"مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    وسائل اعلام اسرائيلية: هجوم اسرائيلي أمريكي شاركت فيه عشرات المقاتلات ضد اهداف في اليمن    وقفة نسائية في حجة بذكرى الصرخة    ثلاثة مكاسب حققها الانتقالي للجنوب    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    عشرات الغارات استهدفت ثلاث محافظات    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الافراج عن موظفة في المعهد الديمقراطي الأمريكي    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    تواصل اللقاءات القبلية لإعلان النفير العام لمواجهة العدوان الامريكي    سوريا .. انفجار الوضع في السويداء بعد دخول اتفاق تهدئة حيز التنفيذ    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    بمتابعة من الزبيدي.. إضافة 120 ميجا لمحطة الطاقة الشمسية بعدن    الرهوي يناقش مع الوزير المحاقري إنشاء منصة للأسر المنتجة    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    الكثيري يبحث مع فريدريش إيبرت فتح آفاق دعم دولي للجنوب    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    إلى رئيس الوزراء الجديد    عطوان ..لماذا سيدخل الصّاروخ اليمني التّاريخ من أوسعِ أبوابه    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    الأرصاد تتوقع أمطاراً رعدية بالمناطق الساحلية والجبلية وطقساً حاراً بالمناطق الصحراوية    تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    من أين تأتي قوة الحوثيين؟    رسميًا.. بايرن ميونخ بطلًا للبوندسليجا    تشيلسي يضرب ليفربول ويتمسك بأمل الأبطال    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي يعزي في استشهاد عمر عبده فرحان    وسائل إعلام غربية: صدمة في إسرائيل..الصاروخ اليمني يحرق مطار بن غوريون    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    تطور القدرات العسكرية والتصنيع الحربي    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    مرض الفشل الكلوي (3)    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعيادالثورات «1-2»
نشر في 26 سبتمبر يوم 22 - 10 - 2019

البردوني: الثورة لا تتحقق في ذاتها إلا اذا تحققت في ذوات غيرها
{ ثورة 26 سبتمبر لاقت اخطر الاعداء من اعمدة الاستعمار في الجنوب واعمدة الرجعية في الشمال ونشأت قوية لانها حاربت اقوياء ينتسبون الى ثورة قريبة العهد او بعيدة الاوان.
{ ثورة مصدق في ايران عام 52م لم تطر كالقش بسبب انتكاستها لانها تخمرت حتى انبلجت من جديد منتصرة عام 1979م
تكاد الروائح التاريخية ان تعبق كاذكى دليل على كل ثورة حدثت ذات يوم ذلك لان بعض الثورات تراجع نظامها الى ما قبل قيامها وتدفق بعضها الى نقطة نهاية وتراوح بعضها بين الحفاظ على الثورة من القفز وصد الماضي عن ان يكون وجه الحاضر الثوري هكذا كل الثورات ولم يتألق عنقود ضوء على الثورة كما بزغت الا هذا الاحتفال الوطني بذكراه, واليوم ونحن على ابواب عهد جديد مختلف عن مسبقاته جملة وتفصيلاً لاننا نحتفل اليوم تحت سقف ازمة الخليج كما تسمى اليوم او حرب الخليج كما يمكن ان نقول بعد ايام والى ازمة الخليج وما ينتج عنها استقر موج ثورات العقود السابقة فهل بدأ هذا الاستقرار على نقطة النهاية في ظل ازمة الخليج؟
لقد كان كل احتفال في عقد الثمانينيات مجرد شكل ولكنه لا يخلو من عبق التاريخ في الشهر قبل الماضي تأرجح الاحتفال بذكرى ثورة 23يوليو بلغت مدى عمرها عام 1970م برحيل جمال عبدالناصر عن عالمنا ثم تلاحقت الانحرافات عنها باسمها من مطلع السبعينيات على ان ثورة 23يوليو هي الوحيدة التي انحرف عنها احد قادتها.. أليس انور السادات كان هو الناطق الرسمي باسم ثورة 23يوليو, لانه اثقف ضباطها ومن انشط الحركيين في تفجيرها..
