إلى هذه اللحظة يستطيع المتابع أن يؤكد أن إيران تعثرت في اليمن ولم يحالفها الحظ كما هو الحال في سورياوالعراق, إن لم نقل فشلاً ذريعا لمشروعها أو في طريقه للفشل. جاءت عاصفة الحزم على حين غرة (بكسر الغين) ولم تكن في حسبان ملالي طهران, وظنوا أن التحرك العربي لن يكون قبل القمة أبدا لهذا عجلوا في حركتهم ووجهوا نصر لاتهم في اليمن عبد الملك الحوثي بسرعة اكتساح الجنوب وإسقاطه قبل القمة, حتى يضع قادة العرب في مؤتمر القمة أمام واقع مفروض على الأرض. لقد لخبطت العاصفة بكل الأوراق الإيرانية يظهر ذلك جليا من خطاب نصر الله الذي بثه مساء الجمعة, ومعلوم أن نصر الله يعد أحد القنوات الإيرانية التي من خلالهاتوجه إيران رسائلها مباشرة لخصومها وبلغة حادة جدا. وحتى لا أبتعد كثيرا عن موضوعي الرئيس وهو أن صراع الحوثي في اليمن في شقه الكبير منه طائفي بامتياز وإن حوى رسائل سياسية ومكاسب سياسية فالأمر بالنسبة لدولة مثل إيران ومنذ قيام ثورتها الإسلامية عام 1979 جعلت من السياسة وعاءً لمشروعها الطائفي تحت بند تصدير الثورة, وما حقيقة هذا البند إلا نشر التشيع في العالمين العربي والإسلامي واستطاعت أن تزرع خلاياها الرافضية في العالم الإسلامي فلم يسلم شرق آسيا ولا القرن الأفريقي منها, وهي لم تكتف بنشر مذهبها ودعمه بل جعلت من كل حسينياتها المتناثرة في الشرق والغرب وسفاراتها وقنصلياتها أوكاراللتجسس والتآمر ضد الدول, وهذا ما جعل بعض الدول تجرم الرفض وتعتبره خطرا يهدد النسيج الاجتماعي لشعوبها وتحظر ممارسته كما في السودان وماليزيا. ومما يؤكد لنا أن المشروع الإيراني مشروع طائفي، نقطتان: الأولى تاريخ إيران وسنيتها حتى غزاها المد الصفوي وحولها من سنية إلى شيعة بطرق وحشية همجية ما بين قتل ونفي وتحويل قسري للمذهب, وجاء الخميني في ثورته المشؤومة ليصدر هذا المذهب للخارج بغطاء مالي ضخم جدا, يفوق كثيرا من ميزانيات المشاريع التنموية الداخلية لإيران. الثانية أن بزوغ مؤشر الطائفية في الشرق الأوسط واستفحاله ووصوله للذروة، صعد بعد غزو العراق وسقوطها في القبضة الإيرانية في 2003, ومن ذلك الحين والمليشيات الإيرانية تقتل على الاسم والمذهب والانتماء. ولا يختلف المشروع الحوثي عن الإيراني فهو ربيبها وصنو مشروع حزب اللات في لبنان, ومارس أبشع صور الطائفية في كل قرية يدخلها, حيث يعمد مباشرة إلى هدم مساجدها ودور القرآن الكريم فيها, وملاحقة رموز السنة فيها, بل رأينا كيف هجر أهل دمج وهي التي لا ناقة لها ولا جمل في السياسة إلا كونها تمثل معقلا للسنة,حتى تصفى صعدة بكاملها له وتخلوا من أي وجود سني, ورأينا –أيضا- كيف تحاشت مليشيات الحوثي ملاحقة بعض الشخصيات التي تنتسب لآل البيت وهي من الرموز القيادية في بعض الأحزاب التي لاحقها الحوثي وهجررموزهالخارج الوطن. وإذا عدنا للوراء وتحديدا لجذور هذه الحركة لوجدنا أنها قامت على أساس طائفي بحت, ومن يتتبع كتابات حسين بدر الدين الحوثي الأب الروحي للحركة ومقاطع الفيديو له, لوجد فيها كما كبيرا من الخطاب الطائفي المعادي للسنة كاستهدافه لرموزهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, وانتشار الحسينيات في صعدة وإحياء أعيادهم ومناسباتهم الحولية, وحتى ضريح أبيهم الروحي حسين بدر الدين في صعدة بني على النمط الإيراني. وبعد تمدد الحوثي والتهامه للمحافظات كانت أبرز أولوياته تغيير أئمة المساجد واستبدالهم بأئمة روافض, وهدم دور القرآن وأغلق المؤسسات السنية الخيرية والتعليمية, ورفع صورة ملالي إيران في صنعاء وغيرها. كل هذه الممارسات تأتي في سياق قلب التركيبة الدينية لليمن وتحويلها إلى دولة شيعية كما هو الحال في إيران. بعد هذه العجالة والإطلالة السريعة على أبرز ممارسات الحوثي الطائفية, نستغرب من بعض الأقلام التي تصر على أن الخلاف سياسي بحت ويخلو من أي نفَسٍ طائفي, وكأنهم يعيشون على المريخ, مالم يكونوا موالين لهذا المشروع ومؤيدين له, ولهذا نجدهم سرعان ما تشتاط أقلامهم غضبا كلما ذكرنا السنة. ولذا فإنا لن نكتفي نردد أن الصراع مع الحوثي في مضمونه صراع طائفي في وعاء سني وأنه مفروض علينا كما فرض على سنة العراقوسوريا, وأن إيران وبعد تفهمات مع أمريكا والغرب ماضية في تصدير مذهبها القائم على أيديولوجية طائفية واحدة وهي من ليس معي فهو ضدي, وبالتالي والحال هكذا تقتضي الضرورة الشرعية والأمنية للسنة أن يتصدوا لهذا الخطر الرافضي وأن يسرعوا في إقامة كيان سني يدافع عن دولهم ويقف في وجه هذا المشروع المفروض علينا والمدعوم غربا, ما لم فلن تتوقف إيران عن نشر طائفيتها وزرعها في جسمنا السني.