جدد الرئيس على عبد الله صالح تأكيده استعداد اليمن لدعم كل الجهود المخلصة والجادة في الإطار العربي لخدمة التوجه الديمقراطي، واصفاً إياه بأنه "خيار لا عودة عنه، ولا بد من السير فيه بما يعزز التنمية والعدالة ويقيم مجتمع الرفاه والسلم والتقدم". وقال الرئيس صالح: أن الديمقراطية أصبحت آليات وممارسات وأنظمة وقوانين ضرورة لا غنى عنها للتطور والتنمية، وخصوصا إذا دعمتهما مؤسسات وأجهزة الرقابة والمساءلة طبقا لسيادة القانون، واستقلال القضاء وتداول السلطة سلميا وتحقيق المساواة وتمكين المرأة كجزء فاعل ومهم من المساهمة في عملية التقدم والإصلاح والسير في طريق التعددية واحترام حقوق الإنسان. وقال– في رسالة وجهها إلى ملتقى صنعاء الأول للديمقراطية في الوطن العربي ، وألقاها بالنيابة مستشاره السياسي الدكتور عبد الكريم الارياني – أنه: منذ أواخر الثمانينات سارت اليمن بخطى حثيثة للإقرار بالتعددية وتأكيد التوجه الديمقراطي، من خلال احترام حرية التعبير والحق في تأسيس الجمعيات والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والحق في المشاركة السياسية، وأجرت انتخابات دورية وسنت العديد من القوانين والأنظمة التي تعزز الحريات، ونحن نطمح إلى تحقيق المزيد من الخطوات والإجراءات لتوسيع دائرة المشاركة وخطط الإصلاح والتغيير باتجاه تعميق وتعزيز التنمية بما ينعكس إيجابا على الفرد والمجتمع، وخصوصا تحسين حياة الناس وتأمين الخدمات الضرورية كالتعليم والصحة وفرص العمل إضافة إلى النهضة العمرانية الشاملة. وأضاف: إن ملتقاكم يعكس التوجه الايجابي لدى أوساط الكثير من النخب العربية ومؤسسات المجتمع المدني، وننتهز هذه الفرصة لنؤكد تقديرنا لجهودكم واستعدادنا الكامل لتقديم أنواع الدعم المختلفة لإنجاح خياركم من أجل نشر الوعي الديمقراطي وتعميقه وتهيئة المستلزمات الضرورية لخلق ثقافة ديمقراطية وللنهوض بالتحول الديمقراطي المنشود لتحقيق دولة المواطنة الشاملة وسيادة القانون. ومنذ أن استقبلنا المؤسسين في شهر يونيو الماضي باركنا إصدار العهد العربي للديمقراطية وتعهدنا بدعوة جامعة الدول العربية لتبني ميثاق عربي للديمقراطية وذلك إثناء لقاءنا بمؤسسي الرابطة العربية للديمقراطية. وكان أمين عام الرابطة العربية للديمقراطية الدكتور عبد الكريم الارياني- استهل أعمال الملتقى الذي أقيم صباح اليوم الأربعاء تحت شعار (نحو مستقبل ديمقراطي أفضل)، بالتأكيد على أنه يخطئ من يعتقد أن الدعوة إلى الحرية والمساواة في الوطن العربي ظاهرة حديثة أو مستحدثة، كما يخطئ من يعتقد أن العمل من أجل تلك المبادئ ليس إلا مجاراة أو خضوعا لإرادة خارجية، أو لسير في الركب الذي تسير فيه غالبية الأمم في القرن الواحد والعشرين. وأشار إلى أن رواداً أوائل قد نادوا بل وناضلوا من أجل هذه المبادئ منذ نهاية الحرب الكونية الأولى قبل نهاية العقد الثاني من القرن العشرين.. مستشهدا: في مصر مثلا من ينكر دور سعد زغلول وقاسم أمين وهدى شعراوي وعبدالرزاق السنهوري وغيرهم كثيرون، وفي العراق حسين جميل وعبد الفتاح إبراهيم وكامل الجاردرجي، ومن المغرب عبد الله إبراهيم، ومن فلسطين منذر عتناوي، ومن الأردن د. سليمان الحديدي وسليمان النابلسي، وأما من لبنان فمن منا لم يسمع بقسطنطين رزيق وشارل مالك وفرح انطون. وقال الأرياني: لا يضير هؤلاء الرواد أنهم قد انتقلوا إلى جوار ربهم قبل أن ترى عيونهم شفق الحرية مشعا على أوطانهم، فقد تركوا لنا تراثا ديمقراطيا يجب أن نفتخر به وننهل من ينابيعه. واستطرد: منذ سنة ونصف تقريبا قررنا في منتدى جسور الثقافات والمركز الوطني لحقوق الإنسان وتنمية الديمقراطية تأسيس نشاط ديمقراطي فاعل في المنطقة يعمل على أساس إستراتيجية هادفة