"وقعوا في غرامها من أول نظرة".. تلك هي السعيدة، موطن العرب الأول، ومهد حضاراتهم.. واولئك هم أبناء النيل والشام- احفاد الفراعنة والغساسنة الذين يزورون اليمن لأول مرة في إطار برنامج تبادل طلابي بين جامعة تعز والجامعات المصرية والسودانية والسورية.. "هبة، ومها، وسامر، وايهاب، واحمد، وغنوة، ومي، والفت، ونعيم، ومصطفي"، وثلاثون آخرون مثلهم عبروا عن أملهم في أن تتكرر زيارتهم لوطنهم الأول اليمن، مطلقين من سمائها صرخة استنكار في وجه كل من يسعى لتقسيم اليمن والأمة العربية.. "نبأ نيوز" التقت الطلاب، وكان لها معهم الحوارات التالية:
اليمن تشبه مصر مها أمين– مصر، جامعة طنطا– قالت: أن زيارتها هي الأولى لليمن الذي يشبه مصرا كثيرا- على حد قولها. واثنت "مها" على كرم الاستقبال وحسن الوفادة الذين استقبلوا بهما في اليمن. وفي حين تعتبر "مها" نفسها أكثر حظا من زملائها وزميلاتها حين تم استقبالها في بيت يمني حيث تعرفت عن قرب على العادات والثقافة اليمنية. ولفت نظرها المعمار اليمني الذي يعكس ذوق رفيع لم تر مثله من قبل. كما أبدت إعجابها بجامعة تعز وخاصة "مبانيها الرائعة المحاطة بالخضرة التي تجلب السعادة في النفس". غير أنها عبرت عن أسفها من عادة تناول القات الضارة خاصة بين الأطفال. وبخصوص معيقات الإبداع والتفوق لدى الشباب العربي، ترى "مها" أنها تكمن في انه (عايز كل حاجة جاهزة جايه بالساهل، كما انه نسي طريق ربنا واتجه للهو واللعب والتأثر الشديد بالغرب).
ثقافة اليمن وما زلنا في حوض النيل، ولكن مع هبة محمد على محمد– من السودان، جامعة الخرطوم– والتي قالت: أن ثقافة اليمن وعاداته وتقاليده هدف اول من زيارتها ناهيك عن الهدف الثاني وهو الاستفادة من خبرات الشركات اليمنية في تخصص إدارة الأعمال، مشيرة إلى أن هذه الزيارة أتاحت لها أيضا التعرف على مختلف الجنسيات العربية وثقافتهم ولهجتهم وعاداتهم.
أصالة وتراث وقالت هبة: ما لفت انتباهي هو طيبة أهل اليمن واجتهادهم المضني لاسعاد الوفد الطلابي، كما لفت نظري اهتمام أهل اليمن بالاصالة والتراث. وترى هبه أن مشكلة الشباب العربي هو "بعدهم عن القيم والعادات العربية والإسلامية، وعدم وضوح الهدف لديهم إضافة إلى البعد كثيرا عن التعليم النوعي الممتاز وعدم تربية الأجيال على فعل دور لهذه الأمة، وعدم إحساسهم بهموم أمتهم مثل جرح فلسطين النازف والعراق ولبنان والصومال".
دعوات نشاز تضيف هبة: استوقفني اليوم دعوات نشاز لتقسيم بعض الدول العربية مثلما يحصل في اليمن والسودان، وهو سيناريو مرسوم لتمزيق المنطقة، ويخدم في النهاية إسرائيل.. وأنت تعرف منطقة دارفور وجنوب السودان وكيف يراد فصلهما عن السودان..! وعلى أبناء اليمن أن يتعظوا ويدركوا خطورة ما يرسم للمنطقة العربية لاسيما وان المشكلة في اليمن مطالب حقوقية ويمكن حلها في إطار اليمن وتحت سقف الوحدة الوطنية، وليس بالانفصال الذي يمقته العقل والمنطق.
دهشة الصمت وعلى ضفاف النيل نفسه، نلتقي بشاب عربي أخر هو مصطفي الدين عمر– من جامعة الأمام المهدي بالسودان، ولاية النيل الأبيض.. حيث عبر عن دهشة الصمت تجاه الانسان والمكان في اليمن حيث كرم الضيافة وروعة الطبيعة- على حد وصفه- فأهل اليمن من وجهة نظره "يتمتعون بإصرار وعزيمة لبناء بلدهم ليصبح أفضل".