قال أنور السادات في كتابه «قضية الثورة كاملة» بلغت الاخ جمال عبدالناصر اخر يوم 23يوليو بان فاروق ما يزال معتصماً بقصره في الاسكندرية فهل نوجه اليه كم طلقه تفصح عن نهايته فرد علي جمال «مش فاروق في القصر لوحده».. فأي طلقة ستفزع ثلاثين نفساً قد يكون فاروق اخر من يفزع والاحسن ان تحكم الحصار على قصره ثم انقله الى يخته ليتجه به الى ايطاليا..
حدث هذا بعد يوم وليلة لان انسانية عبدالناصر الثورية ثنت جماح السادات الثوري فهذا اهم اعضاء مجلس الثورة بمصر واكبر مسؤول على ثورة سبتمبر في اليمن فكما كان عبدالحكيم عامر المسؤول العسكري على الجيش المصري في اليمن كان انور السادات هو الضابط السياسي على طريقة السوفييت في انتقاء ضابط سياسي يمنهج للقائد العسكري لان الحرب سياسة وتنفيذ أغراض سياسية اذن فقد حظيت ثورة مصر بتعاقب الثوار الاصلاء على قياداتها لكي يتحملوا مسؤولياتهم كثوار وطنيين ارادوا بالثورة تحقيق غايات الشعب لان الثورة لا تتحقق في ذاتها الا بتحققها في ذوات غيرها فبعد رحيل جمال عبدالناصر واصل السادات مسيرة عبدالناصر كما وعد مقدار عامين ثم حاد عنها كما اراد او حسب ما اراد له سواء.. فتواصل العهد الساداتي خارج خط الثورة باسم الثورة وباسم الوطن صاحب الحق المشروع في الثورة وظلت الاحتفالات هي العلامة الوحيدة على ثورة يوليو لانها تستعيد ذلك اليوم الذي توهجت فيه الثورة اكثر من هذا الاحتفال بثورة اكتوبر السوفيتية فانها من منتصف الثمانينات الى الان لا تمثل الثورة في تدفقها كما عرفها مؤرخوها وجماهيرها.. صحيح ان جوهر ثورة اكتوبر عريق فيها ولا يمكن تجاوز جوهرها لان الذي يحدث الان تطور الثورة من الثورة لان عمرها الذي بلغ 74عاماً قد جذر حقيقتها واصبح الخروج عنها كالخروج عن التقاليد الملكية في بريطانيا او كتنكب الحرية والديمقراطية في فرنسا غير ان الذي تتبع ادوار الثورة السوفيتية لا يراها في الثلاثة الاعوام الماضية الاخيرة كما كانت بخطها المرسوم وتقاليدها الوطنية ووجوهها المعهودة, لكن الثورة كجوهر تسخر في هدوء وتجدد من تعانق دخائلها وروافد الخارج لأنها ما تزال فاعلة منفعلة, فالذي حدث تغيير قوالب لا امتصاص روحي وعلى هذا الثورة السوفيتية اطول الانظمة الثورية المعاصرة عمراً اذ لم تتجاوز ثورة بريطانيا في القرن السابع عشر خمسة عشر عاماً كذلك الثورة الفرنسية فإنها لم تتحرك في عمر حقيقي لانها ابتدأت باقتتال الثوار ثم قتال اعداء الثورة.
{ درية الثورات
غير ان الثورة الفرنسية التي كانت تقتتل في الداخل كانت تهز طلقات التغيير في جميع انحاء اوروبا لانها انفجرت عن احاسيس كل اوروبا فرأت الطلائع السياسية في اوروبا الغربية الثورة الفرنسية افصاحاً عن اهوائها لان باريس كانت تمثل بؤرة الضوء التي تتوافد عليها من انحاء اوروبا فتتخمر وتزكو في باريس كذلك ثورة مصر فانها في مطلع الخمسينيات مدت الدليل الوضاء إلى عيون الشعوب فتلتها ثورة مصدق في إيران بعد عام وثورة الجزائر عام 54م وثورة العراق عام 58م وثورتا اليمن عام 62 و63م.
