الاستقلال الجنوبي الثاني.. استحقاق لا استثناء    مالية رئاسة الوزراء فساد يزكم الأنوف والجهاز المركزي صامت    تشابي ألونسو في مواجهة التحدي الأكبر مع ريال مدريد    اللوزي لسلطة صنعاء: المسؤول اصبح تاجر وحربه معلنة على الرأسمال الوطني .. فكيف لا يهرب التجار..؟!    بطل الشطرنج كارلسن ضد 140 ألف لاعب!.. فما النتيجة؟    دراسة تكشف عن مفاجأة غير متوقعة عن "داء الملوك"    استشهاد 326 شخصا وأكثر من 300 حالة إجهاض بغزة بسبب سياسة التجويع    مانشستر يونايتد يواجه توتنهام بنهائي الدوري الأوروبي    قيادي تربوي: المعلمون يمرون بمرحلة هي الأسوأ ولا تعليم ناجح على أكتاف معلم منهك    جرحى بين المرتزقة على تقاسم عائدات بيع ذخائر وأسلحة    صحيفة صهيونية: هذا ما سيوقف التهديدات اليمنية    قلق أميركي من "انهيار" نظام الجولاني خلال أسابيع    استعادة دولة وفسخ عقد    الترب يهنئ القيادة الثورية والسياسية بعيد الوحدة    تجاهل السلطات لمطالب الشعب: خطر يغذي العنف    اتفاق نهائي بين برشلونة ورافينيا    موقع أمريكي: الحرب مع القوات المسلحة اليمنية تركت ثغرة في مخزون أسلحة البحرية الأمريكية    انفلات المعطيات وضياع المفهوم    انفجارات الرصاص تختلط بصيحات الفزع في مستشفى بتعز ودماء الضحايا تلطخ الممرات    الفساد الحوثي ينهش القطاع الصحي بريمة.. مستشفيات بلا دواء ومساعدات منهوبة    العثور على جثة مواطن قتل بظروف غامضة في إب    صنعاء .. التربية والتعليم تحدد موعد بدء العام الدراسي القادم    رؤية للحل في اليمن    الرزامي: كفالة المشرف وعائد مادي شهري شرطا للحصول على وظيفة في صنعاء    اكثر من مائة منظمة تحذر من كارثة إنسانية في اليمن    مئات الحجاج عالقون بمنفذ الوديعة مع وقف التفويج عبر مطار صنعاء    الاتصالات.. السلاح الحوثي الذي لا يزال يفتك بالشعب    أمريكا: لن نكرر أخطاء العراق وأفغانستان في اليمن    مسير للموسيقى العسكرية جاب شوارع العاصمة احتفاء بعيد الوحدة    بدء تأهيل 15 حكماً في كرة الطائرة بمأرب    تقييم هندسي: "شجرة الغريب" في تعز مهددة بالانهيار الكامل وسط تجاهل رسمي    برنامج أممي: نعمل على توسيع تدخلاتنا في اليمن لتعزيز الصمود الاقتصادي وخلق فرص عمل    الصقر يتوّج ببطولة أندية تعز للبلياردو    غداً انطلاق المرحلة النهائية لدوري الدرجة الثانية لكرة السلة    سلطات تعز الصحية تقر إلغاء تراخيص مزاولة المهنة الصادرة من صنعاء بعد 2013م    رسميا.. تحديد موعد قرعة كأس العرب 2025    الحر الشديد يحرق محل تجاري بالمهرة    بين هوية الغربة واسرار الفنتازيا في الجني وران ل"حميد عقبي"    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 20 مايو/آيار 2025    البيضاء.. الشرطة تضبط المتهمين باغتصاب وقتل طفلة    بريطانيا وفرنسا وكندا تدعو إسرائيل لوقف هجماتها على غزة "فورا" وتهاجم حكومة نتنياهو    آثار تعز يوضح حول القطع الاثرية المضبوطة في ساحل باب المندب    أهمية ميناء حيفا كعادة بحرية للكيان    الصين تعلن خفض معدلات الفائدة الرئيسية لمستويات قياسية    عمران.. الشرطة تضبط متهماً