د. فضل الربيعي اطلعت على آلية التنفيذ المبادرة الخليجية بصيغتها الأولية المنشورة في الصحف اليمنية عقب التوقيع على المبادرة ، لم أتصور هذه الآلية أن تخرج بهذا الشكل التفصيلي والتي اشتملت على بنود وفقرات عديدة في رزمة من الورق، حينها أيقنت ان مسالة المماطلة على التوقيع كان بهدف كسب الوقت لا خراج هذه الآلية بهذا الشكل ،حيث احتوت على ستة أجزاء كل جزء يتكون من عدد من الفقرات التي وصلت الى ما يقارب 54 فقرة أساسية ، ان الصورة الكلية لهذه الآلية تتمحور حول إيجاد صيغة للتوافق السياسي بين الحزب الحاكم والمعارضة" المشترك" نحو إصلاح منظومة الحكم .
القارئ لهذه الآلية رغم أهمية ما جاء بها من فقرات تفصيلية يجدها بعيده كل البعد عن مجريات الأحداث الراهنة التي يمر بها الوطن ,فنتخيل ان من قاموا في أعدادها ربما كانوا خارج الزمان والمكان المتصلان بعمق التطورات الحالية، المتمثلة بحركة الاحتياجات الشعبية منذو سنوات والثورة الشبابية العارمة التي انطلقت قبل عشرة اشهر في اليمن والتي قدمت الآلاف من الشهداء، .
حيث تظهر هذه الآلية بانها لم تلامس جوهره المسألة المتصلة في ابعاد العملية السياسية الفاعلة في الساحة اليمنية من حركة الحوثيين والثورة الشبابية والحركة الوطنية الجنوبية ، ان الملاحظ او المتابع لطبيعة الاحداث والصراعات التي مر ويمر بها الوطن تبداء بتصاعد الاختلاف بين القوى السياسية ومراكز القوى الفاعلة في المجتمع وتنتهي بتفجير الأوضاع عقب التوقيع على المشاريع والاتفاقيات التي ينبغي ان تعالج هذه الأزمات والخروج من دوائرها المحتقنة , حيث تصبح الاتفاقيات او المشاريع والتوقيع عليها فبدلاً من ان تنهي المشكلة نجد الاطراف تندفع نحو الانقضاض عليها، حينها تصبح مسألة التوقيع بداية لمرحلة خطيرة تتجه نحو التصادم , والوصول الى نقطة الا رجعة تغلق ابواب الحوار ، وجميعاً نتذكر الصراع بين القوى السياسية التي سعت للتوقيع على وحده 22مايو 1990م ، فالخلاف بينهم قد نشاء بشكل اكبر بعد الاتفاق وانتهى بالحرب بعد توقيع على ما عرفت بوثيقة العهد والاتفاق والتوقيع عليها في العام 1994 م بعدها تفجر الموقف العسكري في منطقة دوفس في أبين، وهي الاتفاقية التي كتبة بنودها الاولى في اليمن ووقع عليها من قبل الاطراف اولا في الداخل ، ولم يبقى الا توقيع القيادات حينها ذهبت إلى الاردن للتوقيع عليها ، ومن الاردن اتجه احد الأطراف للسفر إلى الخليج ثم امريكا ,فما اشبه الليلة في البارحة ، حين اصروا على توقيعها في الرياض ومن الرياض يتجه صالح الى امريكا ، هذا مجرد وصفاً لتشابه الاحداث والاهم من ذالك هو ان المتتبع لبنود الآليه سيجد في بعض بنودها التفصيلية نوعاً من التعقيد الذي قد تتصادم مع بعضها الامر الذي يؤثر سلبا على تنفيذ بنودها .
وقد تترك باباً للاجتهاد والتفسير ونفساً للتحايل او التعطيل .ان المسألة المتعلقة بأسباب وأهداف الثورة العارمة التي يشهدها اليمن منذ عشرة اشهر والساحات والميادين ممتلئة بالشباب الذين حددوا اهداف ثورتهم واختطوا الطريق السلمي لنضالهم هذا شهد لهم العالم بعظمة وتنظيم هذه الثورة المباركة ، مع الاسف لم تكن الثورة متواجدة في ثنايا هذه الوثيقة ، فضلا عن القضية الاخرى والتي لا تقل أهمية عن الثورة وهي القضية المحورية وجدر الأزمات " القضية الجنوبية" وكذلك الحوثية ، ولم يشار لهما الا في عبارات سريعة لا تعكس مدى أهميتهما في هذه الآلية ، أو عند معديها اللذين سيصبحون شركاء النظام القادم فكيف للمتابع أن يتصور موقفهما من هذه القضايا بعد توليهما الحكم ؟؟ وهل المرحلة القادمة هي مرحلة نضوج داخلي للثورة والقضية الجنوبية، والحوثية؟ وأن ملامح هذه الآلية قد أوضحت بجلاء طبيعة القوى التي تتعامل معها ، بل انها رفعت التشويش الذي كانت تمارسه بعض القوى السياسية على أهدافها ومطالبهما.
أعتقد أن المرحلة القادمة هي مرحلة بداية القضية الجنوبية، ومرحلة نضوج الثورة الشبابية. الامر الذي يجعلها اكثر فعالية من أي وقت سابق ,مدركين لطبيعة العلاقة بينهما وإعادة صياغة خطابها السياسي والإعلامي الجديد والإقرار بطبيعة استحقاقاتهم التاريخية والسياسية ، . فان عملية المراجعة هذه تبدءا من عملية ألمراجعه الحقيقية للخلفيات الاساسية الكامنة وراء انتاج وتكرار الازمات المتعلقة في فلسفة الحكم في المجتمع اليمني وبالتالي الانتقال الى صيغة واقعية، تتعامل مع الواقع والاعتراف بالحقوق المشروعة .