عبقرية الانسان وأضاف: "لفت نظرى هنا عبقرية الإنسان اليمني التي طوعت الجبال للسكن والزراعة فهذا أمر يصيبك بالدهشة والإعجاب".. غير أن هناك أمر مزعج عكر صفو زيارة مصطفي لليمن البلد العربي الذي أحبه من أول نظرة، وهو "انقطاع الكهرباء مشكلة مزعجة في اليمن، والقات آفة كبيرة لا يعترف بها حتى الآن في اليمن، وعلى أهل اليمن إذا ما أرادوا بناء بلدهم أفضل فعليهم أن يتخلصوا من القات نهائيا". موقف الحكومات مصطفي يحلم "بزيادة التواصل بين الشباب العربي وان يكون الأمر ميسرا أكثر". ومن وجهة نظره فان هذا الأمر بيد الحكومات التي بامكانها أن تجمع شمل الشباب العربي أكثر. وانتقد ابن النيل الاسمر موقف الحكومات العربية المتخاذل من قضية بلده السودان، وقال: "لدينا حروب في السودان ونحتاج لدعم أشقائنا العرب ولكن هذا الدعم غائب". وأشاد مصطفي- الذي يتلقى برنامج التدريب الخاص به في مستشفي الثورة بتعز- بمستوى التدريب في اليمن، ولم ينس مصطفى في خضم برنامج الزيارة المزدحم ان يسدى نصيحته لأهل اليمن بان "يتمسكوا بوحدتهم فهي قوة لهم وللعرب والتمزق يخدم إسرائيل ولدينا في السودان أيضا مشكلة شمال وجنوب". وأضاف: "هناك استفتاء على جنوب السودان ونحن نرفض بشدة مبدأ تقسيم السودان لأننا نريد أن تكون السودان موحدة قوية، وما نحبه للسودان نحبه لكل الدول العربية في ان تكون موحدة دائما"، وتساءل: "إذا كنا ننادي بتوحيد الدول العربية فكيف نقوم بتجزئة المجزأ؟". وشكر في ختام كلمته جامعة تعز على استضافتها الطيبة للوفد الطلابي ولكل شعب اليمن.
أجهزة ومعدات أفضل أحمد نعيم – من ذات الجامعة التي يدرس فيها مصطفى، قال أن زيارته لليمن تأتي في إطار التبادل الطلابي بين الجامعات العربية وبعضها البعض وذلك بهدف تبادل الخبرات والمعارف من خلال فرص التدريب. وأضاف: "أن النظام التعليمي بين الجامعات السودانية واليمنية لا يختلف كبيرا وان كانت الجامعات اليمنية تتميز بوجود أجهزة ومعدات أفضل من جامعات السودان، في حين الكادر الطبي في اليمن اقل من السودان". اليمن بلد جميل وأشار إلى ان اليمن بلد جميل "وأجمل ما فيها تعامل أبنائها مع ضيوفهم"، وتمنى أن تتاح الفرصة لطلاب اليمن لزيارة السودان "كي نتمكن من رد الجميل ولو جزء منه، وأن يستمر هذا التبادل في الزيارات بين الشباب والطلاب العرب، فهو بداية على طريق لم شمل الشباب العربي". وقال: "تعرفت خلال هذه الزيارة على أخوة سوريين لأول مرة، وهذا هدف رائع من أهداف البرنامج"، وحث الشباب العربي على القراءة أكثر وتعلم كل شيء جديد ومفيد والابتعاد عن النوادي والحفلات التي فيها مضيعة للوقت. وعبر "نعيم" عن انبهاره بما شاهده من جبال في اليمن "استطاع الإنسان اليمني بحكمته وذكائه تطويعها لصالحه فشيد فيها القصور"، معبرا في الوقت نفسه عن تضايقه من عادة القات التي يتعاطاها الكثير من الناس في اليمن، إضافة إلى انزعاجه من انقطاع الكهرباء بشكل متكرر في مدينة تعز.
وقع في غرامها ومن سوريا – قلعة العروبة والمقاومة، التقيت الشاب المتقد- سامر تيناوي– جامعة دمشق، كلية التجارة– وهو يزور اليمن لأول مرة لكنه "وقع في غرامها من بوابة جمال الطبيعة والمدرجات وكرم أهلها"، وقال بصوت يملؤه الأسى: "يحز في نفسي أن تكون سبل التواصل بين الشباب العربي صعبة"، محملا المسئولية "الحكومات العربية التي بيدها مفتاح الحل فيما يخص تسهيل عملية التواصل بين الشباب العربي والشعوب العربية كافة، وذلك لتحقيق هدف التكامل الاقتصادي". وأشاد تناوي بمستوى التدريب في (كاك بنك) وكذلك بمستوى الخدمات المصرفية في اليمن مثل بنك التضامن الإسلامي والتطور الذي شهدته الجامعات اليمنية. وحذر تناوي أهل اليمن من فخ الانفصال الذي أكد انه يخدم إسرائيل، ودعاهم لان يتعظوا مما يجري في الصومالوالعراق، معرباً عن إعجابه الشديد بالفن المعماري والجو الجميل خاصة محافظة إب.
