وصلت أو هي في طريقها إلى الوصول، ست سفن تابعة لحلف شمال الأطلسي لتقوم بدوريات وعمليات قبالة السواحل الصومالية هدفها الأساس وفق قرار مجلس الأمن وموقف وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي القضاء على هجمات القراصنة في القرن الإفريقي قبالة سواحل الصومال. وإن كان الحلف لم يعلن عن طبيعة العمليات أو مدتها إلا أن الوصول إلى هذه الخطوة التاريخية من شأنه إعادة خلط الأوراق في منطقة القرن الإفريقي وجواره العربي الذي أبدى مخاوفا من سيطرة دولية جديدة على منطقة حيوية ومركزية للأمن القومي العربي فالأهداف التي رسمها الأوروبيون وسيعمل الحلف على تحقيقها في خليج عدن قبالة السواحل الصومالية هي ضمان أمن السفن التجارية وسفن الصيد الأوروبية التي يرى بعض الصوماليين أنها تقوم بنهب ثروات بحرهم فيما للحلف ومجلس الأمن الداعم لتحركه موقف ثان يتخذ من الصوماليين مبررا وهو حماية سفن إمداد المساعدات الغذائية التي يقدمها المجتمع الدولي للصومال. وأيا تكن المبررات فإن تنامي نشاط القراصنة الذين يتحركون بحرية تامة في بلد ليست له المقدرة على السيطرة على عاصمته مقديشو ووصول الأزمة إلى ذروتها بتمكن القراصنة من السيطرة على سفينة أوكرانية تقول التقارير انها محملة بأسلحة وعتاد قد يكون نوويا من شأنه أن يقض مضجع القوى الدولية التي راقبت على مدى عام كامل تمكن بعض الصوماليين المتمردين وبقوارب بسيطة . وأسلحة نارية تكاد تكون بالية من التعرض إلى نحو 30 سفينة مختلفة الأحجام والحمولات والوجهات أهمها كانت السفينة الأوكرانية التي كان التعرض لها ضربة موجعة للاتحاد الأوروبي الذي تحرك سريعا بمبادرة من ألمانيا وفرنسا وقام بنشر قطعات بحرية في المنطقة مدعومة بالطائرات المروحية وطائرات المراقبة باتت تعمل إلى جانب قوات أخرى أوروبية تشارك فيها بهدف محاربة الإرهاب. ويأتي التحرك الأوروبي بعد تقرير للمكتب الدولي للنقل البحري الذي أكد أن ظاهرة القرصنة البحرية ارتفعت بنسبة 10 في المئة خلال العام الماضي، وهي أكبر نسبة منذ العام 2003، حيث تم تسجيل 263 هجوما على السفن في عرض البحر حول العالم. وتعتبر المياه المحيطة بالقرن الإفريقي من بين المناطق الأكثر خطورة في كل أنحاء العالم وقد خص التقرير الصومال بفصل صنفه فيه بأنه من أخطر المناطق على الملاحة الدولية محذرا السفن وطواقمها من خطورة الوضع، موضحا أن «قراصنة الصومال الذين ينطلقون بزوارق صغيرة وسريعة من سفينة كبيرة، غالبا ما يهاجمون السفن حتى على بعد 200 ميل عن الشواطئ في عرض البحر». ويمضي التقرير بالقول «يهاجم القراصنة بسرعة ويطلقون النار على نوافذ السفينة المستهدفة، لبث الرعب في طاقمها وإجبارها على التوقف ثم يسيطرون على السفينة، ويحتجزون طاقمها كرهائن ويطالبون بفدية تبلغ مئات وآلاف الدولارات، ويقتادون السفينة أو الباخرة إلى المياه الإقليمية الصومالية». كما وجه مكتب أمن الملاحة البحرية ربابنة السفن المبحرة في منطقة القرن الإفريقي بالبقاء بعيدا عن الشاطئ، على الأقل 200 ميل من الساحل الصومالي، ولكنه يضيف انه حتى على هذه المسافة لا يزال يتوقع أن تتعرض السفن إلى القرصنة العنيفة. وقدر المركز قيمة المبالغ التي حصل عليها القراصنة خلال عام 2008 بنحو ثلاثين مليون دولار كفدية مقابل السفن التي سيطروا عليها وهو ما يضاعف من المخاوف خشية أن يستخدم الإرهابيون القراصنة كموارد مالية