يبدو أن الحرب تتجه نحو المحافظات الشرقية لليمن، صراع التمدد والنفوذ في البلاد بين الإمارات من جهة والسعودية من جهة أخرى، مع توترات مع سلطنة عُمان المجاورة ستؤدي في نهاية المطاف إلى أن تشعل حرباً بالوكالة بين الدول الثلاث. وبحسب مانشره موقع “اليمن نت” على معلومات تشير إلى تحشيد سياسي وقَبلي من الإمارات والسعودية في محافظة حضرموت، فيما تستعد سلطنة عمان في محافظة المهرة. تحظى السعودية بدعم من الحكومة المعترف بها دولياً فيما تحصل “أبوظبي” على دعم من ميليشياتها المسلحة والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يدعو لانفصال جنوباليمن عن شماله.
ويمثل أنبوب النفط والميناء النفطي الذي تنوي السعودية إنشاءه في محافظة المهرة نقطة تحول كبيرة في تفكير القيادة السياسية السعودية تجاه الوجود الإماراتيجنوب البلاد، وهو ما يزعج ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد والقادة السياسيين والعسكريين الإماراتيين الذين يعون جيداً أنهم لن يستطيعوا البقاء في اليمن دون وجود غطاء من المملكة العربية السعودية، حسب ما تحدث دبلوماسي خليجي رفيع المستوى ل”اليمن نت”. وتحاول سلطنة عمان تجنب وجود أي قوة عسكرية إماراتية أو سعودية في المهرة وحضرموت خشية تأثيرها على الأمن القومي العماني وبث الخلافات القديمة للدولتين مع السلطنة حول الحدود. حضرموت الوادي والساحل الأمر لا يتعلق فقط بمحافظة المهرة، بل يتعلق أيضاً بمحافظة حضرموت المجاورة -المحافظة الأكبر مساحة في خارطة اليمن- قال ثلاثة من المصادر المطلعة بينهم قائد عسكري بارز واثنين من المسؤولين الحكوميين الذين يعملون في المحافظة ل”اليمن نت” إن السعودية تريد الانتشار في مديريات الساحل، وتعزز وجودها في مديريات الوادي والصحراء. ولفتت المصادر إلى أن وفداً عسكرياً وأمنياً سعودياً تواجد شهر سبتمبر/أيلول الماضي في مركز مديرية “سيئون” حيث بحث مع قيادة المنطقة العسكرية الأولى والقيادات الأمنية والسياسية في مديريات الوادي الاحتياجات لتثبيت الأمن، ومواجهة الاختلالات الأمنية إما تلك التي يفرضها الانفصاليون الجنوبيون أو تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية. وقال القائد العسكري إن مسؤولاً سعودياً كان ضمن الاجتماع وتحدث بشكل خاص مع قيادة المنطقة العسكرية الأولى إن قوة النخبة الحضرمية التابعة للإمارات قد تحاول السيطرة على مديريات الوادي وعندها يجب الاشتباك بقوة لردع أي محاولة للسيطرة عليها. وأشار القائد العسكري إلى أن المنطقة العسكرية الأولى أكثر انضباطاً وقوة من أي قوة عسكرية أخرى، وما تزال محتفظة بقوتها العسكرية تحت أوامر الرئيس عبدربه منصور هادي، حتى لو أضطر الأمر لإحلال الأمن في مناطق ساحل حضرموت -حيث تسيطر الإمارات- بالقوة وطرد أي عناصر تحاول إقلال الأمن العام في المحافظة التي تجنبت الخوض في الحرب. خلال الشهر قدمت السعودية 30 سيارة لأمن وادي حضرموت، وبعد ذلك بيوم قامت الإمارات بتقديم 157 سيارة و60 دراجة نارية للأمن في ساحل المحافظة نفسها. بعد يوم -أيضاً- من منحة أبوظبي، قامت السعودية بتقديم 45 سيارة للأمن في الساحل -حسب مسؤول حكومي بارز، كان متواجداً أثناء