رد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي بقوة على اتهامات إسرائيل له بالتحيز في موقفه لصالح سورية، في خلاف علني نادر داخل الوكالة. وكانت الوكالة تبحث، خلال اجتماع لها، في قضية منشأة سورية نووية مزعومة للاستخدام العسكري كانت إسرائيل قد قصفتها ودمرتها في عام 2007. وقال المندوب الإسرائيلي لدى الوكالة خلال النقاش، الذي جرى في مقرها بالعاصمة النمساوية فيينا، إن على البرادعي "تجنب" الانحياز السياسي. إلا أن المسؤول الدولي، وهو مصري، رد على تلك التصريحات باتهام إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية، وقال: "لا توجهوا لنا المواعظ". وأضاف البرادعي إن الهجوم الإسرائيلي على المنشأة السورية عرقل محاولات الوكالة لمعرفة الحقيقة وراء إقامة تلك المنشأة. ويقول مراسلون إنه من النادر أن تخرج تفاصيل عما يحدث في اجتماعات الوكالة إلى العلن، كما أن انتقادات مفتوحة لرئيس وكالة دولية تابعة للأمم المتحدة كالبرادعي لا سابق له. وقال البرادعي "إن عملكم (الإسرائيليون) مرفوض ومدان لأنكم لم تسمحوا لنا بالقيام بما يجب علينا القيام به، وسنكون ممتنين إذا توقفتم عن توجيه المواعظ لنا". وكانت سورية قد أصبحت موضع تحقيق أجرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في عام 2007 عندما قصفت المقاتلات النفاثة الإسرائيلية ما قالت عنه الولاياتالمتحدة انه مفاعل نووي على وشك الانجاز، بني بمساعدة كوريا الشمالية، ويمكن أن يكون قادرا على إنتاج اليورانيوم، الذي يمكن بدوره أن يستخدم لصنع رؤوس حربية. إلا أن سورية نفت تلك المزاعم، ولكن عقب السماح في البداية لمفتشي الوكالة بالتحقيق في الأمر، عادت دمشق ورفضت السماح لهم بإجراء المزيد من التحقيقات. انتقادات علنية وقد توترت الأجواء في الاجتماع عندما اتهم إسرائيل ميكايلي المندوب الإسرائيلي لدى الوكالة البرادعي بتكرار المطالبات بمزيد من المعلومات من الجانب الإسرائيلي، واعتبرها مطالبة "متقادمة". وقال ميكايلي: "لقد ردت إسرائيل في الوقت المناسب وبنّية طيبة على التساؤل المتعلق بالأصل المحتمل لجزيئات اليورانيوم، التي وجدت في المفاعل النووي في دير الزور". وأضاف: "لو أن المدير العام (البرادعي) رغب في الحصول على مزيد من المعلومات، ما كان رفض الاجتماع مع المسؤولين الإسرائيليين، وكان عليه الامتناع عن انتقاد إسرائيل علنا". واختتم ميكايلي تصريحه، حسب محضر الاجتماع الذي وزع على وسائل الإعلام، بالقول إن "إسرائيل تدعو المدير العام إلى تجنب الانحياز السياسي في التعامل مع الملف السوري". إلا أن البرادعي كان سريعا في الرد بالقول: "عندما تقصف إسرائيل ما تقول انه منشأة نووية، فهي ليست فقط تعرقل عملنا، بل إنها تنتهك بوضوح القانون الدولي". وأضاف: "إن عملكم، يا سيدي، مرفوض ومدان عندما رفضتم السماح لنا بفعل ما توجب علينا فعله حسب القانون الدولي. أنتم لستم أعضاء في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية حتى يمكنكم أن تقولوا لنا ماذا يجب علينا أن نفعل، وسأكون ممتنا إن امتنعتم عن توجيه المواعظ لنا". كما انتقد البرادعي الموقف السوري بسبب امتناع دمشق عن السماح للمفتشين الدوليين بالقيام بعملهم، وعدم تسليم وثائق متعلقة بالقضية. كما دخل جفري بايات نائب المبعوث الامريكي لدى الوكالة في النقاش الساخن باتهام سورية بالعرقلة. وقال بايات: "سورية للأسف لم تستفد من الوقت للرد على التساؤلات المتعلقة بالمفاعل والمنشآت الملحقة به، وبالمقابل يزداد طول قائمة الأسئلة التي تطرحها الوكالة حول الأمر".