ماذا عساني أن أحدث عن الأثنين الدامي الذي أزهقت فيه أرواح الشباب البسطاء وكيف سفكت دماؤهم بمنتهى البشاعة وبتجرد تام عن الانسانية نعم العشرات سقطوا دون وجه حق لم يرتكبوا جرماً ولم يقترفوا ذنباً ليسدل الستار عن حياتهم بهذه الطريقة المؤلمة والبشعة التي تقشعر لها الجلود وتتفطر لهولها القلوب بأي حق قتلوا وأي الأديان السماوية تقر هذا المنطق وأي جنان تنتظر من ازهق النفس البشرية وأباح دمها دون وجه حق ألم يقل رسولكم الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم طوبى لمن لم يصب دماً حراماً وليت شعري كيف يكون اللقاء مع رب السماء وكيف يكون الحال بين القاتل والمقتول الذي يبحث عن المبرر الذي لأجله أهدر دمه قائلاً رباه سل هذا لما قتلني وما يكون جواب القاتل وهو في موقف لا يحسد عليه اذ لا يعرفه وما من مظلمة يرفعها لتبرأة النفس وعتقها فقد غدت وحيدة ولا نجاة إلا لمن أتى الله بقلب سليم وأين السلامة ومن قضى بالامس هم بسطاء وفقراء زجت بهم الحاجة وأوصدت دونهم الابواب لا يمتلكون الواسطة ولا يمتلكون الجاه يتعثرون ويستحيون العودة الى اسرهم وذويهم خائبين فقد عشموهم بترقيم ووظيفة تحقق لهم أسباب العيش الكريم وتقيهم السؤال والحاجة والعوز وهو ما جعلهم يحتملون تلك الشمس الحارقة التي اكتوت بها اجسادهم الهزيلة واحتملوا الحر اللاهب وهم يدسون اجسادهم في تلك البزة الثقيلة التي تمنحهم الامل وتشعرهم بإن لهم الحق في الحياة أسوة بزملائهم الذين أخذوا على كفوف الراحة وما وجدوا من عناء أو مشقة وحقيقة تألمت كثيراً عندما قال أحدهم انهم الفئة الاكثر ظلماً ومعاناة وفقراً فهذا لا يملك ظهر ولا كتف ولذا لم يجد له حظاً في التسجيل والترقيم فإن تم له المراد وظن أن الحظ قد ابتسم له اتاه من يخبره أن ملفه قد ضاع وعليه ان يعيد الاجراءات مجدداً وينتظم في طوابير تلفحها الشمس المحرقة وتنال من انسانيتهم المبعثرة ظمأ وجوع وكسرة نفس ثم يأتي من يزهق انفسهم بالله كيف طابت لكم انفسكم ان تفعلوا بهم هذه الجريمة الشنعاء تنثروا اجسادهم المنهكة وتمزقوها اشلاء تتبعثر وقد نالت حظها من الشواء وينزف من كتبت له الحياة بالدماء ويلفظ أنفاسه الاخيرة وهو ينظر الى نظرات الشفقة قبل أن يغادر دنياه متسائلاً ماالذي جناه وأخوته لينالوا هذا الجزاء عله يجد من يجيب قبل ان تصعد الروح الى السماء فيالعظيم البلاء وصبراً أسر الشهداء ولعل الجهات المعنية تقوم بواجبها تجاههم وتعتمدهم وتضرب مثلاً في الانصاف والوفاء وتكفر عن تقصيرها حينما زجت بهم في العراء . عفاف سالم