بعد تشدق طويل بالشعارات الوطنية، والتصريحات الحماسية، ومنابر تبكي دماً على الهوية الوطنية اليمنية، وترتجف خوفاً على الولاء للوطن والأرض اليمنية، أكد جمع كبير من الطلبة اليمنيين الدارسين في أمريكا أنهم حتى اليوم لا يعرفون اسم سفير اليمن في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وإنهم لأول مرة يسمعون أن في اليمن وزارة تدعى "وزارة شؤون المغتربين اليمنيين".. "نبأ نيوز"، وداخل حرم جامعة "هنري فورد" الأمريكية في مدينة "ديربورن" بولاية "مشغان"، التقت بعدد كبير من أبناء الجالية اليمنيةالأمريكية الدارسين في صفوفها، لتكتب تقريرها التالي: "نبأ نيوز" سألت الطلاب حول حجم المساعدات والمعونات التي يحصلون عليها تحت شعار "رعاية الدولة لشؤون المغتربين"، وشعارات أخرى أدمنت على ترديدها مكاتب الوزارات والسفارات والدوائر القنصلية.. فلم تجد إلاّ استغراباً، وقهقهات ساخرة، فلم يسبق أن عرفوا أي كتب، أو خرائط، أو حتى قراطيس مما تدعي الجهات الرسمية أنها تكلف ميزانية الدولة الملايين..! ويؤكدون أنهم سمعوا بتوجيهات الأخ رئيس الجمهورية خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة بشأن رعاية المغتربين، ودعم تعليم أبنائهم، غير أنهم ورغم مرور أكثر من ثلاثة أعوام على تأريخ تلك الزيارة لم يروا شيئاً، أو يسمعوا بإجراء ما باتجاه تنفيذ تلك التوجيهات، ولم يروا وجه مسئول حكومي يمني حتى ساعة إعداد هذا اللقاء، كما لو أن الولاياتالمتحدة ليس فيها تمثيل رسمي للجمهورية اليمنية! محمد مانع جوبع- أحد الطلاب الدارسين في "هنري فورد"- وآخرين كانوا بجواره قالوا أنهم إلى اليوم والليلة لا يعرفون ما هو اسم السفير اليمني في أمريكا.. وحين تطرقنا إلى وزارة شئون المغتربين تمالكتهم الدهشة وحملقوا بوجوه بعضهم مستغربين، وقالوا: إنهم لأول مرة يسمعون اليوم أن في اليمن وزارة اسمها وزارة المغتربين..! وأكدوا أنهم لم يتقاضوا ريالاً واحداً من أي جهة يمنية في الداخل أو في الخارج طول فترة حياتهم تقريباً، بل أن بعضهم قال أنه قدم إلى الولاياتالمتحدة من مناطق بعيدة عن عواصم المدن ومحرومة من التعليم والصحة والرعاية اللازمة، ولم يذق أبنائها طعم الكليات والجامعات.. وقال الطلاب اليمنيين المغتربين في الولاياتالمتحدة: أنهم محرومون من أي رعاية حكومية يمنية، حتى ولو كانت تلك بصيغة رعاية احتفال سنوي للطلاب، أو حتى زيارة تفقدية من قبل قنصل أو سفير يمني أو ممثل لوزارة يمنية، أو من أي جهة تدعي أنها في خدمة المغتربين، ورعاية الطلاب اليمنيين الدارسين في الخارج.. وأشاروا إلى أنهم لم يسبق لهم إقامة احتفال بحضور جهة رسمية تمثل اليمن، أسوة بطلاب الجاليات اليمنية الأخرى في بعض الدول الذين يشاركهم سفراء بلدهم فعالياتهم. ونوهوا إلى أن المؤسسة السياسية اليمنيةالأمريكية "واي باك" تقيم سنوياً حفل تكريمي للطلاب اليمنيين في الجامعات، وأن هذه المؤسسة هي نفسها التي تولت رعاية حفل الطلاب في جامعة "هنري فورد" العام