أمضيت في الصحافة قرابة الأربعين عاماً منها ثلاثون عاماً كان فيها العمل الإعلامي وبخاصة الصحفي يُنظر إليه بعين الإحترام ويقاس بالمهنية الصحفية ولو في أبسط حدودها بحسب امكانياتها المتواضعة فنياً وتقنياً، وكتابة وتحليلاً وعطاء وجهدا يحترم مسؤوليته . والعشر الأخيرة أتت على ماتبقى من أرث الصحافة الحضرمية وطمست صجافة العصر الذهبي أيام ( الطليعة ) و( الرائد ) و( الرأي العام ) . فقد تراجعت إلى مستوى يبعث على القلق . فلا صحافة ورقية مشرَّفة ومهنية على الأقل . ولا كُتَّاب خبروا مهنيتهم واحترموا رسالتهم . وفي مقابل هذا أي في العشر سنوات الماضية ظهرت صناديق ألكترونية حملت مجازاً اسم مواقع صحفية ألكتورنية . واستثني هنا موقعي ( هنا حضرموت ) و( المكلا اليوم ) ثم رافقها كوم من المشلحات القروبية والمجلات الحائطية الألكرتونية وفي كل يوم يبيض دجاج النت موقعاً أو " سلخانة " تسمى مجازاً صحافة واعلام. والطامة الكبرى أن هذا " العصيد " الإعلامي ولَّد لنا عباقرة التنظير والفهلوة الصحفية والكلام الفارغ الذي همَّ أصحابه الأول الشهرة والظهور . وياويل لمن يناقشهم ويفند " فطيسهم التحليلي السياسي ،أو هراءهم الثقافي ، أو " شقلبتهم" الكلامية . وكل هذا وذاك سبب في نكوص مهول لحضرموت فكرياً وثقافياً وصحافياً ، وجعل منها سوق حراج لمن هبَّ ودَّب . فلا صحف مثل " شبام " و" المسيلة " و" 30نومبر " تصدر ولو بأبسط مقومات المهنية . بل أننا أمضينا عامين في انتظار أن تتحول ( نوفمبر ) إلى شبه يومية إن لم نقل يومية . والأهم أن تكون على المستوى اللائق لتشريف حضرموت . لا شيء من هذا وذاك سوى غربان التنظير وجلاوزة التحليل وجزاري الكلمة ينفخون أوداجهم في الساحة ولا يستطيعون أن يؤثروا في صناعة رأي محلي وطني يبشر بانفراج وضع حضرموت الذي وصل إلى مستوً يرثى له . فيا أيها المتصيحفون ، ويا أيها المتاجرون بأسم صحافة حضرموت سيلعنكم ذات مستقبل قريب كل من تسببتم له هذا الضياع وأدخلتموه تلك الدوامة . ويا أيها الأكاديميون الذي يعتقدون أنفسهم صحفيين على أساس السيلان الكتابي ، وما هو سوى مرض يُطلق عليه " اللوغوريا " أي الإسهال الفموي . رجاء ابتعدوا قليلا عن صحافة حضرموت وانظروا إلى واقع الأدب والثقافة الذي اوصلتموه إلى حالة من الركود والتقوقع بين جدران مقر اتحادكم ، و غرستهم في عقول مريدكم الذين لا يتجاوز عددهم العشرين فرد وهم اً على نياتهم أقول غرستم في عقول البعض منهم شيئاً من الشتات . ولا أمل فيكم ولا في المتصيحفين ولا محاضري كلية الإعلام الذين لا يعرفون ألف باء الصحافة بإستثناء الهالة الأكاديمية التي يتشحون بها . لم يتبق لنا سوى صحيفة ( الأيام ) التي بُعثت كالعنقاء من رماد العسكر وحكم الجنرالات . فهي المنقذ لحضرموت وسائر مناطق الجنوب .