تنوع هائل من جهتها، عبرت غنوة الشوملي– من جامعة دمشق، كلية الاقتصاد– عن سعادتها الغامرة بزيارة اليمن "بلد العرب الأول"، وأثنت على التنوع الهائل في اليمن سواء في الثقافات أو المناخ أو التضاريس وخاصة الجبال الشاهقة والمدرجات التي لم تشاهد لها مثيل من قبل. وفي حين شبهت الجو في مدينة تعز بجو الشام، أبدت عميق أسفها من عدم الاهتمام بهذه الأماكن السياحية الجميلة في المدينة.
أعطوا الشباب فرصة ودعت إلى "إعطاء الشباب العربي فرصة لان يبدعوا، ويثبتو جدارتهم، إضافة إلى زيادة الابتعاث للخارج". وقالت: "إذا كنا قد عجزنا أن نتوحد كدول، فعلى الأقل نسهل للشباب العربي عملية التواصل فيما بينهم، فنحن أمة واحدة تجمعنا اللغة والدين والتاريخ المشترك. ودعت "الشوملي" أهل اليمن إلى التمسك بوحدتهم التي هي "رمز قوتهم وكرامتهم وسيادتهم وهي مصدر فخر لكل العرب من المحيط إلى الخليج".
تجربة مفيدة أما أيهاب مهنا– جامعة تشرين باللاذقية، كلية التجارة– فقال: انه اكتسب تجربة فريدة ومفيدة في مجال الإدارة الصناعية وقد اتيحت له فرصة التدريب في شركات عملاقة تابعة للقطاع الخاص. وأضاف: "لذلك نحن نحاول الاستفادة من التجربة اليمنية في مجال الإدارة من أجل أن ننهض بالإدارة في سوريا كي تنتج مؤسسات الدولة أكثر"، مشيراً إلى أن زيارته لليمن هي الأولى ، ملقيا باللائمة على "الأعلام اليمني الذي قصر كثيراً في التعريف باليمن الحديث بشكل أفضل". ولفت الى أن "اليمن بلد حضارات معروفة في كتب التاريخ، والناس هنا طيبين ومتعاونين، والطبيعة رائعة".
قلعة القاهرة وأبدى إعجابه الشديد بقلعة القاهرةتعز وبالجبال العالية، منوها الى انه تمكن حتى الآن من زيارة منطقة التربة ووادي الضباب والبركاني وشجرة الغريب. وأبدى اندهاشه من أن يكون في اليمن "كل هذا الجمال وكل هذا الإهمال"، وتساءل بحسرة بالغة: "أين الفنادق، وأين المنتجعات السياحية في هذه الأماكن الرائعة؟". واستهجن "إيهاب" ما يسمعه من "دعوات غبية وخبيثة لانفصال اليمن من جديد"، وتساءل: "لماذا يريدون تجزئة اليمن ولمصلحة من؟ هل يدركون أن المستفيد الأول إسرائيل؟ ولماذا يدعون لانفصال البلد وهو واحد منذ فجر التاريخ؟ ألا يكفي العراقوالصومال والسودان"؟
البحث العلمي وأكد: "أن العرب يمتلكون موارد هائلة حتى نتقدم وعلمائنا العرب حصلوا على جوائز نوبل في الخارج عندما وجدوا الاهتمام وتوفرت مراكز البحث العلمي"، منوها إلى أن "مشكلتنا في العالم العربي تكمن في الجزئيات التي تشغله عن العلم فهو يدخل في تفاصيل الدين والسياسة". ولفت الى انه "حان الوقت لان نلغي دعوات القبلية والعصبية والانفصالية، وهذا يمني، وهذا سوري، وهذا مصري.. فنحن امة واحدة يجمعنا مصير واحد ودين واحد وتاريخ واحد ولغة واحدة"، مبديا أسفه في ان نكون "نصدر نصف النفط في العالم فيما لم نستغله في حروبنا ولا حتى في التنمية أيضا.. لا.. بل بالعكس وهبناه لأعدائنا يحاربوننا به وأموالنا كلها في البنوك الغربية واليهودية".