بجريمة قتل    باب الحارة يفقد أحد أبطاله.. وفاة آخر فرد بعائلة "أبو إبراهيم"    زهرة الجنوب تناديكم.. لتعشيب ملعبها التاريخي    أطباء: النوم لأكثر من 10 ساعات يوميا قد يسبب الإصابة بأمراض خطيرة    كهرباء التعذيب والقهر    الكشف عن 67 جريمة غامضة    جراء الإهمال المتعمد.. انهيار قلعة تاريخية في مدينة يريم بمحافظة إب    انطلاق أولى رحلات الحجاج جواً من مطار الغيضة إلى الأراضي المقدسة    عندما يستنوق الجمل، تحل الناقة محله    الهيئة العامة للآثار والمتاحف تنشر قائمة جديدة بالآثار اليمنية المنهوبة    دشن مهرجان عروض الفنون الشعبية احتفاءً بالعيد الوطني 22مايو.. الوزير اليافعي: سيدافع عن الوحدة الشرفاء الأحرار على امتداد الوطن الكبير    مرض الفشل الكلوي (5)    وزارة الاوقاف تبدأ تفويج الحجاج اليمنيين براً إلى الأراضي المقدسة    مسلح حوثي يحرق مسنًا في إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انفلات المعطيات وضياع المفهوم

الفوضى السياسية والاقتصادية وكذا الاضطراب الإعلامي الذي تركه دونالد ترامب رئيس أمريكا خلفه بعد زيارة عاصفة إلى الشرق الأوسط وبالتحديد زيارته إلى مشارف الجزيرة والخليج قد أقامت الدنيا ولم تقعدها وأثارت شجون السياسيين والقوى الاجتماعية وكذا عملت على هز المكونات الإعلامية والوجاهات السياسية والمجتمعية التي مازالت تعيش توابع ذلك الاهتزاز القوي لزيارة أثمرت في رفد الخزانة الأمريكية وأتخمت البنوك الأمريكية بتريليونات الدولارات.
وجاءت زيارة ترامب وكأنها إهتام الراعي الأكبر على القطيع العربي فقد تسابق العرب على إقامة الضيافات والكرم الحاتمي بشكل مبهرة فبعضهم فرش السجاد الأحمر وبعضهم حول السجاد الأحمر إلى لون سوسني هادئ مراعاة لنفسية ترامب والوفد المرافق له.. وبعضهم جهز الخيول العربية للاستقبال وبعضهم رش عطر العود الباهظ الثمن وأضاف البخور الجاوي المعتبر والمُر والصبر السقطري لصرف عيون الحساد..
وعمل العرب من هذه الزيارة منعطفاً خطيراً في حياة الأمة وفي تاريخ المنطقة..
ولم تتردد الفضائيات العربية الملونة على التغطية المباشرة وعلى تجسيد الاهتمام الإعلامي حتى صارت علامة فارقة في تاريخ الاعلام.. فانبرى المحللون والمتابعون يتهافتون على هامش الزيارة ويطلون على الناس ليؤكدوا ان ما قبل الزيارة كان شيئاً وان ما بعد الزيارة شيء آخر..
في هذه الزيارة التي جاءت على أخبار أشلاء أطفال غزة وعلى أنين وبكاء اراملها وعلى ارتعاشات عجائزها وعلى مخاوف كبار السن فيها..
جاءت لتؤكد على مزيد من العجز العربي ومن التسليم والانبطاح العربي وعلى أشلاء منظومة عربية تهاوت من كل تماسك وتاهت في دهاليز اللحظات المؤلمة ..جاءت وطائرات الكيان الإسرائيلي تدك المناطق العربية وتغتال شرفاء الأمة وتهتك عرض العرب فيما المشهد العربي يزداد ضعفاً ويزداد تبعية ويصاب بمزيد من التبلد الذي يجب ان يسميه البعض من الأعراب الحياد والصمت وانتظار ما سيأتي طالما فراشه لم يداس وعبايته لم تبلل، وقميصه لم ينزع بعد وطالما انظمتهم لم يطالها العبث الإسرائيلي ولا الفوضى السياسية التي ضربت وتضرب المنطقة.
