتواصل لتيار الكهربائي، ولعدم توفر المشتقات النفطية، منع عنة الغذاء بسبب الحصار المفروض عليه جثث القتلى تنتشر في شوارع المدن …….. بعد إعلان توقف عملية الحزم من قبل التحالف العربي بعد 2415 طلعة جوية خلفت ورائها 4431 قتيل و4897 جريحاً بينهم 1118 طفلا وطفلة و755 امرأة، غير ما خلفه القصف من تدمير المنازل، وتهجير الساكنين حتى بلغ عدد النازحين من منازلهم 46 ألف أسرة”.بحسب تقارير المنظمات المدنية.. وإطلاق عملية “إعادة الأمل” من قبل المتحدث الرسمي للعاصفة العسيري، استبشروا اليمنيين خير فأين الخير من وجه الغراب، قد عاد لهم الأمل قبل إعادته لهم، وعاودت الطائرات بالقصف ومازالت تقصف بعد إعلان توقفها، وقطع الأمل والعملية التي عرفت باسم “إعادة الأمل”، التي أطلقتها قوي التحالف العربي على اليمن، وهى تكملة لعاصفة الحزم.. ونحن هنا على صدد التسميات واختيار نفس المسمي الأمريكي في الصومال، وبنفس المخطط ينتقل كما هو لليمن، وكأن التاريخ يعاود نفسه بعد مرور23 سنه، بحله عربية خالصة هذه المرة، ونستعيد ما حصل في الصومال في تلك الليلة بعد إعلان “إعادة الأمل” في الصومال، في ليلة الأربعاء 9 من ديسمبر 1992م، نزل قرابة ( 27ألف جندي من البحرية الأميركية المارينز)، إلى شواطئ العاصمة مقديشو لوقف الحرب الدائرة بين الفصائل الصومالية وتأمين الطرق لإيصال المساعدات العاجلة إلى عشرات الآلاف من الصوماليين الذين كانوا يموتون جوعا بسبب الحرب الأهلية، وهو نفس معانات اليمنيين في هذه الفترة، وقد تكون من مهام البوارج المتواجدة حاليا في الخليج العربي من أجل هذه المهمة !! وما صاحبة تلك الليلة التي عمت فيها الأضواء الكاشفة سماء مقديشو يصاحبها نغمات الآليات الثقيلة وموسيقي الطائرات المروحية والقاذفات، وفتح سكان مقديشو أعينهم في الصباح على الجنود الأميركيون الذين استولوا على المرافق المهمة في المدينة، واستبشر الصوماليون بالقوات الوافدة أملا في إراحتهم من زعماء الحرب الذين حولوا عاصمة البلاد إلى مدينة أشباح، لكن هذا الأمل تبخر بسرعة….. وفي إطار التوضيح لبعض الجوانب والأبعاد السياسية، من خلال تناول الدور الأمريكي في نقل تلك الأحداث وبنفس المسميات وقد تكون بنفس المخطط ولكن هذه المرة من ينفذ المهمة طرف أخر وتحت الإشراف المباشر منهم، والغريب بان أمريكا استوعبت درس الصومال وأرادت نقلة التجربة إلى اليمن دون بأن تخسر رصاصة واحده….. قد تكون تلك الأحداث رسالة لليمنيين واضحة للمتنازعين من أجل أخذ الحيطة والحذر، وتفهم ماذا يمكن بان يحصل لليمن في ظل المعطيات الراهنة، وهنا الشاهد تواجد الأحداث الواقعية، ليست من نسيج الخيال وإنما من نسل الواقع، ومع أن القوات الأميركية نجحت في التخفيف من المجاعة، التي كانت تشهدها المناطق الغربية من الصومال، لكنها فشلت في النجاح في الشق السياسي من عملية «إعادة الأمل»، وهو إنهاء المشكلة الصومالية ووقف الحرب. هل تشهد اليمن قائد على غرار الصومال، التي لم تمض أشهر قليلة إلا وتحولت الأمور إلى مواجهة بين الجنود الأميركيين والميليشيات المسلحة الصومالية