صحيح ان ثورة مصدق انتكست بعد رجوع الشاة مؤزراً بقوى الاستعمار لم تطر كالقش في مهب العاصفات وإنما اختمرت حتى انبلجت في غير شكلها عام 1979م فإذا كان لحياة الثورات زمن من سنين أو عقود فإنها حين تخلع عمراً تلبس اعماراً مختلفة الروح والاطار لانها ثورة جاءت من ثورة كما يبزغ القمح من القمح ذلك لان اعمار الثورات كالمادة التي لا تموت وانما تتغير اشكالها ومسارب مرورها ولعل هذا يلفت الى القوى التي قاومت ثورات الخمسينيات والستينيات والسبعينيات فلماذا ظلت قوى قادرة على التحرك؟.
لأنها ذرية ثورات مهما انحرفت أو تجاوزت فإنها تنتمي الى اصل ثوري على اي شكل ألم تخلق الثورة الامريكية قدوة لاسقاط الاستعمار حتى اطلق المثقفون على أمريكا تسمية العالم الجديد في الاربعينات لان الثورة الامريكية لبست الديمقراطية والليبرالية إلى حد انها اعانت شعوباً على تحريرها من الاستعمار الفرنسي والانجليزي والبلجيكي وبعد خمسين عاماً من الثورة بدأت أمريكا تتبنى الامبريالية وقال فلاسفة الحكم لقد تجاوزنا الليبرالية ولكن إلى أين لقد كان ينبغي ان تتجاوز الليبرالية إلى الاشتراكية اما تبني الامبريالية فليس تجاوزاً امامياً وانما ارتداد إلى الخلف كما برهنت قوانين التطور فقد كانت المرحلة الاولى اقتلاع الاقطاع والانتقال منه إلى البرجوازية ثم من البرجوازية إلى الاشتراكية ومن الاشتراكية إلى التسيير الذاتي الذي ليس فيه حاكم ومحكوم ذلك لأن وجود الحاكم والمحكوم يخلق الظالم والمظلوم مهما انحرفت أمريكا عن الليبرالية أو تجاوزتها فإن أسباب قوتها اليوم يكمن في انبثاقها من ثورة وحروب ثورية ولعل ثورة 26سبتمبر من الثورات التي لاقت اخطر الأعداء لأنها عانت من أعمدة الاستعمار في الجنوب وأعمدة الرجعية في الشمال فنشأت قوية لانها حاربت أقوياء وهؤلاء الأقوياء ينتسبون إلى ثورة قريبة العهد أو بعيدة الأوان.أليست بريطانيا الستينيات سليلة ثورة كرومر في اواخر القرن السابع عشر كذلك المملكة السعودية فإنها غير امبراطورية اثيوبيا وامبراطورية ايران لان الثورة السعودية نشأت في آخر القرن السابع في شكل حروب مشائخية ثم انتقلت إلى حروب سلاطينية ولما بدت ظاهرة على سلطنة حائل وإمارة مكة دخلت زمن ثورة الإصلاح الديني اذ تبنى جد ال سعود دعوة محمد عبدالوهاب التي هي امتداد حرفي لأحمد بن حنبل أو امتداد حرفي لثورة إسلامية بلا مذاهب فتواصلت الثورة الوهابية بقيادة الشيخ عبدالرحمن على الوثنية الدينية التي كانت تتعبد انواعاً من الاشجار وتتمسح بقبور الاولياء ولا معبود غير الله في الإسلام, اما قبور الاولياء فحولها اختلافات من اختلافات بان الشيعة اعتبروا كرامة الأولياء تلي معجزات الأنبياء وكان في نجد والحجاز من يصاول هذا الإصلاح وكانت الثورة الوهابية تمتد وتعرض حتى وصلت صعدة وحضرموت في اليمن والنجف في العراق وفي مطلع القرن العشرين امتزجت الثورة الدينية بالثورة السياسية فمثلت الدرعية الثورة الإصلاحية على بن رشيد في حائل المؤيد بالانجليز وعلى الشريف حسين بمكة الثائر على الأتراك نيابة عن لندن وبعونها وكان المجتمع الحجازي في ظل الشريف حسين نقياً من عبادة الأشباح والخرافات العيدروسية الكثيرة الدعاة ولكنه كان فقيراً يقطع الطرق ويسترق ما وجد وهذا بفعل الضرورة الاقتصادية لهذا ترخص الشريف حسين في بعض الملاهي بجلسات الطرب وتدخين السجائر وعدم التشدد على حجاب المرأة.