نحو نشر وترسيخ مفاهيم الديمقراطية الحقة التي تلبي احتياجاتنا وتحافظ على خصوصياتنا الثقافية والتاريخية، وأن نرسم بأيدينا الخطوط العريضة لطموح أوسع نحو مستقبل ديمقراطي أفضل يحقق ولو جزءا من طموحاتنا المشروعة. وبين: أن مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان وعدد من المفكرين والناشطين في وطننا العربي الكبير الذين مثلوا شراكة فاعلة أول من استجابوا للمبادرة التي بدأت تحت مسمى حركة عربية وميثاق عربي للديمقراطية وعملنا معا إيماناً منا أن التنمية لا يمكن أن تتحقق في ظل غياب الحرية واحترام حقوق الإنسان وبمعنى أدق لا تنمية بدون ديمقراطية حقيقية وقد عقدنا مؤتمرنا التأسيسي في شهر يونيو الماضي الذي أسفر عن تأسيس منظمة عربية تعنى بالتنمية الديمقراطية وتعزيز مفاهيمها بمختلف الوسائل، وفي جو ديمقراطي حقيقي ونقاش طويل غاب عنه الجدال العقيم الذي تعودنا عليه في مختلف لقاءاتنا العربية وتغلب فيه رأي الأغلبية على دكتاتورية الفرد فخولت الحركة العربية إلى رابطة عربية للديمقراطية وأصبح الميثاق عهدا عربيا للديمقراطية. وتابع الدكتور الارياني: ها نحن نجتمع في اللقاء الثاني للشركاء الديمقراطيين مؤسسين الرابطة العربية للديمقراطية مع الأخوة الجدد القادمين من أقطار عربية عدة إضافة إلى عدد لا يستهان به من منظمات المجتمع المدني في اليمن الذين سيحملون على عاتقهم تنظيم نشاط عربي سنوي يمثل متنفسا ديمقراطيا وباكورة عربية حرة مثل ملتقى صنعاء الأول للديمقراطية في الوطن العربي تحت شعار (نحو مستقبل ديمقراطي أفضل) وبرعاية كريمة من فخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية اليمنية ومشاركة عربية واسعة للنشطاء ومنظمات المجتمع المدني العربية. وأعرب عن تطلعه الشخصي وطموح زملائه في الرابطة أن يؤسس المشاركون جميعا في هذا الملتقى صرحا استراتيجيا ديمقراطيا يتمثل في إثراء محاوره بخيراتهم وتوصياتهم القيمة وهذه المحاور هي: الحكم الرشيد، الانتخابات الحرة، نهوض المرأة، التثقيف الديمقراطي في مناهج التعليم وحرية التعبير. ودعا إلى العمل معاً بكل الإمكانيات والوسائل التي حددها العهد العربي للديمقراطية والذي هو بين أيديكم وستجدونه رسالة واضحة لنشر الديمقراطية والدعوة إلى الإصلاح وسيادة القانون والعدل الاجتماعي والتعددية والتداول السلمي للسلطة والفصل بين السلطات واستقلال القضاء واحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير. ووصف دعوته بأنها دعوة للبناء والتنمية.. نساهم فيها جميعا بأقلامنا وأصواتنا وخبراتنا التي تنبع من أصالة تاريخنا الحافل.. إنها دعوة لأن نصبح جميعا شركاء أساسيين نحو مستقبل ديمقراطي أفضل لنا وللأجيال القادمة. من جهتها أعربت رمزية الارياني- رئيسة الاتحاد النسائي العربي، رئيسة الاتحاد العام لنساء اليمن- عن تطلعات المرأة العربية نحو أفاق مستقبلية واعدة، مؤكدة أنها استطاعت أن تحصل على حقوق ومكتسبات تكاد أن تكون متساوية، وأن الإصلاح السياسي الواسع شمل النهوض بالمرأة العربية على مستوى التمكين السياسي والاجتماعي والاقتصادي إلا أن الفجوة لازالت واسعة بين واقع المرأة والرجل في البلدان العربية. وقالت السيدة الارياني: إن الديمقراطية وحقوق الإنسان مطلبا أساسيا في كل العالم ولن تتحقق الديمقراطية في العالم الثالث إلا بتغيير المفاهيم الاجتماعية وزيادة الوعي وتغيير البنى الاقتصادية وتطبيق القوانين الموضوعة والاعتراف بحقوق المرأة في الواقع العملي حيث لا زالت فجوة كبيرة بين واقع المرأة وطموحها ومشاركتها الحقيقة لا زالت تواجه تنظيمات سياسية غير مؤمنه بالمسار الديمقراطي وتحمل رؤى ثقافية واجتماعية سلبية. مبينة: أن المرأة العربية قد تمكنت من المشاركة