استمرت حالة من الشلل شبه التام في حركة الطيران بالقارة الأوروبية بسبب بركان إيسلندا الذي بدأ ثورانه صباح الأربعاء الماضي، في حين قال مسؤولون إن البركان الذي ما زال ينفث رماده في الجو بدأ في الهدوء اليوم السبت لكن ثورته قد تستمر لأيام وربما أشهر. وذكر مكتب الأرصاد الإيسلندي أن سحابة الرماد التي تكونت فوق البركان انخفضت إلى ارتفاع يراوح بين خمسة وثمانية كيلومترات مقارنة بارتفاع بين ستة كيلومترات و11 كيلومترا عند بداية ثورانه في الأسبوع الماضي.
وتوقع المكتب أن يسبب الغبار المتصاعد والمنتشر مزيدا من الاضطراب لعدة أيام قادمة، على الرغم من اتجاه البركان للهدوء، لكن متخصصة في علم طبيعة الأرض قالت إن استقرار ثوران البركان لا يعني بالضرورة أنه بدأ في الهدوء، مشيرة إلى عدم وجود خبرة كبيرة مع هذا البركان حيث ترجع آخر ثوراته إلى ما قبل مائتي عام. من جانبها أعلنت المنظمة الأوروبية لسلامة الملاحة الجوية أن ما يقرب من 17 ألف رحلة جوية قد تم إلغاؤها السبت حيث بلغ عدد الرحلات التي نجت من ذلك خمسة آلاف مقارنة بنحو 22 ألف رحلة معتادة في هذا اليوم من الأسبوع، في حين أن رحلات الجمعة بلغت عشرة آلاف وأربعمائة رحلة مقابل 28 ألفا في المعتاد. وأكدت المنظمة السبت أن إقلاع أو هبوط الطائرات المدنية في شمالي ووسط أوروبا غير ممكن حالياً وفي ال24 ساعة القادمة على الأقل، موضحة أن توقف الحركة الجوية يشمل بريطانيا وسويسرا والسويد والنمسا وبلجيكا وكرواتيا والتشيك والدانمارك وأستونيا وفنلندا وشمال فرنسا ومعظم ألمانيا والمجر وأيرلندا وشمال إيطاليا وهولندا وجنوب النرويج وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا. إغلاق الأجواء وقد واصلت العديد من الدول الأوروبية إغلاق مجالاتها الجوية لليوم الثالث على التوالي، كما امتد ذلك شرقا مع انتشار السحب في هذا الاتجاه حيث أعلنت روسياالبيضاء إغلاق مجالها الجوي وأغلقت أوكرانيا عدة مطارات كما ألغيت العديد من الرحلات المتجهة من آسيا إلى أوروبا مما سبب مشكلات كبيرة تتعلق بتدبير فنادق لركاب الرحلات الملغاة.
وبعدما قررت بريطانيا إغلاق مجالها الجوي طوال يوم السبت عادت لتمدد الحظر على الرحلات الجوية الطويلة ليشمل رحلات يوم الأحد، مؤكدة أنها ستستمر في مراجعة البيانات الخاصة بالأحوال الجوية، كما اتخذت إيطاليا إجراء مماثلا وكذلك فرنسا. وقال متحدث باسم هيئة الطيران المدني البريطانية إن الوضع الراهن قد يمثل أكبر اضطراب في حركة النقل الجوي منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في الولاياتالمتحدة التي أعقبها إغلاق المجال الجوي الأميركي لمدة ثلاثة أيام وهو ما ترتب عليه وقف الرحلات الجوية عبر الأطلسي. كما قررت بلجيكا هي الأخرى تمديد إغلاق مجالها الجوي حتى الأحد، في حين عادت أيرلندا لإغلاق مجالها الجوي بعد أن فتحته الجمعة حيث عاودت سحب الرماد البركاني الظهور في سماء البلاد. وامتدت الأزمة إلى الولاياتالمتحدة، حيث صرح متحدث باسم وزارة الدفاع بأن الجيش الأميركي اضطر لتغيير مسار عدة رحلات جوية بما في ذلك رحلات إجلاء الجرحى من الجنود في كل من أفغانستان والعراق. تأثيرات سلبية ومن شأن الغبار البركاني أن يؤثر سلبا على مستوى الرؤية، كما أنه يهدد بإتلاف محركات الطائرات نظرا لأنه يحتوي على حبيبات ضئيلة من الزجاج والصخور المفتتة، في حين قال الاتحاد الدولي للنقل الجوي "أياتا" إن التعطل الناتج عن انبعاث هذا الغبار يكلف شركات الطيران أكثر من مائتي مليون دولار يوميا. وقد تسببت الأزمة في اعتذار مسؤولين من عدة دول عن المشاركة في مراسم جنازة الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي المقررة الأحد بمدينة كاراكوف، في حين أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما عزمه على الحضور، علما بأن المجال الجوي لبولندا مغلق بالكامل منذ أمس الجمعة. كما تسبب إغلاق المجال الجوي الألماني في اضطرار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للتوقف بالعاصمة البرتغالية لشبونة في طريق عودتها من الولاياتالمتحدة في حين ذكرت مصادر حكومية أنها قد تجد حلا عبر التوجه إلى إيطاليا على أن تعود من هناك باستخدام وسيلة نقل بري. مخاطر صحية على صعيد آخر، أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها من المخاطر المحتملة للرماد البركاني على الجهاز التنفسي خصوصا بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الربو أو مشاكل تنفسية أخرى. لكن خبيرا إسكتلنديا في مجال الأمراض التنفسية قال إن هذه المخاطر ليست كبيرة نظرا لأن الرماد يتشتت بفعل الرياح ولا تصل منه إلى الأرض إلا كمية صغيرة للغاية، مؤكدا في الوقت نفسه أن على المصابين بأمراض تنفسية أن يلزموا جانب الحذر.