سلمت بريطانيا المسؤولية الأمنية في محافظة البصرة للقوات العراقية أمس الأحد فيما يمثل بشكل فعلي نهاية نحو خمس سنوات من السيطرة البريطانية على الجزء الجنوبي من العراق. ووصف محافظ البصرة محمد مصبح الوائلي في مراسم نظمت في آخر قاعدة بريطانية بمطار البصرة خارج المدينة أمس بأنه يوم خاص وأحد أعظم الأيام في تاريخ البصرة الحديث. وأشاد القائد البريطاني الميجر جنرال جراهام بينز بالقوات الأمنية العراقية، وقال إنها قادرة على أداء المهمة. وسيكون تسليم المنفذ الرئيسي لتصدير النفط العراقي أكبر اختبار حتى الآن لقدرة حكومة بغداد في الحفاظ على الأمن دون قوات من الولاياتالمتحدة أو حليفتها الرئيسية. والبصرة هي آخر محافظة من أربع محافظات كانت تسيطر عليها بريطانيا منذ عام 2003 . وإلى جانب أنها ثاني أكبر مدينة في العراق والميناء الرئيسي الوحيد فان البصرة أكثر سكانا وثراء وموقعها استراتيجي بشكل أكبر من أي من محافظات العراق الثماني الأخرى التي وضعت من قبل تحت السيطرة الرسمية العراقية من بين المحافظات العراقية البالغ عددها 18 محافظة. وكانت في كثير من الأحيان أيضا أكثر عنفا على الرغم من إعلان القوات العراقية أنه بإمكان أفراد الجيش والشرطة الموجودين في المنطقة والبالغ عددهم 30 ألفا الحفاظ على الأمن الآن. وأعرب العديد من سكان البصرة عن تفاؤلهم. وقال المعلم عادل جاسم إن سكان البصرة يشعرون بالسعادة اليوم (أمس) لأن المسؤولية الأمنية سلمت من قوات الاحتلال البريطانية إلى القوات العراقية مشيرا إلى أن هذه السعادة يمكن ملاحظتها على وجوه الجميع الذين يشعرون أنه كما لو كان عبئا ثقيلا أزيح من على صدورهم. ولكن آخرين شككوا فيما إذا كانت القوات العراقية قادرة على أداء المهمة وقال تاجر في المدينة إن تسليم السيطرة الأمنية خطوة جيدة ولكنه أضاف أنه يأمل أن تكون القوات العراقية مستعدة. وتابع أنه لا يعتقد أن القوات العراقية مستعدة تماما وأنه كان يجب أن يتأجل التسليم. وتفادت إلى حد كبير محافظة البصرة التي تقطنها أغلبية شيعية الحرب الطائفية التي قتلت عشرات الآلاف في وسط وشمال العراق. ولكن البصرة كانت مسرحا لحروب دامية بين جماعات شيعية متناحرة ومجرمين ومهربين. واتفقت الجماعات على هدنة هذا الشهر وتراجعت جرائم القتل. ولكن هجوما ثلاثيا بسيارات ملغومة أسفر عن سقوط نحو 40 قتيلا في محافظة ميسان المجاورة الأسبوع الماضي أعاد إلى الأذهان احتمال وقوع أعمال عنف في مناطق تخليها القوات البريطانية. وستبقى قوة بريطانية مقلصة في جنوبالعراق قاصرة وجودها على قاعدة واحدة في مطار البصرة مع مهمة تدريب صغيرة وفريق للرد السريع. ولبريطانيا الآن 4500 جندي في العراق وهو أقل من عشر القوة التي أرسلها توني بلير رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت للمساعدة في الإطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين عام 2003 . وقال رئيس الوزراء البريطاني الحالي جوردون براون الذي خلف بلير إن هذه القوة ستتقلص إلى 2500 جندي فقط بمنتصف عام 2008 . وتصدر البصرة أكثر من 1.5 مليون برميل من النفط يوميا وتوفر نحو كل عائدات الحكومة العراقية. ويبيع مهربون أيضا بعض النفط خارج القنوات الرسمية ويعتقد أن كثيرا منهم له صلات بالميليشيات المتناحرة في المنطقة. والسلطة مقسمة بين ثلاث فصائل رئيسية. الموالون لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر لهم نفوذ واسع في الشارع والمجلس الأعلى الإسلامي العراقي له سلطة في قوات الأمن ويسيطر حزب الفضيلة الأصغر على المحافظة. وبدأت القوات البريطانية تسلم المحافظات الجنوبية العام الماضي ولكن تعرضت لأعنف هجمات مع انسحابها. وقتل 134 جنديا بريطانيا بنيران العدو في العراق وبينهم أكثر من 30 قتلوا خلال أربعة شهور من إبريل إلى يوليو من هذا العام بعد أن أعلن بلير خططا بالانسحاب من البصرة. وفي مايو اضطر عسكريون إلى إلغاء الخطط بإرسال الأمير هاري ابن الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا للخدمة العسكرية في العراق إذ أصبح إرسال صاحب الترتيب الثالث لتولي عرش بريطانيا إلى العراق أمرا غير آمن بشكل كبير.