"شلومو ساند" مؤرخ اسرائيلي مشهور و من الاصوات النادرة التي انتقدت الحرب على غزة، قاتل في حربين ضد العرب ويتمتع بمرتبة اكاديمية مرموقة في جامعة تل ابيب.في هذه المقابلة التي نشرتها صحيفة تيليراما الفرنسية( 29 1 2009 ) يؤكد ان اسرائيل لم تنتصر في حرب غزة وان السلام يتطلب اعترافا باغتصاب فلسطين واقامة دولة فلسطينية. ويدفع "شلومو ساند" المزاعم التي تتحدث عن اندلاع الحرب بسبب الصواريخ الفلسطينية وينفي عن الحرب طابعها الدفاعي ويتهم الحكومة الاسرئيلية بتحمل المسؤولية في اندلاعها . ويشير الى أن الذين يطلقون الصواريخ من غزة هم أحفاد وأبناء الفلسطينيين الذين طردهم اليهود من عسقلان وحيفا، هنا ترجمة شبه حرفية عن الفرنسية لفقرات مختارة من المقابلة. الغيتو الفلسطيني عن اسباب اندلاع الحرب على غزة وعن نتائجها يؤكد المؤرخ المذكور ان الامر ليس محصورا بالصواريخ : " .. فقد برمج ايهود باراك هذا الطوفان من القنابل على غزة عشية الانتخابات و لكي يحمي حياة الجنود الإسرائيليين، هكذا زرعنا المأساة في غزة. قتلنا 1300 فلسطيني.وجرحنا 5آلاف. ثلثاهم من النساء والاطفال.هم جميعاً تقريباً ضحايا الغارات الجوية، فهل صفينا حماس؟ وهل عززنا معسكر السلام الفلسطيني؟ .. هذه الحرب ليست دفاعية... لقد اقترحت "حماس" هدنة في غزةوالضفة الغربية، رفضت اسرائيل الهدنة لانها تريد مواصلة قتل مناضلي الحركة في الضفة الغربية وهي قتلت «15» منهم في اكتوبر تشرين الاول ونوفمبر تشرين الثاني الماضي بعد اشهر من الهدوء، هذا يعني ان اسرائيل تتحمل جزء من المسؤولية عن معاودة اطلاق الصواريخ وبدلا من ان تدعم الجناح المعتدل في حماس فان اسرائيل تدفع الفلسطينين نحو اليأس، لقد وضعنا شعباً بكامله في غيتو ونرفض اعطاءه سيادته منذ 42 عاما. منذ العام 1988 اعترف عرفات والسلطة الوطنية باسرائيل دون ان يربح شيئا بالمقابل." وعما اذا كان كلامه ينطوي على تعاطفه مع "حماس" يوضح: " ...فليكن هذا الامر واضحا للجميع انا ارفض ايديولوجية حماس الدينية لانني علماني وديموقراطي ومودرن جدا وانا كإنسان لااحب سقوط الصواريخ على اراضينا ولكنني كمؤرخ وكإسرائيلي. لاانسى ان الذين يطلقون الصواريخ هم ابناء واحفاد الذين طردوا من حيفا وعسقلان عام 1948 ." ولكن اسرائيل تؤكد انها انسحبت من غزة " .. هذا كلام عبثي. تخيل ان الالمان يحتلون اليوم شمال فرنسا دون جنوبها كما فعلوا في العام 1940، هل يمكنك القول انهم يحترمون حق تقرير المصير للشعب الفرنسي؟ لقد انسحب شارون من غزة حتى لا يقيم السلام مع عرفات ولكي يحتفظ بالضفة لغربية. والفلسطينيون لم يطالبوا ب "معزل" في غزة ك "معازل" الهنود الحمر. انهم يطلبون دولة فلسطينية مستقلة في غزة والضفة..." ويستدرك قائلا" .. مع الاسف. اسرائيل لا تفهم الا لغة القوة، ان السبب في عدم تحقيق السلام ليس الصواريخ. بل ضعف الفلسطينيين. لم توقع اسرائيل السلام مع السادات في العام 1977 الا لأن مصر حققت نصف انتصار في العام 1973 " اسرائيل ليست مهددة وحول مزاعم الحاخام الاكبر في فرنسا جيل بيرنهايم عن التهديد الوجودي لاسرائيل يتساءل "شلومو ساند" ".. من يهدد وجودنا؟