بقيادة الجنرال عيديد، الذي أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا بإلقاء القبض علية، وهذا يعكس القرارات الأخيرة لمجلس الأمن الدولي في اليمن، قد يقتبس الدور في اليمن ابن الرئيس السابق وقائد القوات الخاصة أحمد على… أو قائد المسيرة القرآنية عبد الملك الحوثي.. الأميركيون لم يستطيعوا تحقيق مختطهم كون حرب الشوارع انفجرت بين الجنود الأميركيين والميليشيات الصومالية بقيادة الجنرال عيديد تحولت إلى كابوس، فقد قتل في آخر مواجهة بين الطرفين في 3 أكتوبر(تشرين الأول) 1993، 18 جنديا أميركيا وجرح أكثر من 80 آخرين، كما أسقطت طائرتان مروحيتان من طراز «بلاك هوك»، ووقع أحد طياريها في الأسر، لكن الحدث المدوي كان سحب جثث الجنود الأميركيين في الشوارع، وعلى هذا المنوال ينتظر اليمنيون بفارغ الصبر التدخل البري لدفاع على وطنهم في ظل تخاذل الجيش وتدمير كل معدات الحرب الدفاعية والهجومية من قبل عاصفة التحالف ………….. من فضائح الشق الإعلامي المتمثل بالمنظومة الاستراتيجية السعودية الرامية لبسط هيمنتها العربية، من أجل توسيع إمبراطوريتها في العالم العربي, اعتمادها أسلوب صبغ معانيها الكالحة بمفردات عذبة توحي بنبل الأهداف في اليمن, متجنبه الأحداث الحقيقية التي تلحقها طائراتها بقتل المواطنين، وتدمير منازلهم ومصانعهم، أو هكذا يستقبل المتلقي من سحر الإعلام المنطوي تحت مظلة أل سعود … ولم تستنكف السعودية وحلفائها بأن يختزلوا عدوانها على اليمن، وتغيير تركيبة دولته بالكامل سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وأمنياً وثقافياً وحتى ديموجرافياً، ودمرت كل شيء من أجل تنصيب رئيس فقد شرعيته بتقديم استقالة عبارة لطيفة هي “إعادة الأمل” بمحتواها اللفظي واللغوي، ومضمونها يوحي بدمار لكل شيء جميل في اليمن…. من يتابع تفاصيل التدخل الأمريكي في الصومال يلاحظ بأنة نفس المشهد يتكرر أمامه والواقع أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لم تزد الصوماليين إلا بؤساً ودمارا وأصبح شعار “إعادة الأمل” مادة للسخرية أكثر منه محاولة لتبييض وجه الولاياتالمتحدة الأسود.. وبرغم أن الصومال من أفقر بلدان العالم إلا أن تدخل الولاياتالمتحدةالأمريكية زاده فقراً إلى فقر وحروباً إلى حروب وضياعاً إلى ضياع، المخطط الذي يستهدف به اليمن ؟!! هناك أمران مهمان يجب التوقف عندهما والتنبه لهما، أولهما تسمية “إعادة الأمل” على غرار الصومال هو نفس المخطط الأمريكي ولكن هذه المرة بصيغة عربية خالصة، بينما أصبحت أمريكا تصدر الأوامر والمختطات، وتكتفي بالإشراف، وثانيهما: استمرار قصف الطائرات بعد إعلان التوقف مؤشر خطير وهو تكملة الخطة في دك مقومات الشعب اليمني، واستمرار الحصار الجوي والبحري والبري يهدف في المقام الأول إلى إذلال الشعب في منع كل مقومات الحياة، الأساسية متمثلة في الغذاء والنفط، وليس القوي المتصارعة، ورغم كل الحصار إلا وقد أثبت الشعب اليمني للعالم بأنه شعب لا يستسلم بسهولة ومستعد بان يتحمل كل العقبات من أجل تراب اليمن الغالي ……… نقلا عن "رأي اليوم"