يشكو زميلي الشاحب الوجه، عبدالقدوس من هبوط نبي عليه منذ مايقارب ال4 أشهر. قال عبدالقدوس إنه وضع رقم هاتفه السيار في الصحيفة لاستقبال الحوادث الأمنية والمرورية لإنزالها في عمود يومي بصحيفة الأولى، لكنه تفاجأ مع كل ذلك برسائل يومية من أحد الأنبياء الجدد. حاول عبد القدوس طويلاً استيعاب الرسائل التي تصل إليه وفك شفرات إبهامها، غير أنه اكتشف في الأخير أن الذي يراسله هو نبي من إحدى المحافظات اليمنية، وعلى مايبدو يحاول الرجل إقناعه بالدخول في الدين الجديد. يقول عبدالقدوس إن النبي الجديد ابتدأ رسائله لمدة مايقارب الشهر، يرسل في الصباح 3، وفي المغرب 3، وفي الظهر 3، حتى توقف الهاتف من كثرة ضغط الرسائل. ويضيف عبد القدوس أنه استقبل مايقارب من كتاب مقدس، أي ما مجمله 1500 رسالة، فيها كل توصيفات الحالة العقائدية اليومية لنبي يريد أن ينخرط في السياسة لتشكيل وعي عصري بالدين. عبد القدوس صديقي الذي لايأبه لشيء، لايزال على حاله، غير أنه قال بألم: لا أدري كيف أتعامل مع هذه الحالة الإنسانية، خاصة وأن لدي قناعة أن هذا الرجل يجد حالة تنفيس بما يرسله لي، لكن لماذا ترك كل متديني العالم وأتى إليّ أنا الذي أقوم من النوم عصراً. اليوم، كشف لنا الزميل لطف الصراري، مدير تحرير الأولى، عن ماهية نبي عبدالقدوس، بعد أن قال إن الصحيفة تلقت منه أكثر من بريد إلكتروني، ومرفقة باسمه ورقم هاتفه، وعندما قرأ لنا لطف جزءًا مما أرسل على هذا النبي، كانت البداية توحي بأن الرجل يعتمد بشكل كبير على القرآن، غير أنه في الرسالة الثانية بدا أكثر اعتماداً على نفسه، وبدأت نصوصه متماسكة في المقاطع الأولى، ومفككة قريباً من منتصفها، بدت حالة التداعي الحر والهذر واضحة، وبدأ هاجس السياسي المختل وقد دمر تماماً هاجس الدين، بل قضى عليه. والمؤلم في كل ما كتب، أن (الأب) كشف لنا عن (صورة النبي الجديد). كنت متشوقاً لرؤيته، ورؤية ماذا يمكن أن يكون عليه هذا النبي، لكن المفاجآت لاتحمل البهجة بالضرورة، صورة عائلية بائسة، وكانت مرفقة مع رسالة أخيرة لنبي عبدالقدوس تناشد أهل الخير مساعدته، 3 أشخاص، أب وأم وطفلتهما، جميعاً يجسدون صورة لليمني الذي دعت منظمة اليونيسيف لإنقاذه قبل أسابيع. هياكل عظمية تقف إلى جانب بعضها، أجساد لم يتبق فيها سوى الجلد.. صورة شاحبة، ونبي شاحب، لا تستطيع إلا أن تشفق عليه، وتبكي لأجله. تحدث لي عبد القدوس بألم: لن أوقف رسائله، كان قد انقطع عني منذ مايقارب الشهر، فيما يبدو أن وحيه قد توقف، لكنه عاود الآن. ويقول عبدالقدوس بعد أن رأى حالة نبيه، أنا أستغرب من شيء أخير، من الذي يقوم بإرسال الرسائل له عبر البريد الالكتروني خاصة وأنه عامل (بويا)، يبدو أن هناك من يستغل هذا الكائن أيضاً فوق ما هو عليه. عن: الأولى