التسليم. وقال المسؤولان الحكوميان إن السعودية تملك نفوذاً في زعماء القبائل الحضرمية حيث تحاول سحب البساط من القبائل الموالية للإمارات وسلطنة عمان بدعمها إما بالمال أو السيارات الفاخرة. ولفت المسؤولان إلى أن مسؤولين كبار في المملكة التقوا شيوخ قبائل حضرموت عدة مرات خلال الشهرين الماضيين، في الرياضوجدة، وتعتمد السعودية في لقاءاتها مع شيوخ القبائل ومع رجال الأعمال الذين يمتلكون تجارات وأعمال داخل المملكة. وقال مسؤول إن السعودية أبدت استعدادها لتجنيس شيوخ القبائل وأبنائهم ومن يرونه بشرط الوقوف مع توجهات المملكة وحماية أنبوب النفط الذي سيمر عبر المهرة إلى بحر العرب. لكن يبدو أن العُمانيين يملكون نفوذاً وإن كان طفيفاً في المحافظة، إلى جانب الإمارات اللتان تحاولان عرقلة سير المخطط السعودي. تقول السعودية للمسؤولين اليمنيين إن الغرض من النفوذ في حضرموت هو محاربة التنظيمات الإرهابية “القاعدة والدولة الإسلامية”، واستمالة القبائل في الوادي والصحراء من أجل طردهم من تلك المناطق. لكن ذلك غطاء فقط للبقاء وهو الأمر ذاته الذي تقدمه الإمارات. وقالت المصادر إن وكيل محافظة حضرموت لشؤون الوادي والصحراء عصام حبريش الكثيري تردد على أبوظبي مراراً خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي لبحث إيجاد موطئ قدم للإمارات في مديريات الوادي بنشر قوات “النخبة الحضرمية”. مشيرةً إلى أن الكثيري قام بتجنيد المئات من إبناء القبائل لكسب تأييدهم من أجل التواجد الإماراتي في مديريات الوادي. ولفت مصدر مطلع إلى أن الكثيري التقى “طحنون بن زايد” رئيس جهاز الأمن (المخابرات) الإماراتية المسؤول عن مواجهة السعودية ونفوذها في اليمن. ويعتقد المسؤول العسكري والدبلوماسي الخليجي أن أبوظبي ترغب بتصادم “مسقط”و”الرياض” في المهرة وحضرموت لتقدم نفسها كبديل للطرفين! صراع عُمان والإمارات في المهرة منذ وقت طويل تملك سلطنة عمان نفوذاً ووجوداً في محافظة المهرة، يعود إلى التسعينات، ويملك المواطنون المهريون القدرة على الوصول إلى الأراضي العُمانية دون تأشيرة دخول، وظلت هذه المحافظة إلى جانب حضرموت بعيدتان على الحرب الأهلية في اليمن منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر/أيلول2014. خلال فترة الحرب الماضية تمكنت القبائل من إنتاج نظام حكم محلي خاص بها مكنها من رفع المظالم وحل القضايا العالقة في ظل غياب الحكومة اليمنية والمؤسسات الأمنية والقضائية. بعد سيطرة الإمارات على المكلا في 2016م أقامت معسكرات تدريب في محافظة المهرة وقامت بتجنيد القبائل المحلية هناك، ووصل عدد القوة إلى 2500 مقاتل. لكنهم لم يكونوا ليقاتلوا إلى جانب الإمارات. وعندما استدعت الإمارات تلك القوة في 2017 رفضوا الحضور أو القيام بأي مهام مع تزايد السخط الشعبي ضد الوجود الإماراتي. كانت سلطنة عمان حاضرة بقوة حيث تخشى من تقويضها من قِبل الإمارات واستخدام الأراضي المهرية لمقايضة بشأن النزاع الحدودي بين الدولتين من الجهة الأخرى. وقال دبلوماسي خليجي مطلع على تفاصيل الخلاف ل”اليمن نت” إن السلطات العُمانية أبلغت الأمريكيين والبريطانيين إلى جانب الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي