مثل الوقف وما يزال من أهم وأفضل وأجمل وأنفع محاسن الإسلام وأعماله الجارية بالخير، أنسحب أثرها وفيض عطائها على الإنسان والحيوان والشجر والبيئة وكل ما تدب فيه الحياة، كما أنصع وأشرق الصفحات في تاريخ الإنسانية بأبعاده الاقتصادية والثقافية والعلمية والاجتماعية والدينية وبشموله كافة أنواع البر والمحاسن. ومن هذا المنطلق تجسد الاهتمام الكبير بالأوقاف من قبل القيادة السياسية ودولة الوحدة التي حرصت دوما على الحفاظ على الأوقاف وتوثيقها وتنمية مواردها واستعادة ما أغتصب منها وتعزيز دورها في المساهمة في التنمية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية. وتجلى ذلك الاهتمام من خلال تنفيذ مشروع حصر وتوثيق أموال وممتلكات الأوقاف، وما صدر في هذا الجانب من قوانين ولوائح، وما قضت به توجيهات القيادة السياسية بخصوصها، وكذا ما تضمنته البرامج الانتخابية وبرامج وقرارا الحكومات المتعاقبة منذ إعادة تحقيق الوحدة المباركة. وكان بداية بلورة المشروع منذ عام 1991م، بصدور قرار مجلس الوزراء رقم 437 بشأن حصر أراضي وممتلكات الأوقاف في جميع محافظات الجمهورية، ثم قرار مجلس الوزراء رقم 162 لعام 1997 بشأن تشكيل اللجنة العليا للحصر والتوثيق لأراضي وعقارات الأوقاف وتحديد مهامها واختصاصاتها، وقرار مجلس الوزراء رقم 143 لعام 1999م بشأن الموافقة على خطة الحصر والتوثيق لأراضي وممتلكات الأوقاف وموازنتها، وقرار مجلس الوزراء رقم 328 لعام 2001م، بشأن تعديل قرار مجلس الوزراء رقم 162 لعام 1997م. كما صدر بهذا الصدد قرار مجلس الوزراء رقم 186 لعام 2002م، بشأن تشكيل اللجان الإشرافية بالمحافظات، وقرار مجلس الوزراء رقم 187 لعام 2002، بشأن تسهيل مهام لجان المسح الميداني والحصر الوثائقي، وأمر مجلس الوزراء رقم 60 لعام 2002م، بتشكيل لجنة لدراسة استكمال دعم مشروع الحصر والتوثيق لأراضي وممتلكات الأوقاف، وقرار رقم 126 لعام 2003م، بشأن دعم استكمال مشروع الحصر، وقرار رقم 429 لعام 2008م بشأن الموافقة على تطبيق أحكام النظام المالي والمحاسبي على إيرادات ومصروفات الأوقاف والوصايا والترب. وصدر كذلك قرار مجلس الوزراء رقم 489 لعام 2009م، بشأن تطبيق أحكام النظام المالي والمحاسبي على إيرادات ومصروفات الأوقاف الوصايا والترب، والذي نص على أن يتم خلال العام 2009م حصر وتقييم كافة أعيان وأصور الأوقاف والوصايا والترب بقيمتها الحالية وإثباتها في سجلات الأصول، كما يتم إثبات الأعيان التي سيتم وقفها أو شراؤها أو استلامها بعد هذا التاريخ بقيمتها الحالية حسب تاريخ الوقفية أو عقد الشراء أو استلام العين. وأسند هذا المشروع توصيات مجلسي النواب والشورى التي تؤكد على دعم الحكومة لمشروع الحصر والتوثيق بالاعتمادات اللازمة لاستكمال مراحل التنفيذ والمعالجة واستكمال الجانب الآلي لاستيعاب كافة النتائج لتوفير قاعدة بيانات شاملة. وبدأ التنفيذ الفعلي للمشروع من عام 1999م، وأنجزت منه مرحلتان، كانت أبرز نتائج الخطوة الأولى إنجاز 452 ألف و 373 وثيقة، منها 4029 مسودة، إضافة إلى الاستمارات والتقارير المرفقة بالوثيقة، والبالغة 572 ألف و599 وثيقة وبنسبة إنجاز 60 % من إجمالي الوثائق المستهدفة، والبالغة 753 ألف و 955 وثيقة وفقا للتقديرات الأولية. كما بلغ إجمالي الوثائق المفرغة في الخطوة الثانية من المشروع