وكانت زيارة ترامب محفوفة بالنعومة وبالغزل السياسي واحياناً الغزل غير العفيف المباشر ولا سيما بعد أن تأكد ان التريليونات من الدولارات قد انهالت على الخزانة الأمريكية وان السوق الامريكية تحت مسمى الاستثمار قد وصلها أكسير الحياة خاصة إذا أدركنا ان ديون الإدارة الامريكية قد وصلت الى ارقام قياسية وفلكية وان أمريكا دون المال العربي معرضة للانهيار..
ولا مانع من ان تتحول الإدارة الأمريكية الى مقاول للقتال والى قوى مستأجرة تنفذ أجندة أنظمة ورموز قيادية ومنظمات..
وقد قيل الكثير وكتب الكثير في هذا المضمار وعلى خلفية هذه الزيارة التي يحب كثيرون بوصفها زيارة تاريخية مع انها كانت اشبه بحفلة مزاد جرى فيها استنزاف الموارد العربية عنوة ولم يصل من خيرها الى المنطقة غير الرماد البركاني الضار.. فالمنطقة تسبح في بحور من الفوضى ومن التدمير ومن التدمير الممنهج.. والفقر والافقار يحتوي معظم أنظمة المنطقة.. وسياسات التحالفات المشبوهة تجري على قدم وساق..
والصراعات تنتشر من محيطها إلى خليجها.. بدءاً من مشكلة الصحراء في المغرب ومروراً بالاحتقانات في ليبيا الى الاقتتال في السودان وتهتك النسيج الاجتماعي في سوريا وتفرعن النظام في تونس.. والفاقة التي اصابت مصر والأردن.. واضطراب الرؤى والاتجاهات في العراق إلى احتدام التمزق الجغرافي في اليمن.. إلى الصراع الهندي الباكستاني الذي تفجر إلى دموية مهلكة إلى خنق الشعب الإيراني في موجة حرب اقتصادية فاتكة إلى أسئلة غامضة تغطي خليج العرب.. إلى محاولات تسعير حرب أهلية في لبنان جراء الأوتاد والدبابيس التي وضعت في دولاب الحركة فيها.
ومع ذلك فان الموارد العربية وثروات العرب جاء من ينهبها ويستحوذ عليها، بل ومن يبقي الحنفية مفتوحة لتستمر في النزيف وفي إفراغ الخزائن العربية مما فيها وما يحز في النفس ويثير الريبة النتائج المرجوة من هذه الزيارة التي كانت أشبه بفقاعات صابون طارت في الهواء وتبعثرت.. إذ لم نجد أي تعاطف حقيقي أمريكي أو غربي مع مطالب الشعب العربي، بل حتى مع مطالب المنظومة في المنطقة العربية وتحديداً "الخليج" الذي تفضل ترامب لأطلاق تسمية الخليج العربي وكأنه جاء بالذئب من ذيلهٌ كما يقول إخواننا في السحول!!!
وفي ذات الوقت كانت حملة الإبادة تجري بكل إصرار ضد إخواننا في غزة وشلال الدم لم يتوقف.. والانتهاكات تطال الجنوب اللبناني والجنوب السوري والصهاينة المتطرفون في تل أبيب مصرون على انهم يغيرون من ملامح الشرق الأوسط.. ويفرضون رؤيتهم حتى تمادى نتنياهو الى تحديد السياسات العربية في المنطقة.. وكل ما في الأمر ان ترامب مصر على التطبيع وعلى الاتيان باتفاقات ابرهام كاستراتيجية أمريكية إسرائيلية.. حتى تصبح إسرائيل هي المرتكز وهي المحور وبقية أنظمة العرب مجرد موظفين لدى الكيان الإسرائيلي ومن يستعصي عليه الفهم سوف يجبر بالعصا النشم الغليظة..
وهكذا تحولت المنظومة العربية الخليجية إلى مجرد جابية للثروات لكي تسلمها إلى البيت الأبيض وإلى شرايين الكيان الإسرائيلي وتبقى هي أنظمة مرتهنة تحت الطلب ليس إلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.