وكانت شبه معاصرة الملك حسين غير خصبة المناخ في مكة لأنها اشتهرت بالنابهين السياسيين فتشكل فيها أول حزب في المنطقة عام 1922م وتسمى الحزب الحجازي الوطني فتغاضى عنه الشريف بل جعله من قواعده حتى انتصر عليه الوهابيون فغادر مكة موكلاً مسؤولية الحكم المتداعي لابنه على الأقل تجربة فسقط حكمه تحت الزحوف الوهابية وقد كانت هذه الحروب شبه ثورية لأنها مختلفة عن العشائرية المحضة وقريبة إلى الحركة التنظيمية. وبهذا تمكن عبدالعزيز في مطلع الثمانينات من حكم أصقاع شمال الجزيرة وكان يمتاز بالصبر والمصابرة والتقشف والمهارة القيادية وليس في يده إلا عصا الشوحط.عندما تراكضت ثورات الخمسينيات والستينيات كانت ثورة آل سعود قد آلت الى دولة منقطة عن الحس الثوري، وكانت الثورات التي استجدت على طرفي نقيض من حركات آل سعود في القرن التاسع عشر واول العشرين فشكلت قوة سياسية واقتصادية بفضل مجيئها من ثورة على اي شكل، فقاومت الثورة الناصرية بالمؤامرات وشراء العملاء وظل وكدها هو سقوط عبدالناصر بمصر غير ان الطامة كانت اهون عندما امتد عبدالناصر إلى اليمن فكيف يجاوله السعوديون في عقر دارهم وعلى ظهر التيار الثوري وكان المتنبئون يرون الانظمة الوراثية اوراقاً صفراء تحن إلى السقوط بدون نظر إلى نظام انجبه الصراع الديني والسياسي.
ونظام وراثي توارثه كابر عن كابر بلا نزاع نظامي أو شعبي ولعل النظام السعودي امتلك الامتداد بفضل انتمائه إلى حركة تغيير ونضال اصلاحي، لهذا كانت الانظمة الوراثية بعيدة النظر امام الثورات لانها تخلت عن بعض سلطاتها للمثقفين من ابناء الشعب فحل محل بعض الامراء وزراء من ابناء الطبقة الوسطى وبالاخلاص اهل مكة فشارك ابناء الشعب في الحكم من امثال ابي الخيل ومحمد عبده يماني وغازي القصيبي واحمد زكي يماني فامنت الرؤوس العليا من ثورة مسلحة، لان طلائع من الشعب وصلت مقعد الوزارة او الولاية فحرصت على النظام الذي للشعب فيه مكان.
وجاءت الستينيات بثورة سبتمبر واكتوبر في اليمن معززة بثورة مصر فمال الحكام الوراثيون إلى المؤامرات متحالفين مع القوى الاستعمارية والانتهازية المحلية مفسحين في الداخل المجال لبعض المثقفين تشبهاً بأقطار الثورات فكان من حظ ثورتي اليمن انفصال مصر عن سوريا لان هذا الحدث استحث ثوار مصر على دخول منافذ جديدة تضمنت الامن القومي لمصر، ولم تتأخر ثورتا اليمن عن انفصال الجمهورية العربية المتحدة إلا شهوراً فأفزعت الثورة الناصرية في الشارع الخليجي والشارع السعودي بعدوى ثورة اليمن واتقاد الحس القومي الذي كان رائده عبدالناصر وتخاصرت المؤامرات الحقائبية والبندقية وبعد نحو سبع سنوات حدثت نكسة حزيران لاخراج عبدالناصر من اليمن، ولتخليص الملك حسين من ثورة الضفة الغربية التي تصاعدت حتى اطفاها عدوان حزيران وكانت الانظمة الوراثية في آخر الستينات انضر من ثورات الخمسينات والستينات بفضل رخائها وكثرة مستشاريها إذ بلغت المملكة السعودية كهولتها في شيخوخة ثورات تلك الحقبة فاصبح الآن عمر النظام السعودي ستين عاماً اقل من الثورة البلشفية بأربعة عشر عاماً.
