بداية.. أود الاشارة إلى أن »ثقافة الشخصنة« التي تسود المجتمع اليمني ، قد القت ، بل وتلقي بظلالها على كل جوانب الحياة الاجتماعية، وفي مقدمتها الملف الأمني. فبالأمس القريب، تحدثنا عبر صفحات صحيفة تعز الغراء حول الاختلالات الأمنية في محافظة تعز، وقد أكدت حينها على أن المعالجة الجذرية لهذه الاختلالات لا ينبغي أن تقوم على التوافقات أو التجاذبات السياسية.. وهذا يعني أن تراجع الحالة الأمنية لا ينبغي أن يتم ربطه بوجود شخص ما من حزب معين على رأس هرم المؤسسة الأمنية، كما أن وجود شخص آخر من حزب أو جهة معينة في قيادة هذه المؤسسة لن يحقق تغييراً ملموساً.. لأن زمرة السابقين سوف تعمل على إعاقة عمل اللاحقين، والعكس صحيح أيضاً في ظل التجاذبات السياسية، وهنا يسقط الجميع في فخ أزمة أمنية حادة. إذن: فالملف الأمني بتعز بحاجة إلى قيام المؤسسة الأمنية بمهامها دون توجهات تمثل أطرافاً معينة، كما أن علينا نحن المواطنين ألا نقع في خندق »الشخصنة« من خلال اعتقادنا خطأً أن التراجع الأمني يعني فشل المسؤولين عن العمل فقط، بل إن الفشل يشملنا جميعاً، ويهدد حياة الجميع بالخطر. لذا: أود التأكيد بأن تحقيق الأمن لن يكون إلا بفرض المؤسسة الأمنية وجودها بشكل واقعي ملموس ومهني بعيداً عن الصراعات السياسية، أي فرض هيبة الدولة وستكون هذه هي الخطوة الأولى لتشكل الوعي الشعبي بأهمية القضية الأمنية بالنسبة للجميع.. وبدون الحضور القوي للأجهزة الأمنية، سيشكل وعي مختلف يحمل طابعاً سلبياً، وربما تسود حينها قوانين الغاب، وليس قوانين الإنسانية. من الواضح جداً المساعي الحثيثة التي يقوم بها محافظ المحافظة الأستاذ/ شوقي هائل في الملف الأمني، كواحد من ملفات عديدة مثقلة بالعوائق والصعوبات.. لكن اللافت للانتباه بشكل جلي أيضاً أن هناك قوى سياسية وجهوية تعمل جاهدة على وضع المزيد من العراقيل أمام أداء هذا الرجل وفي مقدمتها افتعال الأزمات ذات الطابع المسلح والإجرامي اعتقاداً منهم أن ذلك قد يسبب له حرجاً.. باعتباره رئيس اللجنة الأمنية بالمحافظة.. وكأن الرجل قد تسلم مسؤوليته كمحافظ في وقت كانت تنعم فيه المحافظة بالأمن والأمان، وعلى هؤلاء أن يرجعوا بذاكرتهم قليلاً إلى الوراء وأن يتأملوا جيداً ما كان عليه الوضع الأمني قبل مجيء الأخ شوقي هائل وسيدركون حينها.. كما ندرك نحن.. أن التحسن الأمني بات ملحوظاً، وأن الرجل لديه عزيمة وإصرار لخدمة تعز المحافظة، كما أني على ثقة بأنه بات اليوم أكثر دراية بأولئك الذين يضعون العصي في دواليب مسيرته كمحافظ، وفي طريق أمن واستقرار هذه المحافظة، التي يبدو أن من أبنائها من يتلذذ بالإساءة إليها، وتشويه معالم تميزها كمحافظة »مدنية« .. منطلقين بذلك من اعتقاد خاطئ أن ذلك يحقق لهم مكاسب شخصية آنية، وربما لا يسعفهم الوقت لأن يتمتعوا بما اكتسبوه لأن من يلعب بالنار.. يحرق أصابعه حتماً. وهنا.. أوجه نصيحة للأخ المحافظ بألا يراهن كثيراً على الوعي المجتمعي.. خصوصاً في الوقت الراهن، وتحديداً في المسألة الأمنية فوعي الناس في المجتمعات (المحترمة) لم يتشكل إلا بعد أن فرضت القوانين، ووجدت الدولة القوية التي تفعل تلك القوانين وتحترمها، وتحميها من العابثين، وبعدها أصبح خوف الناس من العقاب، هو مقدمة الالتزام، ثم جوهر حياتهم الاجتماعية. استاذ علم الاجتماع المشارك - جامعة تعز نقلاً عن صحيفة تعز