التسول ظاهرة دخيلة على مجتمعنا الجنوبي واعتقد بأنها ظهرت وانتشرت بعد الوحدة المشؤمة، حين أصبح ظاهرة الفساد الحكومي المسيطر الاول، فتدهور حياة الناس وتدهور اقتصاد الدولة .. حيث تفاقمت وتنامت ظاهرة التسول كثيرًا خلال الفترة الأخيرة، وخاصة في العاصمة عدن، جراء انهيار الأوضاع الإنسانية وتردي الوضع المعيشي إلى أدنى مستوى، واضطر كثيرون إلى التسول، تحت وطأة الحرب، مما جعل المواطنين يشعرون بقلق حيال ذلك .. وفي ظل التدهور الاقتصادي والنزوح تتسع ظاهرة التسول في شوارع العاصمة الجنوبية عدن، مشكلة باتت تارق المجتمع الجنوبي وهي ظاهرة دخيلة بعد الوحدة المشؤمة لكن كانت ظاهرة التسول نادرة ولا تتم إلا على ابواب المساجد أو امام محلات الصرافة وأسواق القات، تجد عدد من الفقراء يقفون على استحياء، وكان في الغالب من يمتهنون هذه المهنة شريحة من المسنيين، والنساء ذات البشرة السوداء ومن لاجئي الصومال الذين عجزوا عن توفير قوت يومهم وضاقت عليهم الحياة بما رحبت، وتجد ان الناس يتعاطف معهم، لكن تغيرت تفاصيل الحياة اليوم كثيرا، فالأطفال والنساء أنظم لتلك الظاهرة وأصبحت ظاهرة التسول مهارة يقودها خبراء واخصائيين ونراهم يتجرعون ذُل التسول في شوارع العاصمة عدن وربما عبر عصابات منظمة، والضحية أفراد اغلبهم من الأطفال يتم توزيعهم على الشوارع والمساجد والطرقات، وأسواق العاصمة وكل جماعة لهم طريقتهم وأساليبهم الخاصة حتى بات الناس لا يميزون بين المستحق والمتسول .. ومن المحزن بان تصبح ظاهرة التسول مكسب تقف خلفها عصابات تحاول بين الفينة والاخرى اختراع أساليب متنوعة ومؤثرة حتى صرنا لا نستطيع التمييز بين المحتاج الحقيقي وبين الممثل .. أو أن نرى أطفالاً صغاراً ونساءً أُرسلوا من قِبل أوليائهم إلى الشوارع وعلى الارصفة وقارعة الطريق حفاة، وبلباس مبتذل، يظهرون العوز والفاقة والكآبة ليستثيروا عواطف الناس، والحجة لأخرجهم من بيوتهم الفقر الجوع ... للأسف حينما ضاعت الدولة وجدنا الناس يتسكعون في الشوارع والاروان وخصوصا الأطفال، لانه من المفترض بانهم يتواجدون في المدارس بحثا عن العلم لا في الشوارع، يعتقدون بانهم يكسبون المال لكنهم يخسرون طفولتهم يوميا و يذهبون بأنفسهم الى المجهول وهذا بحد ذاته وجع ومشكلة كبيرة تضر الجميع، نتمنى من المنظمات المحلية والدولية ان تجهز مراكز لتربيتهم وتعليمهم فوجودهم في الشوارع وعلى قارعة الطرقات والمساجد والمستشفيات وغيرها، سينهي حاضرهم ومستقبلهم، ويسيء بشكل عام إلى صورة وطنا العظيم وخصوصا العاصمة عدن .. والكارثة الحقيقية ان تطورت مهارات مهنة التسول كثيرا واتخذت أساليب متنوعة لصالح عصابات منظمة، وبشتى الطرق مثل منح عدد من الأطفال جرع مخدرة ويتم تمديدهم على الأرصفة والطرقات والمارة، وتقعد بجانبهم سيدة تدعي بأنهم اطفالها والمشهد مؤلم ومحزن للغاية، فصورة الأطفال وهم يفترشون الارض وأمام حر الشمس ويلتحفون