أي عار أعظم من أن تساوم على كرامة شعب وأي استسلام أشد من أن تسلم سلاح دفاعه، يا للثورة ويا للتاريخ الذي يُكتب بمداد الدم مُنذ ما يقارب القرن من الزمن، حين وطأت أقدام العصابات الصهيونية أرض فلسطين مدعومة من القوى الاستعمارية الكبرى في العالم يحملون راية الدم فهجّروا السكان وارتكبوا المجازر وانتهكوا الحرمات ودنّسوا المقدسات وعلى رأسها المسجد الأقصى الذي تعرض لمحاولات الحرق والحفريات التي تهدد بنيانه ليصبح الاحتلال مشروع اقتلاع ممنهج توسّع شيئًا فشيئًا تحت غطاء الصمت العربي والإسلامي حتى وصل إلى المطالبة بدولة إلى جانب الدولة الفلسطينية تحت شعار "الأرض مقابل السلام" وقُسّمت فلسطين ثم لم تكتفِ إسرائيل بما نالت فواصلت اعتداءاتها واحتلت معظم فلسطين وتوغلت في لبنان حتى وصلت مشارف بيروت وارتكبت الجرائم بحق الأسر اللبنانية بينما تنكرت الأنظمة العربية لقضيتها وتواطئت مع المحتل. وبعد عشرين عامًا من الاحتلال الصهيوني للبنان، ومن رحم الأرض وتحت راية المقاومة بقيادة حزب الله انتفض الأبطال ليحرروا أرضهم بسلاح الإيمان والبندقية التي كانت الأداة الوحيدة لكل من أراد الدفاع عن أرضه تحررت لبنان لا بقرارات دولية ولا بمفاوضات، بل بدماء الشهداء وعزيمة المقاومين الذين آمنوا أن لا حياة بلا كرامة ولا كرامة بلا مقاومة ومع كل انتصار للمقاومة كانت إسرائيل تُعيد ترتيب أوراقها وتتسلّح بأحدث الأسلحة الغربية وتجعل من غزةولبنان ساحات لتجاربها لعلها تنجح في كسر إرادة تلك الشعوب وتوسيع حدود دولتها المزعومة ومع كل عدوان كانت المقاومة ترد وتكسر أحلام التوسع الصهيوني تحت أقدام المجاهدين لتعود إسرائيل وتطلب عقد اتفاقيات سلام لا تلبث أن تنقضها كلما استعادت قوتها وضاعفت سلاحها وفي السنوات الأخيرة ارتكبت إسرائيل جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين وفي الوقت نفسه يذهب الأعراب للمطالبة بدولة فلسطينية منزوعة السلاح بجانب إسرائيل المجرمة فيما إسرائيل، التي كانت تطالب سابقًا بدولة إلى جانب فلسطين تتحدث اليوم بكل همجية ووقاحة أنه لا يمكن أن تكون هناك دولة فلسطينية بجانب دولة إسرائيل. بل وبلا خوف أو حياء تتحدث من قلب الوطن العربي عن "دولة إسرائيل الكبرى" التي تشمل عددًا من البلدان العربية في الحرب الأخيرة، كثّفت إسرائيل من استهدافها لقادة المقاومة في غزةولبنان محاولةً إضعاف الروح المعنوية، فاغتيل عدد من القادة وكان أبرزهم السيد حسن نصر الله في محاولة لإنهاء جبهة المقاومة اللبنانية لكن المقاومة لم تضعف بل واصلت الدفاع عن الأرض والكرامة لأن من يحمل قضية لا يُهزم بفقدان قائد بل ينهض ليكون هو القائد ثم ولكي تستغل إسرائيل وعملائها في لبنان استشهاد السيد حسن نصر الله ظهرت دعوات داخلية وخارجية لنزع سلاح حزب الله تحت ذريعة "حصر السلاح بيد الدولة" يا للمهزلة أي دولة يُقصد؟! أين كانت هذه الدولة حين اجتاحت إسرائيل الجنوب اللبناني؟! أين كانت السيادة حين انتهكت إسرائيل الأرض والعرض؟ أين هي اليوم وإسرائيل ما زالت تقتل وتقصف وتدمّر داخل الأراضي اللبنانية في الوقت نفسه الذي يتحدثون فيه عن سحب سلاح المقاومة؟ إن الدعوة لنزع سلاح المقاومة ليست سوى مؤامرة لتجريد لبنان من آخر خطوط الدفاع وليصبح نسخة أخرى من الضفة الغربية حيث يهجر السكان ويقتل الناس وتبنى المستوطنات ويُعتبر هذا بمعنى فتح الطريق للاحتلال دون مقاومة وهنا رسالة إلى الشعب اللبناني نقول: تمسّكوا بسلاحكم فهو جوهر وجودكم وكرامتكم. ومن حاول سلبه فاسلبوه روحه قبل أن يسرق وطنكم وأمانكم كونوا يدًا واحدة مع المجاهدين في حزب الله ولا تسمحوا للعملاء بتمرير مخططات العدو وتطبيقها في الواقع على أرضكم تحت عباءة الدولة فإنهم والله بعملهم هذا يثبتون أنهم يد العدو داخل لبنان فإن نجحوا وسلبوكم درعكم وسلاحكم فهي النهاية للبنان ولأمانكم ولن تجدوا حينها من يدافع عنكم عندما يعود الاحتلال ولن يُطلق أحد رصاصة واحدة لأجلكم وأخيرا لا ننسى أن حزب الله هو مدرسة في المقاومة، قدّم الشهداء وعلّم الأجيال وواجه العدو حين تخاذل الجميع والمقاومة هي خيار وجودي ومن يتحدث عن السيادة دون مقاومة فهو يتحدث عن وهم ومن يهاجم المقاومة في وقت العدوان لا يختلف عن المعتدي وكما قال تعالى: "وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة" فالمعركة اليوم ليست فقط مع الاحتلال بل مع كل من يسعى لتجريد الأمة من سلاحها وكرامتها وحقها في الدفاع عن نفسها.