في الحياة السياسية من خلال التحاقها بالأحزاب ودمجها في التنمية الوطنية وحصولها على بعض المكاسب الديمقراطية مما يعزز من إسهاماتها في المناشط السياسية والاقتصادية، والثقافية. وتحدثت رئيسة الاتحاد النسائي العربي عن تحديات كثيرة ما زالت تواجه المرأة العربية، قالت أن أهمها مشاركتها الفعلية بالتنمية للنهوض بواقعها والدخول في عالم التكنولوجيا والتطورات الحاصلة اليوم والتي لسنا بعيدين عنها إلا أنها استطاعت أن تحصل على حقوق متساوية في بعض الدول ونسبيه في البعض الأخر ولكن لا يعني ذلك إنها استطاعت أن تصل إلى مراكز اتخاذ القرار في كل الأحوال وتلك حال النساء في كل العالم. وعزت إلى ما وصفتها ب "تراكمات ثقافية واجتماعية" أسباب عدم تمكين المرأة في بعض الدول العربية وخاصة دول الخليج من الحصول على ثقة المصوتين لها في المجالس النيابية والبلدية. وأكدت: أن الموروث الثقافي والنظرة والدونية للمرأة والاعتقاد السائد أنها غير قادرة على اتخاذ قرار سياسي أو تشريعي جعل المصوتون يتجهون للتصويت للرجال دون النساء وتلك تجربه مريرة خضناها في دولنا العربية، كما أن نسبة الأمية بين النسا لها دور كبير في عدم فهم الأدوار الهامة والحقيقة التي تخوضها النساء في معترك الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية. وأشارت إلى أن تكريس ثقافة الديمقراطية وقبول الرأي والرأي الآخر ونبذ العنف والفكر الشمولي والأصولي وتجلياتهما في العمل السياسي والثقافي له انعكاسات إيجابية على النهوض بالمرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا كما أنه أساس للديمقراطية ولن تكون هناك ديمقراطية في ظل غياب حقوق الإنسان كما أن ثقافة حقوق الإنسان لا يمكن تكريسها في مجتمع لا يملك الأمن الغذائي والتعليمي أو الصحي أو في مجتمع ليس له الحق في المشاركة السياسية أو تقرير المصير. وتساءلت: كيف يمكن للمرأة أن تكون شريكة أساسية في نشر ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان وهي لا زالت تعاني من انتهاك حقوقها لا زالت تنتظر من ينهض بواقعها دون أن تكون هي المبادرة والمناضلة لأخذ حقوقها المشروعة وتطوير وإثبات ذاتها دون غيرها. وقالت السيدة الارياني: لن تستطيع المرأة أن تلعب دورا أساسيا في نشر ثقافة الديمقراطية إذا كانت تشعر بأنها لا تعيش في بيت أغلقت فيه منافذ الحوار الديمقراطي فالتثقيف الديمقراطي يبدأ من المنزل إلى المدرسة ثم إلى المجتمع وذلك لن يكون إلا إذا بدا الحوار الديمقراطي بين الآباء والأبناء ومنحت الثقة بحرية الرأي والكلمة وغرسنا مبدأ المساواة وحقوق الإنسان بين أفراد الأسرة نساء ورجال، مؤكدة: أن المرأة جزء من منظومة اجتماعية متكاملة وكل العوامل المؤثرة في المجتمع تنعكس سلبا أو إيجابا على النهوض بأوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية". هذا ويشارك في الملتقى نحو 75 مشاركا ومشاركة، يمثلون المجتمع المدني العربي في (18) دولة عربية شقيقة، تشمل كل من .. مصر، السعودية، تونس، المغرب، الجزائر، موريتانيا، سوريا، فلسطين، البحرين، الإمارات، قطر، الكويت، ليبيا،السودان، العراق، لبنان، الأردن، بالإضافة إلى ممثلين عن مختلف منظمات المجتمع المدني. وتم خلال اليوم الأول تقسيم المشاركين إلى أربع مجموعات عمل تبحث الأولى في محور :" الحكم الرشيد والانتخابات" والثانية في "تمكين المرأة"، فيما تناقش المجموعة الثالثة "حرية الرأي والتعبير"، والرابعة تناقش "التثقيف الديمقراطي في مناهج التعليم".. حضر افتتاح الملتقى المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية الدكتور عبد العزيز المقالح، ونائب رئيس مجلس النواب جعفر باصالح وعدد من أعضاء مجلسي النواب والشورى.