هل يستانس الباحث بنظرية بن خلدون ان عمر كل دولة لا يزيد على عمر إنسان فرد، إما مديد المدة، وإما متوسط العمر، لان ذلك الحكم الوراثي كحكم فرد لاقتداء الخلف بالسلف، فإذا كان النظام السعودي بلغ الستين فإن عمر الحكم الاموي لم يتجاوز اثنين وتسعين عاماً تعاقب عليه ستة عشر خليفة، كذلك قد يكون العهد العباسي في الظاهر من الاطول عمرا ولكن في الظاهر، أما الحقيقة فإن الحكم العباسي لم يتجاوز مائتي عام، أي من السفاح الى المتوكل توارث هذه المدة عشرة من الخلفاء وبعد العاشر كان التاج العباسي مجرد رمز يحتمي به الانتهازيون من الفرس والاتراك وولاة الاقاليم وتنطبق هذه القاعدة على الامويين في الاندلس وعلى الفاطميين في مصر وعلى الهدويين في اليمن.
{ ماذا اريد ان اقول؟
هل اصبحت أعمار الثورات كأعمار الحكم الوراثي؟
تعد بالسنين والعقود هذا في الظاهر.. اما في الطوية فإن الثورة تنتقل من انحراف الحكام عنها الى تربة الشعب فتتبازغ منها عند لموع اول برق، وعلى هذا يمكن التمييز بين الثورة في شكل نظام وبينها كثورة تهجر دار الرئاسة الى الهواء الطلق والمناخ الرغد، ومن هناك تمد قامتها في شكل تعددية سياسية في شكل منابر متحاورة، ولعل السنوات الاخيرة من الثمانينات قد تملت هذا الحضور، فانتقل حكم الحزب الواحد إلى الاحزاب المتعددة بطرق مختلفة بعضها دموي وبعضها اضطراري وبعضها اختياري عن اسباب، ولم تشذ ثورة سبتمبر عن هذا المسار فها هي الان تزاول التعددية، وتمارس الوحدة الى هذا اليوم من عام 89.
فهل سيقطع يوم الثاني من اغسطس صلة التسعينات عن الثمانينات؟ لقد احدثت نكسة حزيران انحرافاً سياسياً تقدماً ثقافياً.فهل حدثت نكسة حزيران في حزيران 67م انها في ذلك اليوم اسفرت عن وجهها اما وجودها فهو ينتمى الى اخر الخمسينات حين كانت الانقلابات العسكرية تجهض التجربة الشعبية والازدهار الاقتصادي من منتصف الخمسينات الى فجر الثمانينات وكانت هذه الانقلابات سلائة مسبقات تبدأ إمكانا وتتحقق عمليا , كما يشهد تسلسل الاحداث الذي يشبه أحداث اليوم .
إلا يشبه العدوان الثلاثي على مصر عام 56م تجمع القوى المتعددة في الخليج ؟ وكل ما تغير هو الوجوه والاسباب .
شنت بريطانيا وفرنسا واسرائيل عدوان 56 على ثورة مصر وغاب حضور امريكا مادياً , أما اليوم فان امريكا في موقع قيادة القوى الاجنبية في الخليج , اما سبب العدوان الثلاثي فهي خالصة الوطنية لأن أهم أسبابها تأميم قناة السويس وتأسيس السد العالي وإنهاض القومية العربية وكسر احتكار الاسلحة , اما أسباب تالب القوى الاجنبية اليوم فسببها الظاهري احتلال العراق الكويت وضمه اليه , ولأن المحتل هو العراق ومكان الاحتلال هو الكويت فأن دواعي العدوان أكثر من كثيرة .
فلو احتلت السعودية الكويت لما انهمرت القوات على الخليج , ولو احتلت اسرائيل الاردن لما تحرك البيت الابيض أو مجلس العموم , أما والمحتل صدام والمحتلة هي الكويت فالامربين الاختلاف كما تشهد الوقائع .
