من أجل دور أكثر فاعلية وتأثيراً لحركة حقوق الإنسان في الوطن العربي في مجال تعزيز الحق في المحاكمة العادلة، تداعى فريق من المدافعين عن حقوق الإنسان من بلدان عربية متنوعة (مصر واليمن والأردن ولبنان) المنتمين إلى منظمات حقوقية عربية للبدء في تحرك أكثر نشاطاً لمتابعة واقع حقوق الإنسان بصفة عامة وهموم عدالة المحاكمات بصفة خاصة، وتقييم التحديات والمعوقات، والتفاعل إيجاباً مع الفرص والنوافذ الممكنة لتعزيز الشراكات على الصعيدين الوطني والإقليمي وحث الخطى من أجل توفير البيئة المناسبة وتقوية الضمانات لإعمال شروط ومعايير المحاكمات العادلة. وقد دشن الفريق العربي زيارته لمراقبة المحاكمات إلى دولة قطر، حيث استكمل مهامه يوم أمس واستمر خلال الفترة من 23 إلى 25 فبراير 2013م كأولى الزيارات الميدانية في إطار تفعيل الإستراتيجية الطموحة التي تبناها الفريق على صعيد بلدان الخليج العربي. وقد عبر الفريق في تقرير أصدره اليوم عن تقديره البالغ للتعاون الكريم الذي أبدته دولة قطر وترحيبها بالفريق ومهامه.. معبرين عن أملهم في أن يكون هذا التعاون والترحيب انطلاقة للفريق العربي في بلداننا العربية الأخرى. وضم الفريق الزائر لدولة قطر ممثلون عن المنظمة العربية لحقوق الإنسان ، الشبكة الإقليمية لنشطاء حقوق الإنسان بالخليج واليمن، مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان، مركز عدالة لحقوق الإنسان - الأردن، مؤسسة النواة للتنمية والتوعية – مصر، مرصد الإنسان للبيئة وحقوق الإنسان - الأردن، مركز بيروت للتنمية وحقوق الإنسان. وبحسب التقرير فقد شمل برنامج الزيارة لدولة قطر لقاءات مكثفة مع عدد من المعنيين وكذا القيام بزيارات استطلاعية، إلى جانب الالتقاء بناشطين إقليميين في مجال حقوق الإنسان . حيث التقى الفريق برئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر الدكتور على بن صميخ المري وكذا فريق من العاملين الذين أسهموا في ترتيب اجتماعات ونشاطات الفريق مع الجهات الرسمية في قطر والنشطاء من الخليج العربي المشاركين في ملتقى حقوق الإنسان الأول لدول الخليج واليمن والذي نظمته اللجنة بالتعاون مع مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان. تناول اللقاء مناقشة أوضاع حقوق الإنسان في دولة قطر، وجهود اللجنة على الصعيد الإقليمي العربي بالتعاون مع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ومع العديد من مؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة، وبوجه خاص جماعات حقوق الإنسان، وتناول كذلك النظام القانوني والقضائي الوطني في دولة قطر وضمانات المحاكمة العادلة. وقد عبر رئيس اللجنة عن ترحيبه بزيارة الفريق العربي.. مشيرا إلى اهتمام اللجنة وحرصها على التنسيق مع المؤسسات الحقوقية غير الحكومية العربية، وكذا الحرص على إقامة الشراكات والتعاون معها. وعبر رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر عن ترحيب اللجنة بالشراكة مع الفريق العربي، وعزمها دعم جهوده في دولة قطر وفي البلدان العربية الأخرى.. مؤكداً اهتمام اللجنة دعم برامج ونشاطات