تتسارع الاحداث في المنطقة بوتيرة خطيرة قد تؤدي- اذا لم يتم لجم من يدق طبول الحرب- الى عواقب وخيمة على حاضر ومستقبل ومقدرات الامة العربية والاسلامية.. إن الوضع المأساوي المفزع الذي يمر به العراق الجريح يزداد سوءاً للسنة الرابعة منذ الغزو الهمجي الذي قامت به الآلة العسكرية الجهنمية الامريكية.. ورغم السقوط في المستنقع العراقي لازالت الإدارة الامريكية توغل في تمزيق العراق شعباً وارضاً بمنطق شريعة الغاب.. وفي نفس الوقت تزداد المقاومة العراقية شراسة في التصدي للمحتل وبذل كل ما تستطيع من تضحية واستبسال في سبيل طرد الغزاة من ارض الرافدين.. ومقاومة المحتل حق مشروع تنص عليه كل المواثيق والشرائع ، ولا يجب ان يظن اي فصيل او حزب سياسي عراقي ان المحتل غزا العراق من اجل سواد عيون البعض ، فالادارة الامريكية لديها أجندة خاصة بالمشروع الاستراتيجي لها لتغيير توجهات ومعالم وسياسات دول المنطقة برمتها خدمة لمصالحها غير المشروعة والتي تصب جميعها لصالح الكيان الصهيوني وفرض الهيمنة الصهيونية على كل دول المنطقة.. ولا تهتم الإدارة الامريكية كما ترجمت ذلك عملياً بما يسمى بحلفائها او بأدواتها مهما كان انصياع تلك الأدوات للأوامر الامريكية. كما ان المواجهة الدبلوماسية حالياً او مؤقتاً بين الإدارة الامريكيةوايران تنذر بعواقب وخيمة وأكثر ما يخشاه المرء ان يتكرر سيناريو الضغوط والحصار بتغطية دولية عبر قرارات أممية كما تم ضد العراق قبل الغزو الامريكي ان يتم تطبيقه تدريجياً على ايران.. خصوصاً وان استراتيجية الدول المهيمنة على مقدرات العالم يتم تطبيقها وتنفيذ مخططاتها العدوانية على أسس واضحة المعالم ،وهي كسر إرادة اية دولة عربية او اسلامية تحاول ان تسعى الى بناء قدراتها العسكرية والاقتصادية بعيداً عن هيمنة الدول الاستعمارية السابقة واللاحقة. ولكن السؤال هنا: هل قدرنا كعرب ومسلمين ان نخشى الطاغوت الامريكي وننصاع للاملاءات الآتية من البيت الابيض؟ إن القمة العربية التي سوف تعقد الاسبوع القادم في الرياض تعتبر من أهم القمم اذا لم تكن في تقديري أهمها لأسباب منطقية.. فالمنطقة تمر بوضع محتقن في جانب منها ومتفجر ودموي في الجانب الآخر، ناهيك عن نجاح أعداء الامة من اشعال نار الفتن الطائفية والمذهبية.. وواجهت قادة الامة بالسعي بكل قوة لإخماد تلك الفتنة الجهنمية.. ايضاً من مفارقات الزمن الرديء ان تأتي حكومة الكيان الصهيوني لتطلب او تملي على القادة العرب ضرورة تعديل مبادرة القمة العربية في بيروت لعام 2002م التي وافقت عليها القيادات العربية ، واعني بها مبادرة السلام العربية.. فالصهاينة وحلفاؤهم في الغرب لم يعد يروق لهم التنازل العربي الذي تم .. بل يريدون اكثر واكثر.. من حذف بند عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم في اراضي العام 1948م الى إلغاء القدس عاصمة للشعب الفلسطيني وما خفي كان أعظم، فهل سوف يوافق قادة الا مة على هكذا صفاقة وإهانة لكل ابناء الامة العربية التي ضحت بآلاف الشهداء من اجل عودة فلسطين الى احضان أبنائها وأمتها العربية والاسلامية. إن مصير ومستقبل الامة أمانة في اعناق القادة العرب وبمقدورهم حين يمتلكون الإرادة القوية ان يتوصلوا الى وضع الاتفاق على استراتيجية عربية موحدة تنأى بالأمة عن الرضوخ لكل الضغوط الاجنبية والاطماع العدوانية على خيرات وثروات الوطن العربي. وبمقدور قادتنا اذا كان لديهم شعور بكرامة مواطنيهم ان يتم استخدام وسائل الضغط السياسية والاقتصادية من اجل السعي الى إخراج المحتل من ارض العراق وإجبار الكيان الصهيوني على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية.. وبمقدور قادتنا حين يمتلكون القرار ان يتم اتفاقهم على وضع اتفاقية التكامل الاقتصادي ا لعربي موضع التنفيذ .. تلك الاتفاقية التي تم التوقيع عليها في العام 1958م أي قبل وجود حلم السوق الاوروبية المشتركة التي تحققت بوحدة اوروبية متكاملة بين اجناس تختلف عرقياً ولغوياً وثقافياً ، ولكن اجتمعت وتوحدت من أجل تحقيق رفاهية وتقدم وازدهار شعوبها ، فهل ذلك حلم صعب المنال على خير أمة أخرجت للناس؟؟! إن الاجيال العربية القادمة سوف تحكم سلباً أم ايجاباً على من في ايديهم مقدرات مصائر شعوبهم والتي هي أمانة في اعناقهم ، فهل نأمل كمواطنين عرب ان يخرج قادتنا من مؤتمر القمة بقررات تواجه الاخطار المحدقة بوطننا العربي الكبير، وتسعى تلك القرارات الى النهوض الاقتصادي والاجتماعي والصحي وكل نواحي الحياة التي تصب في خير المواطن العربي.. حتى يشعر المواطن أخيراً بأن القادة العرب هم جزء منه وليسوا في بروج عاجية!! ادعوا معي أن يهدي المولى عز وجل قادتنا الى ما فيه خير شعوبهم .. انه سميع مجيب.