تأتي اعترافات إحدى خلايا شبكة التجسس التي أعلنت وزارة الداخلية القبض عليها في العملية الأمنية النوعية (ومكر أولئك هو يبور)، لتكشف جانبًا جديدًا من حجم الحرب الخفية التي تُدار على اليمن، وحجم الحضور الاستخباراتي الأمريكي–الصهيوني–السعودي في غرف العمليات المشتركة التي تستهدف أمن البلاد واستقراره. هذه الاعترافات ليست مجرد تفاصيل أمنية عابرة، بل هي مشاهد واضحة من صراع طويل بين اليمن وقوى الهيمنة الخارجية التي سخّرت أموالها وأجهزتها الاستخباراتية لإضعاف الجبهة الداخلية وإرباك المشهد الوطني. غير أن ما كشفت عنه هذه العملية يؤكد أن الحس الأمني في اليمن متيقظ رغم كل الظروف، وأن العيون الساهرة التي تحمي هذا الوطن تقف بالمرصاد لكل محاولة اختراق أو تجسس. وبحسب بيان وزارة الداخلية، فإن الشبكة التي تم ضبطها كانت تُدار من غرفة عمليات استخباراتية مشتركة أمريكية–صهيونية–سعودية، مقرها الرياض، ومجهزة بأحدث وسائل التواصل الثابت والمشفّر. وقد عملت على تزويد العدوان الأمريكي–الصهيوني بالإحداثيات الدقيقة للمواقع الحيوية والخدمية والعسكرية في اليمن، ومحاولة رصد مواقع تصنيع وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة التي وُجّهت نصرة لغزة ودعمًا للمقاومة. لقد سعت هذه الشبكات إلى المساس بحياة المواطنين وإضعاف القدرات الدفاعية، غير أن يقظة الأجهزة الأمنية أفشلت كل تلك المحاولات قبل أن تتمكن من تحقيق أهدافها. والتاريخ، كما الواقع، يثبت أن نهاية الجواسيس مخزية مهما طال الزمن؛ فهم أدوات رخيصة في مشاريع لا تحترم عملاءها ولا تحميهم، وسقوطهم السريع في قبضة الأمن شاهد على أن خيانتهم لم تجلب لهم سوى الذل والعار. اليمن يخوض معارك متعددة الوجوه: سياسية، إعلامية، عسكرية، وأمنية، ويثبت مرة أخرى أن الوعي الشعبي وتماسك المؤسسات يشكلان خط الدفاع الأول ضد كل محاولات الاختراق، وأن كل شبكات التجسس ستؤول إلى ذات المصير الذي تحدث عنه القرآن الكريم قال تعالى : ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ فما دام هناك شعب صابر، وعيون ساهرة تمتلك حسًّا أمنيًّا عاليًا، فلن تخترق اليمن أيادي المرتزقة والجواسيس، وسيبقى أمنه عصيًّا على كل من يحاول استهدافه.