المنظمات غير الحكومية في المنطقة لمساعدتها في النهوض بمسئولياتها في مجال تنمية الوعي بحقوق الإنسان وتقوية الشراكات المجتمعية. إلى ذلك استقبل وزير الدولة للشئون الداخلية بدولة قطر الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني بمكتبه الفريق العربي في لقاء مطول شمل مناقشة مختلف قضايا وهموم حقوق الإنسان، وتناول النقاش عدد من القضايا أبرزها واقع حركة حقوق الإنسان بدولة قطر وحقوق العمال وخاصة أوضاع العمالة الوافدة وكذا أوضاع السجون وأماكن الاحتجاز. وقد عبر الوزير القطري عن ترحيبه بزيارة الفريق وانفتاح دولة قطر ووزارة الداخلية على التفاعل إيجاباً مع مؤسسات المجتمع المدني العربية المختصة بحقوق الإنسان، واستعداد الوزارة للتعاون معها بمختلف برامج حقوق الإنسان، وخاصة في مجال تنمية الوعي والتكوين وإجراء المتابعات الميدانية. وبشأن حقوق العمالة الوافدة وفق المعايير الدولية لحقوق الإنسان والعمل، قدم وزير الدولة للشئون الداخلية بدولة قطر عرضاً وافياً لجهود دولة قطر ووزارة الداخلية التي تتفق مع المعايير الدولية، وأبلغ الفريق أن الدولة والوزارة بصدد تطوير القوانين واللوائح الحالية في ما يخص موضوع الكفيل، على نحو يضمن الحقوق المتبادلة، وأن هذه الجهود تسير بشكل جاد وقوي. وقد أكد الفريق العربي على أهمية هذه الجهود، واستعداده للمساهمة في إعدادها ووضع كل الجهد لإنجاح خطوات إعمالها. ورحب الوزير بطلب الفريق العربي زيارة السجن ومختلف أماكن الاحتجاز، وحرص الوزارة على الاستفادة من نتائج وتوصيات هذه الزيارات، وإمكانية إسهام الفريق في البرامج التي من شأنها النهوض بتعزيز منظومة ضمانات حقوق الإنسان. كما استقبل النائب العام بدولة قطر الدكتور علي بن فطيس المري الفريق العربي ، وتناول اللقاء شرحاً لمهمة الفريق، واهتمام الفريق بأوضاع حقوق الإنسان في قطر، ودور النيابة العامة في حماية وتعزيز واحترام حقوق الإنسان، والجوانب المتعلقة بتعزيز دور القضاء واستقلاله بما يحقق صون كرامة حقوق الإنسان. وقد عبر النائب العام القطري عن سعادته للالتقاء بالفريق العربي وحماسه الكبير للعمل مع المجتمع المدني، وتقديره لدور المنظمات غير الحكومية في هذا المجال، وبما يضمن تعزيز سيادة القانون وتحقيق العدالة والإنصاف. وخلُص اللقاء إلى توافقات أساسية حول أهمية دور المنظمات غير الحكومية العربية في مجال تعزيز مبادئ حقوق الإنسان والشراكة المجتمعية من أجل تعزيز هذه المبادئ ضمن برامج عمل مشتركة من زيارات تفقدية ووفود تقييم وبرامج للتوعية والتدريب. واستمع أعضاء الفريق لعروض وافية من النائب العام بشأن عدد من القضايا، وآليات تفاعل النيابة العامة معها، والجهود المبذولة للاستمرار في الارتقاء بدور النيابة العامة، مرحباً بتكرار اللقاء قريباً للنظر في القضايا موضع الاهتمام وواعدا بالتعاون. هذا وقد قام أعضاء الفريق بزيارة تفقدية للسجن المركزي، واطلع على الأوضاع في السجن، وأبدى تقديره للنظم والإجراءات المتبعة.. منوهاً بالحاجة إلى أهمية استمرار برامج التدريب والتأهيل لتكتسب طابع الاستمرارية. وخلال الزيارة، التقى