حسن الجلال .. لم يكن الشهيد المهندس معين هاشم المحاقري وزيرًا للاقتصاد والصناعة والاستثمار فحسب، بل كان بمثابة حكومة متكاملة تتحرك بعقلٍ مؤسسي، ورؤية استراتيجية، وقدرة تنفيذية نادرة.. كان يدرك أن المنصب ليس سلطةً تنفيذية فقط، بل مسؤولية وطنية تتطلب قراءة دقيقة للواقع، وتحليلًا عميقًا للمعطيات، واستشارةً واعية قبل اتخاذ القرار. لذلك،لم تكن تحركاته ارتجالية، بل مبنية على مؤشرات موضوعية، تستند إلى فهم شامل للبيئة الاقتصادية، وتعبر عن وعي وطني عميق.. معين لم يتعامل مع الصناعة كعملية إنتاج، بل كمنظومة متكاملة تشمل التعليم الفني، والتمويل، والتسويق، والتشريعات، والبنية التحتية. وفي فترة وجيزة، استطاع إعادة تعريف العلاقة بين الدولة والقطاع الصناعي، وخلق بيئة تشريعية وتنظيمية تراعي متطلبات السوق، وتحمي المنتج المحلي، وتفتح نوافذ الاستثمار دون أن تفرط في السيادة الاقتصادية. ورغم التحديات المتراكمة، والصعوبات الهيكلية، والمقاومة البيروقراطية، كان معين يمضي بثبات منقطع النظير، لا يتوقف عند العقبات، بل يعيد هندستها لتصبح فرصًا للنهوض. لقد أثبت الشهيد المهندس معين المحاقري أن الكفاءة حين تمنح صلاحية، تنتج تحولًا حقيقيًا. وأن الإدارة حين تقاد بالعلم والخبرة، تحدث فرقًا لا يقاس بالأرقام فقط، بل بالأثر المستدام. اليوم، بعد رحيله، لا نملك ترف الانتظار أو التردد. بل نحن في حاجة ملحة وطارئة، ليس إلى وزير بديل، بل إلى شخصية قادرة على مواصلة ما بدأه، بنفس الروح، وبنفس المنهج، وبنفس الإيمان العميق بأن اليمن يستحق الأفضل.. إن الشهيد الوزير معين المحاقري ليس مجرد اسم في سجل الوزراء، بل نموذج نادر في تاريخ الإدارة الاقتصادية اليمنية.. نسخة لا تتكرر كثيرًا في التاريخ، وإن لم نحسن التقاط اللحظة، واستكمال المسار، فسنندم على كل جهدٍ بذله، وكل فرصةٍ فتحها، وكل باب طرقه من أجل الوطن.