السماء تدمي العين ويوجع القلب ومع كل مشهد يبادر الناس بما استطاعوا، وما ان يدرك البعض حقيقة تلك المنظمة المستغلة حتى يسارعون في اختراعات اساليب جديدة وكل طريقة لها واقعها على قلوب ميسورين الحال .. ربما يتذكر البعض طريقة المنشورات الورقية المزيفة التي كان يتم توزيعها وما ان تبدأ في القراءة حتى تجد فضاعة العبارات لما لها من تأثير عميق في النفس، ويكتب عليها انني من عائلة فقيرة مات والدي وخلف لي أسرة كبيرة وليس لهم معين بعد الله سواي، حيث تكون لتلك القصاصات الورقية تأثير كبير حتى يكسب ألمال لصالح قادة وعصابة التسول اما الأطفال فلم يكونوا الا ممثلين اذكياء قدموا ادوارهم بنجاح منقطع النضير ولكن سرعان ما انكشفت اللعبة وظهرت الحقيقة وخصوصا وان معظم المتسولين يملكون نفس الأوراق ويتحدثون عن نفس المعاناة حتى راود بعض الناس الشك من حقيقة اقوالهم وبدأو يدركون الحقيقة التي يحاولون إخفائها بعض المتسولين .. ومع تزيد هذه الظاهرة والتي باتت ملفتة للنظر، وتشكل ازعاجا للبعض ولا سيما في ظل انقسام الرأي، منهم من يرى انها الحاجة والفقر والعوز، واخرون يرونها مهنة، وتشكل خطرا كبيرا على المجتمع وتخالف كافة القيم والحقوق الإنسانية ابتداء من عملية استغلال المحتاجين والأطفال والعجزة وانتهاء بغياب الرقابة والمتابعة من الجهات المختصة وهذا الغياب يبدوا ان عليه دائرة استفهام كبيرة .. لا ننكر بان الحرب خلفت الفقر والمجاعة ودمرت آلاف الأسر ولكن يجب على الحكومة الشرعية اتخاذ الحلول لهذه الظاهرة الدخيلة على العاصمة عدن، حيث انتشر التسول بسبب انهيار الأوضاع جراء الحرب، حيث خلّفت الحرب أوضاعًا متردية للغاية، جعلت معظم السكان اليمن بشطرية البالغ عددهم نحو 27.5 مليون، والاغلبية بحاجة إلى مساعدات، في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حسب منظمة الأممالمتحدة، ووفقاً لمكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوتشا" ويحتاجون إلى مساعدات إنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية، وحماية حقوقهم، وطبقاً لبرنامج الأغذية العالمي، تعاني غالبية المحافظات من انعدام الأمن الغذائي الشديد .. وفي ظل بيئة الحكومة البيروقراطية الرائعة للفساد، وفي شتى انواع الفساد الممنهج، الاداري والمالي والاخلاقي والاجتماعي الكبير، في سياق المعالجات الرسمية لظاهرة التسول، وحيث لا نرى ان تتدخل من المنظمات والجهات المختصة، وقد أطلقت حكومة الفساد معالجة شكلية منذ عدة أعوام لمكافحة التسول وأنشأت ثلاثة مراكز اجتماعية تابعة لسلطات المحلية وبإشراف وزارة الشئون الاجتماعية والعمل، لم تعمل ولم يطبق %1، ولا يوجد رقم دقيق أو حصيلة محددة في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بعدد المتسولين ومع ذلك تحيل حكومة الفساد، السبب لارتفاع نسبة البطالة والفقر والمجاعة حيث ان الملايين من المواطنين يعانون