المتابع لسياسات الأنظمة العربية تنتابه مشاعر متناقضة متداخلة يعكس الارتباك والتعقيد الذي صار السمة البارزة والوحيدة للمشهد القائم اليوم في دول ليست عربية تضم متباينات ومتناقضات لسانية ودينية وإثنية بحثت أنظمتها عن المشتركات ووحدت المختلفات فأنشأت روابطا جمعية يحترمها كل المتمايزين أو المختلفين إن جاز التعبير ويوجهون طاقاتهم نحوها ولا يعتريهم نقد أولوم إلا بمقدار قربهم أو بعدهم عن تلك الروابط (الهوية الوطنية -الجغرافيا -الدولة ) فالبرغم من تعدد الديانات والأعراق وتباين اللغات إلا أن المجتمعات تقطن جغرافيا واحدة بهوية وطنية واحدة وتحكمها دولة واحدة في موقفها من كل القاطنين ضمن حدودها بلا محاباة أو تمييز بمثل هذا الفكر تقدمت تلك الدول واستقرت مجتمعاتها وأصبحت السلطة وما يتعلق بها محكومة بدستور وقوانين احترمت الخصوصيات وحمت المشتركات فقلت الصراعات وأصبح التنافس على السلطة أشبه بمهرجانات ترفيهية! ! في عالمنا العربي بالرغم من وجود المشتركات الكثيرة بين الأنظمة والشعوب أوبين الشعوب والشعوب إلا أننا ببركة أنظمة تولى زمام أمرها أعداؤها لا أبناؤها استهلكنا زمنا طويلا في حروب وصراعات يحارب فيها العرب العرب باسم الإسلام إسلام يحارب إسلاما لا أدري بأي إسلام يحارب هؤلاء وعن أي إسلام يدافع أولئك ؟؟ ثماني سنوات عجاف خاضها العراق حربا ضروسا مدافعا عن البوابة الشرقية للعرب من المد الإيراني خرج العراق منها منتصرا بجيش قوي ودولة فتية وهدر ذلك النصر وضاعت تلكم التضحيات بسبب العمى المتأصل في فوضى وسذاجة أنظمة عربية مرتهنة في دهاليز المكر والخداع الأوروأمريكي أخطأ العراق في غزو الكويت فعالجته الأنظمة العربية بجملة من الأخطاء توجت باحتلال العراق ونهب ثرواته وتدمير جيشه وتسليمه لإيران فسلب النصر الذي أنفق عليه الخليجيون مليارات الدولارات ومازال أكثرهم مصدقين خرافة العداء الأمريكي الإيراني! ! في مصر واليمن وليبيا وسوريا قامت ثورات شعبية ضدأنظمة استبدادية فأوعز الحلف الأوروأمريكي للأنظمة العربية الانقضاض على الثورات خوفا من انتقال عدواها إليها فنفذت ما تؤمر به في مصر كان العسكر جاهزون للمهمة في ليبيا صنع حفتر في اليمن الحوثيون و صالح خير من يعتمد عليهما في سوريا الطريقة المثلى لوأد الثورة ومعاقبة الشعب انتظار قرار مجلس الأمن المعلوم مسبقا بنقضه بالفيتو الروسي أو الصيني فيكفي الثورة السورية أن حولت من سلمية لمسلحة لتوجد فرصا لبعض حكام المنطقة تمكنهم من الإفصاح عن مشاعر الرحمة والإنسانية تجاه الشعب السوري عبر معونات غذائية وعلاجية يعزف إعلامهم الرسمي عليها أناشيد المدح وقصائد الشكر فجأة يكتشف الخليجيون أنفسهم محاطون بإيران من كل الجهات من الشمال والجنوب والشرق والغرب الذي يحكمه عسكر مصر حلفاء أمريكا وإسرائيل حليفتا إيران بالفعل خلافا للقول الذي يصدقه الخليجيون مسيرة طويلة من السياسات لأنطمة عربية عمياء يقودها أعداؤها ولدت مأزقا وصلت وأوصلت إليه الشعوب لا مخرج منه بغير أن تعود إليها بصيرتها وتحقق مصالح الشعوب وترعى أمنها القومي لا أمن الكرسي مسلمة قيادتها للشعوب التي ما أن تقود تعز الأنظمة والشعوب وحتما الذل لن يعود .