لدينا أفضل السلاح ولدينا دعما من القوة الأكبر في العالم. والعالم العربي يعرض علينا السلام الشامل بحدود العام 1967، ان آخر حرب هددت وجودنا وقعت قبل 35 سنة. فهل يفهم ذلك الحاخام الأكبر في فرنسا ...هذه الحرب تزيد من يأس الشعب الفلسطيني. منذ مؤتمر انابوليس في نوفمبر تشرين الثاني 2007 كان محمود عباس مستعداً ليفعل اي شيء من اجل التقدم في عملية السلام. لقد سجن مناضلي حماس فشكرته اسرائيل عبر زيادة عدد الحواجز العسكرية ومتابعة الاستيطان في الضفة الغربية.وبناء الجدار العازل على اراضي الفسطينيين ودولتهم الموعودة، إن اي فلسطيني اليوم يحترم نفسه لن يواصل دعم عباس." مولود لقيط وعن مستقبل اسرائيل في محيطها يعرض المؤرخ اليهودي تصورا مختلفا عن التصورات المتداولة في صفوف اليسار الاسرائيلي اذ يقول: " الشعب الاسرائيلي كالطفل الذي ولد من حالة اغتصاب له الحق في ان يعيش.. إن إنشاء اسرائيل من طرف الناجين من المعسكرات النازية تم كحالة اغتصاب للفلسطينيين فولد المجتمع الاسرائيلي من هذا الاغتصاب، هذا المولود لديه الحق بالحياة. لكن يجب تربيته على ان لايفعل ما فعله ابوه قبل ثلاثين عاما. لم اكن لأتفوه بهذا الخطاب ولكن العالم العربي يعترف اليوم باسرائيل ومنظمة التحرير اعترفت بها. فلنعط الفرصة لحماس ايضا، يجب الا ننسى ان اولئك الذين يطلقون الصواريخ على عسقلان يعرفون انها بنيت على انقاض قرية المجدل الفلسطينية حيث طرد اباؤهم عام 1950" لكن ما تقوله بعيد جدا عن السياسة الاسرائيلية الرسمية"""...اسرائيل لا يمكن ان تصنع السلام الا اذا تعرضت لضغوط، آمل وأتمنى وأتوسل ان يكون "أوباما" مثل "كارتر" وليس مثل "كلينتون"، كارتر أجبر إسرائيل على صنع السلام مع مصر و كلينتون لم يجبر اسرائيل على صنع السلام مع الفلسطينيين. والخطر اليوم يكمن في ان هيلاري كلينتون المقربة من اللوبي اليهودي في واشنطن تحتل مساحة كبيرة في السياسة الخارجية الامريكية، ولكن لا اريد ان اكون قدريا اريد أن احتفظ بالامل". ويختم بالحديث عن احتمال اندماج اسرائيل بالعالم العربي، وما اذا كانت ستفقد هويتها في هذه الحال فيؤكد:"... في ظل سيادة السلام يمكن لنا ان نصبح عربا اكثر كما انتم في فرنسا اصبحتم اوروبيين في الاتحاد الاوروبي اكثر من كونكم فرنسيين" هنا ينتهي كلام المؤرخ اليهودي وهو كلام غير معهود في الأوساط الثقافية الصهيونية في الدولة العبرية حيث تسود الطروحات الاحادية ويسود شبه اجماع على يهودية الدولة وحقها المطلق في انتهاك حقوق الفلسطينيين والعرب، وعلى الرغم من التأثير المحدود لهذا الطرح في المجتمع الاسرائيلي فهو يشكل الاعتراف اليهودي الاول من نوعه باغتصاب فلسطين عن سابق تصور وتصميم ويطالبنا بالتسامح مع هذا الاغتصاب كما تتسامح المجتمعات المتقدمة مع اللقطاء... شرط ألا يسيروا على نهج آبائهم المغتصبين.