ضخمة تمول العمليات الإرهابية، ومن هنا فإن تعاظم المخاوف تجاوز أهدافه الملاحية والتجارية إلى خطر أكبر يدخل تحت طائلة الحرب على الإرهاب. تهديد قناة السويس التحذيرات من أعمال القرصنة في القرن الإفريقي تتجاوز في تأثيراتها تهديد السفن التجارية وطواقمها إلى تأثيرات قد تطال قناة السويس وفق تقرير دولي أصدره مركز دراسات وأبحاث يدعى «شاثام هاوس»، وهو مركز بريطاني متخصص في السياسة الخارجية، إن «زيادة أعمال القرصنة التي تجري في خليج عدن قد تؤدي إلى كارثة إنسانية وبيئية في منطقة القرن الإفريقي، وإلى توقف مسار الرحلات التجارية العالمية عبر قناة السويس». التقرير أضاف أن «قيمة التأمين على السفن التي تعبر خليج عدن قد ارتفعت بنسبة كبيرة، ومع زيادة المخاطر وارتفاع التكاليف قد ينتهي الأمر بأن تفضِّل شركات الملاحة الانصراف عن خليج عدن وقناة السويس، والاتجاه نحو رأس الرجاء الصالح». وحذَّر التقرير« من إمكانية أن يحدث تفاهم بين القراصنة وجماعات إرهابية، وهو ما يمكن أن يؤديَ إلى إغراق سفينة في مدخل قناة السويس مثلاً». إلا أن اليمن البلد الجار للصومال والذي تربطه به علاقات تاريخية وتداخل شعبي بارز عبر عن مخاوفه من التهديدات التي تواجه خليج عدن فقامت القوات البحرية اليمنية بنشر سفن لخفر السواحل تقوم بدوريات قبالة السواحل اليمنية فيما يدور حديث عن لجوء صنعاء إلى ماليزيا للتعاون معها في محاولة لتضييق دائرة تحرك القوات الدولية في المياه اليمنية. فيما تبرز المخاوف اليمنية أكثر في احتمال تحول عمليات الحلف من هدفها مواجهة القراصنة وملاحقتهم إلى مهاجمة الصومال وانتهاك سيادة اليمن على مياهه الإقليمية وهو ما عبرت عنه فعاليات سياسية في اليمن فيما لم يبرز أي موقف رسمي بهذا الشأن عن صنعاء. وأيا تكن المخاوف والتحاليل فإن حقيقة باتت اليوم في البحر وهي وجود قوات دولية بدعم أميركي تتولى السيطرة على جنوب البحر الأحمر وعلى أهم الممرات الملاحية الحيوية. في المقابل استبعد قائد قوة حلف الناتو الأدميرال مارك فيتزجيرالد إمكانية سيطرة الحلف وقواته على القراصنة في وقت قصير مضيفا انه «مع الكثرة البالغة للسفن سيكون من الصعوبة تحديد أي السفن تابعة للقراصنة ومن وجهة نظر عسكرية، نحن مقيدون بالفعل بما نستطيع القيام به». ملامح القراصنة الجدد يقدر المكتب الدولي للملاحة البحرية عدد هجمات القراصنة الصوماليين ب 61 هجوما سجلت منذ مطلع العام الحالي، وهم يحتجزون حاليا أكثر من 12 سفينة، بينها واحدة تحمل 33 دبابة. كما قدرت منظمة بحرية متمركزة في كينيا عدد القراصنة المنتشرين على طول السواحل الصومالية بنحو 1100 رجل موزعين في أربع مجموعات ومعظمهم من خفر السواحل السابقين. ويستخدم القراصنة زوارق سريعة جدا تعمل انطلاقا من سفينة أم، وهم يملكون أسلحة رشاشة وقاذفات قنابل يدوية وقد يكون لديهم قاذفات صواريخ. كما يملكون هواتف تعمل بنظام «دي بي اس» وبالأقمار الاصطناعية. وتتراوح الفديات التي يطلبها القراصنة بين مئات الآلاف وملايين الدولارات حسب السفينة التي يستولون عليها وهويات الرهائن. وتفيد تقديرات حديثة بأن القراصنة حصلوا على نحو 30 مليون دولار خلال العام 2008. واحتجز القراصنة الصوماليون مئات البحارة بينهم فرنسيون وألمان لكن معظمهم آسيويون. ويحتجز القراصنة حاليا نحو 100 بحار فلبيني، علما بأن الفلبينيين يشكلون ثلث الطواقم البحرية في العالم.