اختتم مساء الأربعاء المركز اليمني للدراسات التاريخية وإستراتيجية المستقبل فعالياته الأسبوعية حول مؤتمر لندن واجتماع الرياض، والتي استغرق المركز في نقاشها ثلاث فعاليات متتالية شهدت جدلاً ساخناً للغاية، تنوع بين انتقادات لاذعة للسياسة الحكومية، والفشل الذريع في مكافحة الفساد، وبحث وراء مليارات مؤتمر لندن 2006م، وبين قراءة جراحية للموقف الخليجي الذي لا يهمه سوى ألا تطول الأحداث مصالحه، وتحذير من خطر التدخل الخارجي الذي ما زال قائماً، فيما ارتفع الصوت فيه أيضاً مطالباً بالاعتماد على الذات وبأن مشاكل اليمن لا يمكن أن يحلها سوى اليمنيون. الدكتور عبد الهادي الهمداني- نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية- أوضح أن مؤتمري لندنوالرياض لم يأتيا بجديد حتى هذه اللحظة، وان اليمن لازالت تتابع الخمسة مليار دولار منحة مؤتمر لندن السابق، وما خرج عنه المؤتمر الأخير هو الدعم المعنوي فقط، وان مؤتمر الرياض جاء لمهمة محددة بمعرفة مدى استيعاب لتمويلات ومنح مؤتمر لندن الأول، والتنبه للمؤتمر القادم لمجموعة أصدقاء اليمن المنتظر عقده في برلين أو دبي. وبين أن مؤتمر الرياض جاء بخلاصة أن المانحين وصلوا إلى أن المشاكل التي تعانيها اليمن لا يمكن حلها إلا بأيدي يمنية وعليهم المساعدة فقط كخبراء أو مستشارين ولا وجود لأي أموال جديدة إلا بعد إيقانهم باستيعاب اليمن الأموال السابقة وان ما يهم دول الخليج وغيرها هو محاربة الإرهاب والا يصل إلى مصالحهم في الدول المجاورة، وإيقانهم أن الإصلاحات في اليمن معقدة وشائكة ولكن لم تبرهن اليمن حتى اليوم عن حسن النية والرغبة الصادقة في عمل هذا الإصلاح. وأكد الهمداني على أن المخاوف من احتمال التدخل الأجنبي المباشر لازالت قائمة وان مستقبل اليمن مرهون بقيامها بما عليها من التزامات وإلا فأننا لن نستطيع معرفة ما سيحدث مشددا على ضرورة الجلوس مع البعض على طاولة الحوار وحل المشاكل بجدية وان تكون لنا سياسة واضحة في محاربة الإرهاب الذي هو ضرر لنا ولمن حولنا وإذا أردنا فعلا دخول مجلس التعاون الخليجي والذي سيساعدنا في حل الكثير من الإشكاليات. وقال (حتى وان حددوا اليوم إلي ندخل فيه المجلس لازال هناك استحقاقات والتزامات علينا إذا ما أهملناها سنعتبر أمام الأوروبيين ومجلس التعاون الخليجي والداخل والخارج مقصرين وموغلين في حق بلدنا وقد نتسبب في احتلال مباشر) واشر إلى أن مخاوف الخليج من اليمن هي ذات طابع سياسي وامني وليس للعمالة اليمنية أي دخل فيها لما يتمتعوا به من سمعة تاريخية طيبة. من جانب آخر أوضح الدكتور مطهر السعيدي عضو مجلس الشورى وسفير بريطانيا السابق إن مؤتمر لندن لا يمكن إن يمثل علامة فارقة في اليمن وإنما كان داعما ومحفزا لجهود اليمن الذاتية مشيرا إلى انه لم يتمخض عن التزام الشركاء بالعمل لحل مشاكل اليمن نيابة عنه وإنما تمخض عنه مساعدة اليمن ضمن مهام محددة لحل مشاكلها وإطلاق عمليات البناء الذاتي بجهودها وقدراتها الذاتية من خلال العون الدولي مشيرا الى ان مؤتمر لندن هو قضية مكملة وان المهمة الاساسية المتمثلة في مسارات العمل الإصلاحي ستجنب اليمن التدخلات الأخرى وستمنحها قوة في حل مشاكلها وتعزيز الثقة بنفسها. وشدد على ضرورة توظيف معطيات التنوع المجتمعي مهما كان أساسه، واحترام المؤسسية ومرجعيات المصلحة العامة، وتبني صيغة فعالة وشاملة للإصلاح الإقتصادي والإداري، والتعامل الفعال مع تحدي الإرهاب والتطرف والتعصب الديني والمذهبي، والتركيز على قضية استخدام القروض باعتبارها قضية القضايا. وفي النقاش أشار المنهدس عبد الله محسن الأكوع وزير الكهرباء الأسبق، ونائب رئيس اللجنة العليا للإنتخابات سابقاً، إلى أن مؤتمر الرياض جاء ليكشف المستور ويظهر أن الحكومة اليمنية عجزت عن الاستفادة من المنح التي أسفر عنها مؤتمر لندن 2006، مستغرباً من الدور السلبي لمجلس النواب اليمني والذي كان من المفترض أن يستدعي الحكومة لمحاسبتها عن الأسباب التي أدت إلى ذلك الفشل. فيما اشار القيادي المؤتمري "أحمد الصوفي" في مداخلته إلى أن اليمن بحاجة إلى إدارة سياسية كفوءه وحديثة للعقدين القادمين، مشيراً إلى أن اليمن تعاني من فراغ استراتيجي وأنها أمام مأزق كبير لا يمكن أن يعالج من خلال مؤتمر لندن أو مؤتمر الرياض، مؤكدا على ضرورة وجود رؤية تقوم على تحطيم الفساد. واوضح (الدكتور قاسط الطويل) إلى أن مؤتمر لندن الأول كان صحيحا وسليما، بخلاف المؤتمر الثاني الذي وصفه بالخطير، والأخطر منه ما بعده، في إشارة منه إلى مؤتمر الرياض، حسب تعبيره. ودعا (الدكتور عبد الصمد الحكيمي) حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، إلى أن "يقيم حوار في داخله، ويستمع بعدين للمعارضة. كما دعا (الدكتور عبد العزيز الترب) دول الخليج لأن تقوم بعمل ودائع لها في البنك المركزي اليمني لكي تحمي الريال اليمني من التدهور، مقترحا على اليمن تنفيذ رسومات على ممرات السفن في البحرين العربي والأحمر، والتي سترفد خزينة الدولة بمليارات من الريالات، مشيرا إلى أن العالم الخارجي ملزم لدعم اليمن من أجل الحفاظ وحماية مصالحه، ودول الخليج من أجل استقرارها. حلقات الجدل السابقة في منارات: * منارات يدعو لتأهيل مليوني عامل يمني فالخليج بحاجة 18 مليون * مسفر: العراق كان حامياً للخليج وعلى الانفصاليين ألاّ يكونوا كالزقوم * تحديات مؤتمر لندن: الأكوع يواجه بوفاق وطني والترب بالادارة * منارات يبحث نتائج مؤتمر لندن وآفاق مؤتمر الرياض * خبير: أزمات متتالية هزت الاقتصاد اليمني والدولة تفتقر للمرجعية