لقد أنذر الاتحاد السوفيتي سادة العدوان الثلاثي على مصر عام 56م قائلاً : السوفيتي سادة العدوان الثلاثي على مصر عام 56قائلاً : لا بد من سحق المعتدي مالم يعد ادراجه , لكن عندما احتلت اسرائيل الضفة والقطاع وسيناء ولجولان لم يكتف السوفيت بالانذار وانما اعادوا صياغة الجيوش العربية وغيرت انواع اسلحتها , وعوضتها عن الطائرة طائرتين والدبابة دبابتين , فأمكن تحرير القنيطرة بسوريا وتمت هزيمة اسرائيل عام 73م بفضل تغير القيادة وشتان بين عبدالحكيم عامر مهزوم 67م وبين سعد الدين الشاذلي قائد معركة العبور عام 73م .
أما خط ثورتي اليمن فاختلفت صور الوقائع وتركياتها , وتزامنت أو تقاربت تصحيحات صنعاء وعدن واختلف المحتوى بين حركات الستينات والسبعينات , وكان السلاح السوفيتي في اليسار واليمنين تحت مبدأ الدفاع به وعدم الاعتداء بقوته وكان اليمن في موقع دفاعي وخط تصحيحي تارة يستوقد النار وتارة يبيض كالثلج , وكانت كل هذه الاحداث ترهص لثورات من وراء عم الثروات فأذا كانت نكسة حزيران وما أطلقت من مرارة وقوة ارادة نتيجة مؤامرة الستينات من بدئها فهل تكونت أزمة الخليج القائمة الان في اغسطس عام 90م ؟ انها وليدة الثمانينات من مطلعها .. لانها استهلت سجل دورتها بانفجار الحرب بين العراق وايران وكانت أعرض مظلة على رؤوس المتأمرين .
فبإسم حراسة الخليج وتامين الممرات التجارية جاءت بوارج امريكا وحلفاؤها يومذاك , واليوم جاءت نفس القوى تهدد العراق اليوم باسم تحرير الكويت , انها نفس القوى التي وقفت بوجه ايران الى جانب العراق
{ فيكف اختلفت الصورة ؟
اتخذ العراق من حرب 8 سنوات صنعة السلاح واستيراده لتجاوز الحرب القائمة ولا مكان قيام مثلها ولما احس العراق ان قوة سلاحه قرينة قوة اقتصاده حاول ان يقود حرب اسعار النفط وان يجد منفذا بحريا بعد نجاح مشروع الغاز , فأذا بمشكلة الكويت والعراق تنبعث من جديد .
أراد عبدالكريم قاسم رئيس أول جمهورية في العراق تحاد الكويت والعراق بعد استقلال الكويت وأستنفرت الكويت الدفاع المشترك مع بريطانيا مخافة هجوم عراقي فحلت قوى عبدالناصر محل القوى البريطانية عن ارادة الجامعة العربية ولم تحدث حرب , لأن قاسم لم يرد الضم أو عجر عنه أو اشتم العواقب وفي عام 77م اتحر الخلاف بين الكويت والعراق على ( وربه وبوبيان ) وخرج احمد الخطيب مع جماعته من حزب البعث في الكويت حاملين البندقيات للدفاع عن تربة الوطن لأن صحة الحزبية من قوة الانتماء الى الوطن على حد تعبير احمد الخطيب , سيئت مشكلة 77م اندفاع الكويت الى التسلح وكان أو لمن قرع باب التسلح السوفيتي من الخليج هي دولة الكويت فوقد الخبراء السوفييت مع السلاح وأشار الخبراء الانجليز على أمير الكويت عسكرة النساء لقلة سكان البلد فاستقدموا عسكريات سوفيتيات لتجييش المرأة الكويتية فالقى البيت السعودي كل ثقله على الكويت فحرم الواعظون تجييش المراة والاستعانة بالملحدين والمحلدات فتوقف التدريب النسائي ورجع المر الى قول بن أبي ربيعة
{ كتب القتل والقتال علينا وعلى الغانيات جر الذيول .