بشأن النفوذ الإماراتي في جنوباليمن وأنه يمثل تهديد لأمنها القومي. في ذروة الصراع بين الإمارات وسلطنة عمان، أصدرت مسقط مرسوما يقضي بمنح الجنسية العمانية لأسرتي رئيس الوزراء اليمنيالجنوبي السابق حيدر أبو بكر العطاس وسلطان المهرة الشيخ عيسى بن عفرار، حيث بلغ عدد المستفيدين من هذا المرسوم السلطاني 69 شخصا من أبناء الأسرتين. والعطاس هو قيادي جنوبي من حضرموت ويملك علاقة جيدة مع السلطات السعودية. ولفت الدبلوماسي إلى أن لندن حاولت مراراً الضغط على أبوظبي بشأن الحد من نفوذها في المهرة على أقل تقدير لكن ذلك لم يحدث. لجأت مسقط إلى حلفائها في محافظة المهرة لطرد الوجود الإماراتي منها. ونجح ذلك بالفعل لكن ذلك تم بإحضار قوات سعودية إلى أراضي المهرة بمهام معينة -في بادئ الأمر- وبعد ترك القوات السعودية أياماً خارج حدود المهرة من قِبل القبائل حتى توقيع اتفاق، لكن لا حقاً وبعد رحيل الوجود الإماراتي من المهرة نقضت الرياض ذلك الاتفاق وسيطرت القوات السعودية على مطار الغيظة وميناء نشطون الرئيسي في المحافظة واقتطعت مناطق كقاعدة عسكرية. الوجود السعودي في المهرة تواجدت القوات السعودية في المهرة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2017 بديلاً عن الإمارات، لكنها وسعت نفوذها وأوقفت العمل بميناء نشطون ومطار الغيظة، وأصبحت تتعامل مع المدينة كمحمية عسكرية خاصة بها. تبرر الرياض وجودها في المهرة بمكافحة الإرهاب والتهريب. عُرفت المهرة وحضرموت كموطن لتهريب المخدرات ونبتة القات إلى دول الخليج. كما توجه أبوظبيوالرياض اتهامات لسلطنة عُمان بالسماح لإيران باستخدام أراضيها لتهريب السلاح إلى الحوثيين. لكن مسؤولاً حكومياً وأخر أمنياً في المهرة قالا ل”اليمن نت” اتفقا على أن القوات السعودية متمركزة في القواعد العسكرية وتنتشر في المُدن السكنية ولا تتواجد في خطوط التهريب المعروفة. قال المسؤول الأمني: إن محافظ المحافظة الحالي راجح سعيد باكريت (المقرب من الرياض) يعرف جيداً التهريب وخطوطها فقد كان واحد من أبرز المهربين. وفي مطلع سبتمبر/أيلول الماضي قال باكريت لتلفزيون “أبوظبي” إن الحدود آمنة ولا توجد عمليات تهريب من سلطنة عمان، ما ينقض السبب السعودي لتواجد قواته. ومنذ يونيو/حزيران الماضي يتظاهر المهريون رفضاً للوجود السعودي في أراضيهم، وفي يوليو/تموز تم توقيع اتفاق يقضي بتشغيل الميناء والمطار وإعادة قوات الأمن للانتشار، لكن السعودية انقلبت على الاتفاق. وترغب السلطات السعودية في بناء ميناء نفطي ومد أنابيب نفط من منطقة “خرخير” السعودية إلى الميناء في بحر العرب بمحافظة المهرة، ولم تتفق بعد مع الحكومة اليمنية التي تتجنب التعليق على الموضوع. وستحتاج لتأمين المناطق الساحلية في حضرموت إلى جانب الوادي والصحراء ما يعني أنها ستلجأ إلى مواجهة الإمارات -عسكرياً- بأدوات محلية إن اقتضت الضرورة لإجبارها على المغادرة- حسب ما قال الدبلوماسي الخليجي. وطلبت المصادر التي تحدثت في هذا التقرير عدم ذكر هويتها، خشية الانتقام. وفشل “اليمن نت” في الوصول إلى الحكومات اليمنية والسعودية والإماراتية للتعليق على الاتهامات والمعلومات المذكورة.