جمال عبد الناصر احمد عبد النبي عبد اللطيف يوسف– جامعة المنوفية، مصر– شكر جامعة تعز على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، وقال: إن "ما لفت نظري في اليمن هو إطلاق اسم جمال عبد الناصر على أماكن كثيرة كالشوارع والقاعات، وهذا يدل على حب اهل اليمن للمصريين ولجمال عبد الناصر الذي وقف الى جانب ثورة اليمن، وقدم من شعب مصر 40 ألف جندي لثورة اليمن". وحث احمد عبد النبي الشباب العربي على "التخصص في المجالات المهنية اذا ما أرادت الأمة العربية أن تتقدم"، ضاربا المثل بدولة الهند التي "اهتمت بالمجالات المهنية وحققت قفزات كبيرة في مضمار التطور التقني والصناعي، حيث خصصت أموال لثلاث سنوات، أي ما يقارب ثلاثين مليار دولار للبنية الأساسية. وبعد خمس سنوات أصبح الهندي مطلوبا في أي مكان في العالم، وكذلك التكنولوجا الهندية التي أصبحت تغزو السوق الياباني". وفي الوقت الذي أشاد فيه احمد عبد النبي بنظافة الشوارع في مدينة تعز وأماكن أخرى مثل قلعة القاهرة والتربة ووادي الضباب ووادي البركاني وشجرة الغريب، سخر من عادة القات السلبية التي "وان لم تكن لها تأثير تخديري كبير فلها تأثير صحي واقتصادي كبير على المواطن والدولة". واستهجن ما سمعه من دعوات انفصالية اليوم في اليمن، مؤكدا "وقوف الشباب العربي ضد مثل هذه الدعوات الخبيثة التي تخدم أعداء اليمن والأمة العربية".
تدريب جيد مي صلاح– جامعة حلوان، القاهرة– عبرت عن شكرها لليمن ولحفاوة الترحاب الذي قوبل به الوفد الطلابي الزائر لمحافظة تعز. وأشادت بمستوى التدريب في الشركات الخاصة التابعة لمجموعة هائل سعيد انعم، وقالت: "إن الشباب العربي يستطيع أن يبدع ولا ينقصه شيء ولكن المشكلة تكمن في الروتين والبيروقراطية التي تساهم في عرقلة التطور العلمي، فالعالم احمد زويل مثلا صاحب جائزة نوبل كان ضحية روتين إدارى معقد، وعندما سافر إلى أمريكا وجد الفرصة المناسبة للتفوق العلمي فأبدع أيما إبداع".
الارشاد النفسي في اليمن أفضل الفت خليل– جامعة تشرين، اللاذقية– أشادت بالاهتمام بالإرشاد النفسي في جامعة تعز قياسا بالجامعات السورية، وقالت أنها استفادت كثيرا في هذا المجال "كون الجانب العملي هنا أكثر من النظري قياسا بجامعة تشرين". وأضافت: لم أكن أتوقع إن تكون اليمن بهذا الشكل المتطور، ولم أكن اعرف أن هناك أكثر من 20 جامعة حكومية وخاصة في اليمن، وهذا شيء أبهرني بصراحة، وكان مفاجأة لي، معربة عن أسفها من انتشار ظاهرة القات في اليمن "في حين كانت اليمن تصدر للعالم البن اليمني الممتاز الذي فقد موقعه بسبب القات المدمر للشباب اليمني ولليمن بشكل عام".
شباب عربي أكثر وعياً وفي حين وجهت التحية من اليمن إلى الرئيس بشار الأسد والسيد حسن نصر الله، تمنت "إلفت" أن يكون الشباب العربي "أكثر وعيا في حياتهم وان يكونوا منتجين اكثر من مستهلكين"، معتبرة "أن الحرية الغير منضبطة هي نوع من الفوضى، ولا بد من التمسك بالعادات والتقاليد العربية لأنها تقودنا الى الإبداع".
38 مقابل 68 من جانبه قال اسعد فضل الكباب– مدير عام الأنشطة الطلابية بجامعة تعز: أن برنامج التبادل الطلابي بين جامعة تعز والجامعات العربية أصبح تقليدا سنويا يقام منذ سبع سنوات بتنظيم من مجلس التدريب العربي، ويهدف إلى تبادل فرص التدريب بين الجامعات العربية المختلفة وكذلك مد جسور التواصل بين الشباب العربي وتوثيق عرى المحبة والأخوة فيما بينهم، ومعرفة العادات والثقافات المختلفة في شتى أنحاء الوطن العربي. وأشار إلى أن عدد الوفد الطلابي الزائر لجامعة تعز هذا العام 38 طالبا وطالبة يمثلون مصر وسوريا والسودان، منوها إلى أن برنامج التدريب يشمل عدد من المرافق مثل المستشفيات والمصانع والبنوك ويستمر لمدة 21 يوما. ولفت "الكباب" الى أن جامعة تعز وهي تستعد لاستقبال وفد طلابي ليبي خلال الأيام القادمة كانت قد بعثت خلال الايام الماضية بنحو 68 طالبا وطالبة إلى جامعات مصر والسودان وسوريا.