إلى السجلات 219 ألف و23 وثيقة تمثل نسبة 30 من الوثائق التي تم حصرها وفهرستها. وأنجزت أعمال تصوير ل 2107 من استمارات سجلات الحصر و55 ألف و306 استمارات، بنسبة 36 %، كما تم إدخال 535 سجل و17 ألف و214 استمارة في النظام الآلي بنسبة 9 %. وكان المسح الميداني للمشروع قد استهدف 21 محافظة و333 مديرية و2136 عزلة و37 ألف و490 قرية. وتم استكمال الحصر في 226 مديرية و1706 عزل 33396 قرية، بنسبة إنجاز 68 % على مستوى المديريات و80 % للعزل، و89 % للقرى. وبالنسبة للمسح الميداني بحسب الوقف وأنواعه، فقد كان المستهدف 323 ألف و654 قطعة من الأراضي ( زراعية وبناء ورهق وأخرى) أنجز منها226 ألف و563 بنسبة 70 %. وفيما يتعلق بالمباني والمعمورات، كان المستهدف 2233 موضعا، أنجز منها 2010 بنسبة 90 %، والمستهدف في المسقفات 6660 موضعا، تم مستح 5994 موضعا بنسبة 90 %، أما المحاسن ( الأوقاف النوعية) فالمستهدف 18 ألف و634 موضعا أنجز منها 14 ألف و907 مواضع بنسبة 80 %، وفيما يخص المساجد، كان المستهدف 70 ألف مسجدا تم إنجاز مسح 55 ألف و487 مسجدا بنسبة إنجاز 79 %، وفيما يتعلق بالمقابر، فإن 54 ألف و742 مقبرة مستهدفة، تم مسح 49 ألف و268 منها بنسبة إنجاز 90 %. وتقدر الجهات المختصة والمعنية بوزارة الأوقاف والإرشاد مساحة الأرض الموقوفة على مستوى الجمهورية بثلث مساحة الأرض المزروعة والمعمورة في اليمن، وعدد المساجد ب 75 ألف مسجد، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الكتب المخطوطة. وقد بلغت الاعتمادات المرصودة لمشروع حصر وتوثيق ممتلكات الأوقاف 720 مليون ريال، كانت نسبة الدعم الحكومي للمشروع 50 % من هذا المبلغ. وصرف من هذا المبلغ عام 1999م، 320 مليون ريال مناصفة بين وزارتي المالية والأوقاف والإرشاد، و 400 مليون ريال في عامي 2003م و 2004م، مناصفة بين وزارتي المالية والأوقاف والإرشاد. وبلغ إجمالي النفقات الفعلية على المشروع خلال ثمانية أعوام، من 2001م، إلى نهاية 2008م 743 مليون و446 ألف ريال، بزيادة 23 مليون و798 ألف و778 ريال. كما تقدر الموازنة الخاصة باستكمال مشروع الحصر والتوثيق 470 مليون ريال، وتم فيها مراعاة طبيعة المهام المتبقية ومتغيرات الأجور والأسعار وغيرها. وقد حقق مشروع الحصر قاعدة بيانات تفصيلية استوعبت المتغيرات التي طرأت على الأرض والعقارات بحسب الواقع بخلاف ما اقتصرت عليه الوثيقة الوقفية من بيانات تعود لمئات السنين، كما استوعبت متغيرات التقسيمات الإدارية والمحافظات التي استحدثت ومديرياتها. وأظهر المشروع إلى الواجهة أنواع الوقف والموقوف عليه من المبررات والمحاسن التي حددها الواقف لإنفاق عائدات الوقف بعد أن طمست تسميات الكثير منها، كما حفز مبادرات المواطنين الحائزين على وثائق الوقف بتسليمها لجهات الوقف المتخصصة، وحث المواطنين الحائزين لأراضي أوقاف بدون استئجار لإرشاد لجان المشروع إلى الأراضي التي تحت حيازتهم إبراء للذمة وهي أراضي لم تكن معروفة لدى إدارات الأوقاف. وشكلت البيانات والإحصائيات التي توصل إليها المشروع مؤشرات جديدة لحجم الأوقاف وحجم عائداتها واستطاعت بعض مكاتب الأوقاف في المحافظات رفع عائداتها عما كانت عليه في السابق، ومكن المشروع من وضع أساس لنظام الوثائق من حيث تنظيمها وأرشفتها وتداولها وحفظها يمتد لحفت ومراحل قادمة.