فما يسمى مشلة حدود بين العراق والكويت من اهدإ المشاكل اذ لا تفيق الا في رأس 9 أعوام أو عشرة فجاءت هجمة 2 أغسطس مختلفة عن سوابقها وموصولة بها ومن هنا أبتدأت أزمة الخليج وحرب الخليج الثانية فهل ستحل أزمة الخليج محل هزيمة حزيران فنقول الثقافة الاغسطسية ,والادب الاغسطي بدلا من النسبة الى حزيران ؟ لأن القضية الفظيعة تنمحي بأفظع لأن قوى اليوم اكثر عدة واقوى تسليحاً في وقت انطواء المجال السوفييتي الذي كان الى جانب العرب سلاحا وخبرة في كل حرب , أما اليوم فأن المرء لا يستعبد وفوف موسكرالى جانب واشنطن لأن دورة الفلك تحولت من صراع الشرق والغرب الى فاتحة الاقتتال بين الجنوب والشمال , تحت هذا السقف الزمني اهلت الذكرى الثامنة والعشرين لثورة سبتمبر وبعد تطل ذكرى ثورة أكتوبر فماذا سيحدث بين المناسبتين هل ستنقشع الازمة بلا رعود وبروق أو انها ستنفجر بعد ساعات أو ايام أو شهور .
ان عوامل اندلاع الحرب اكثر من دواعي السلام , فماذا سيصنع سبتمر واكتوبر في زحمة التغيرات بعد أزمة الخليج .
ان اليمن لصيق بمواقع الاحداث واليه تشير الاصابع وعليه تدور جلسات وعلى اليمن أن يعرف حتى لا يقول كما قال وزير الدفاع الكويتي أخذونا على غرة « وكل مرة يقول فادة كل شعب عربي هكذا , فإذا استعادت بريطانيا عدن هل سنقول أصعقتنا المفاجاة ؟ وأين المفاجاة ؟ والاحتمال على مرأى العين والمسافة على مرمى قذيفة . لأن عدن في جملة السياق الجديد كما ان شمال الشمال من معالم الخارطة القادمة فهل الحرب المرتقبة فرجة رياضية نرجح فريقا على فريق ونحن من الفريق المستهدف .
ان ذكرى سبتمر التي تبرج اليوم شمي ذلك اليوم تذكرنا بكل ما حدث وتمكننا من معرفة ماسيحدث لكي نوطن النفوس على مصاولته بعيداً قبل ان يقترب وقريبا قتل ان يستوطن هنا أو هناك لأن الثورة التي بلغت ثمانية وعشرين عاما مازالت ساخنة الانياب وثابة العزم فعلى الثورتين استعادة أيام ردفان وسوان وأيام ميدي وأيام صيرة لأن الذي يا دان يهتك الحجاب شديد الاختلاف عن سوابقه , وللأسف اننا على باب حرب ولا نملك أدواتها لأن القوة القتلية تقوى بقوة اقتصادية كما تقوى الاقتصادية بالثقافية .
أما تفوق الخصوم علينا بسبب تظاهر قواهم المتعددة الاسماء والثيرة الجوانب فأذا لاحت هذه الدولة اقوى فلأنها اثقفت واذا لا حت أرجح فلأنها أقوى ادارة واثقب تدبيراً فأذا كنا شعب حرب بالوراثة فهل لنا اقتصاد حرب وثقافة قيادات , ووطنية قلوب ؟
ان الثورتين قامتا لتحقيق هذا ولا تحقق وجودها الافي غيرها من أطوار الاحداث ومن صمود المواقف من ترشيد الاقتصاد . على الا يصير ترشيد الاقتصاد أضحوكة لكثرة تكراره اعلاميا ولقة رشده شعبياً فليس ترشيد تعطل الافران , وفراغ مخازن الحبوب والسكر وحليب الاطفال
أن الرشد الحقيقي هو أعظم من هذا , أنه سلامة الوطن وشموخ الثورة التي أصبحت وحدة لكي تشرق ثورة على المعتدين وامكانية العدوان .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.