الماضي، وحضرته قيادات في المؤسسة وعدد من أبناء الجالية. وقالوا: أنهم فخورون بمثل هكذا لفتة كريمة، واهتمام سواء من الجهات الرسمية الأمريكية أو المنظمات اليمنية، فالجهات الرسمية الأمريكية تشملهم ببعض الرعاية البسيطة. وأعربوا عن ارتياحهم الشديد بالخدمات التعليمية في الجامعات الأمريكية وخصوصاً جامعة فورد، والاهتمام البالغ بالعلم والمتعلمين في هذا البلد الذي يتسع للجميع من مختلف الأجناس، مثمنين في الوقت نفسه المساعدات التي يحصلون عليها من الحكومة الأمريكية، وقالوا: أنها تشجع الكثير لمواصلة التعليم، ولو كانت بسيطة! ولكن برغم كل هذا الحرمان والتجاهل، فقد أكد الطلبة أنهم مازالت قلوبهم تنبض بحب الوطن الغالي في عهد الثورة والجمهورية والوحدة الخالدة والمباركة، وأنهم يحلمون دائماً بالعودة إلى أرض الوطن بعد أن ينهوا دراساتهم العليا ويتخرجوا من مختلف الكليات، ويومها لن يبخلوا بما لديهم من مهن وخبرات يحتاج إليها الوطن الذي يهمهم أمنه واستقراره ومستقبله كما تهمهم حياتهم تماماً. إسماعيل الماوري وآخرين، ناشدوا الجهات المعنية في أرض الوطن برعاية المغتربين خصوصاً دعم مدارس الجاليات لتعليم اللغة العربية والاهتمام بشباب اليمن المهاجرين في مختلف المجالات وأهمها الدينية والتعليمية والثقافية والرياضية.. وقالوا: أنهم على ثقة بان توجه القيادة السياسية اليمنية الحكيمة الجهات المعنية إلى سرعة تنفيذ كل ما جاء في البرنامج الانتخابي الأخير لرئيس الجمهورية المشير علي عبد الله صالح، لخدمة قطاعات المغتربين، مؤكدين أنهم سيبقون عامل بناء للوطن ووحدته وليس معولاً للهدم والتخريب وزرع الفتن وبث الكراهية- كما يعمل بعض المتآمرين على الوطن. ودعوا أبناء الجالية اليمنية إلى دعم وحث أبنائهم وبناتهم على مواصلة التعليم الجامعي والتركيز على الدراسات العليا، وحث الوافدين اليمنيين الجدد بسرعة الالتحاق بمدارس تعليم اللغة الانجليزية لما للعلم من أهمية في الحياة.. كما توجهوا جميعهم بالشكر لموقع "نبأ نيوز" الذي اعتبروه أول وسيلة إعلامية تسلط الضوء على طلاب الجالية اليمنية في الجامعة. وضمن الرعاية الطيبة بطلاب جامعة هنري فورد قام الطلبة برعاية من الجامعة برحلة رياضية خلال الأيام الماضية إلى إحدى الصلات الرياضية الشهيرة في مدينة "تيلر"، والتي تظهر في الصورة أعلاه. (من اليمين: إسماعيل ومحمد من اليمن، وقحطان من العراق، وعباس من اليمن ايضاً، وشادي من فلسطين). طلاب يمنيون صادقون.. رغم تجاهل دولتهم لهم، ورغم كل ما يكابدون من معاناة إلاّ أنهم عندما سألناهم حول الحراك الانفصالي من قبل بعض المهاجرين، أكدوا أنهم يرفضون الارتزاق على حساب الوطن، مها طال الفساد منهم، ومهما عانوا من تجاهل وحرمان.. ويؤكدون أن الوطن دم يجري في عروقهم.. لذلك هم اليوم يقفون بوجه كل من يراهن على هلاك وتمزيق الوطن، ويرفضون كل الدعوات الانفصالية والمناطقية وغيرها، ويبتعدون عن التشهير والتحريض على اليمن، ويحلمون دائماً بالعودة إلى أرض الوطن.