الفريق بالشاعر "محمد بن راشد العجمي" (الشهير باسم محمد بن الذيب) لقرابة 80 دقيقة، استمعوا خلالها لتجربته في السجن منذ نقله إليه في نهاية نوفمبر/تشرين ثان 2011، ونوع المعاملة التي يلقاها في محبسه. ووفقاً لروايته، فقد تم معالجة غالبية الإشكاليات التي واجهته خلال الشهرين الأوليين في محبسه، وبات يتلقى زيارات دورية أسبوعية من أسرته ومحاميه، ويسمح له بممارسة الرياضة لمدة ساعة يومياً، كما قامت إدارة السجن بتوفير جهاز تليفزيون والصحف اليومية والأدوات اللازمة لاستمراره في متابعة الكتابة، فضلاً عن الإصدارات التي يجلبها محاميه أسبوعياً، وجرى السماح له باستخدام غرفة إضافية للفصل بين غرفة الاحتجاز وغرفة الاغتسال. وطالب الشاعر الفريق بالسعي لدى السلطات لتمكينه من الاتصال هاتفياً بأسرته وأصدقائه بين حين وآخر، ووافق على اقتراح الفريق بقيام مندوبي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بزيارة أسبوعية إليه. وفي موضوع المحاكمة، أفاد الشاعر الفريق بتحفظاته على مجريات محاكمة أول درجة التي قضت بإدانته ومعاقبته بالسجن المؤبد، ولكنه أعرب عن ارتياحه لمعاملة هيئة محكمة الاستئناف له، ومنحها الفرصة له ولمحاميه لإبداء دفاعه وتلبية طلباته. وفي صدد القضية وموضوعها، شرح الشاعر للفريق بدايات القضية وتطوراتها، مؤكداً أن القضية تتمركز حول سوء تفسير إحدى قصائده الشعرية التي اُعتبرت مساً بأمير البلاد وأسرته، واعتبارها تحريضاً على قلب نظام الحكم، منوهاً بتقديره للعائلة الحاكمة. وحضر عدد من أعضاء الفريق العربي صباح يوم أمس جلسة النطق بالحكم في الطعن بالاستئناف المقدم من الشاعر "محمد راشد حسن ناصر العجمي" (محمد بن الذيب) على الحكم الصادر بحقه في أول درجة بإدانته ومعاقبته بالسجن المؤبد بتهم التحريض على قلب نظام الحكم والإساءة لأمير البلاد وولي عهده. وقد قضت محكمة الاستئناف بتأييد إدانته بالتهم المنسوبة إليه، ومعاقبته بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً. وعقب انتهاء الجلسة، توجه بعض أعضاء الفريق للاجتماع بالدكتور "نجيب النعيمي" محامي الشاعر، واستمع لرؤيته بشأن القضية وقرار الاتهام والعقوبة الصادرة. وقد أكد الفريق العربي على احترامه للقضاء واستقلاله وكونه الركيزة الأساسية لتحقيق العدل وحماية حقوق الإنسان وسيادة حكم القانون. وأعرب الفريق عن عزمه التقدم بطلب إلى السلطات القطرية لمتابعة وقائع الجلسات المتوقعة في مرحلة التمييز. كما جدد الفريق مناشدته لصاحب السمو أمير دولة قطر لاستخدام صلاحياته الدستورية والقانونية والعفو عن الشاعر "محمد بن الذيب" في أقرب وقت ممكن، وبما يتفق مع الإرادة والتوجهات التي أبداها سموه فيما يتصل بكافة الشئون المتعلقة بحقوق الإنسان. وقد عبر الفريق العربي عن شكره لدولة قطر على تعاونها مع الفريق وتمكينه من إنجاح زيارته.. معبراً في ذات الوقت عن أمله في أن تكون هذه الخطوة مقدمة لتعزيز مسار حقوق الإنسان وفتح آفاق التعاون مع الدول العربية الأخرى للعمل سويا على تعزيز مبدأ تكامل الأدوار المطلوبة الآن لتحقيق الأهداف المشتركة.