من سوء التغذية في البلاد بعد الحرب، وتدني مستوى دخل الأسرة .. وقد حذر صندوق الأممالمتحدة للسكان، في تقرير مؤخرًا، من أنه تلوح في اليمن بشطرية مجاعة محتملة ستكون الأسوأ في تاريخ العالم الحديث، وقد يتعرض حياة ما يقدر بمليونين من النساء الحوامل والمرضعات اللاتي يعانين من سوء التغذية، لخطر الموت ... وحتى الدعم الإغاثي لليمن بشطرية ليس بالحجم المطلوب، وأغلب المنظمات الإغاثية لم تستوعب جميع المتضررين، وعودة اليمنيين بشطرية من السعودية، وانهيار أسر كثيرة من العاملون في السعودية كانوا مصدر دخل للملايين، وإجبارهم على مغادرة المملكة، بسبب رسوم وقرارات جائرة، جعلهم بلا عمل، لتتسع دائرة الفقر .. ناهيك عن أكثر من نصف الإغاثة في جيوب اللصوص والمتنفذين، والكل يشكو سوء الحياة المعيشية وصعوبة توفير المستلزمات الأساسية .. ورغم الأعداد الكبيرة للمتسولين في العاصمة عدن إلا أن عددهم أكبر بكثير من مدن الشمال، ومناطق الساحل الغربي، حيث فر سكان القرى من منازلهم، وأصبحوا يعيشون على ذل التسول وعشرات الآلاف من اللاجئين اتجهوا إلى العاصمة عدن ومنهم لجأوا إلى التسول مرغمين .. وخلال تواجدي في جيبوتي التقيت بالكثير من ابناء الشمال اجرى بيننا الحديث عن ظاهرة التسول وان بين هذا وذاك، يعاني اللاجئ اليمني في العاصمة عدن، أهوال الحرب وقسوة المجاعة وضيق الحالة ووجع الحاجة، وقالوا لايختلف الحال حتى في صنعاء بأنه لا يكاد يخلو شارع في صنعاء من المتسولين، ولم يعد غريبًا أن يقصد متسولون مرتادي المقاهي والمطاعم لطلب الطعام والمال، وصار التسول هو مصدر دخلهم الوحيد، فراتب رب الاسرة الزهيد، الذي يعمل جامعًا للقمامة، لا يستطيع توفير احتياجاتهم، إذ أن كل شيء سعره مرتفع .. وإضافوا نحن بين نارين، يعيش نحو مليون موظف، يعملون في القطاع الإداري العام في اليمن، بلا رواتب منذ أيلول/ سبتمبر 2016م، وامتنعت إدارة المليشات الحوثيين المسيطرة على صنعاء ومحافظات أخرى، عن صرف الرواتب، بحجة نقل حكومة الرئيس هادي مقر المصرف المركزي إلى العاصمة عدن، بينما تقول حكومة هادي إن الحوثيين نهبوا منذ سيطرتهم على المصرف "اربعه مليارات وخمسمائة مليون دولار،" كانت تمثل الاحتياطي النقدي للبنك، وإن الجماعة تبدد إيرادات الضرائب والجمارك في دعم الحرب وهو ما ينفيه الحوثيون .. وعند عودتي من الخارج الى العاصمة وفي إحدى المرات تفاجأت بأن من يمد يده نحوي ولست وحدي من تعرض لهذا الموقف، ولم يعد مستغربًا أن تشاهد رجلًا بهيئة نظيفة وكلام مهذب يطلب الصدقة، بينهم موظفون لم يجدوا عملًا، مع انهيار الأوضاع الاقتصادية .. فصار يتشارك ظاهرة التسول عدد من مختلف فئات المجتمع الصغارا والكبارا والنساء والرجال، وينتشرون في ازقة وحواري و شوارع و مساجد المدن والارياف، والبعض منهم يتعذرون بالفقر والحاجة والمرض والحرب والجوع ومشاكل كثيرة، حتى اصبح الناس لا يستطيعون التمييز بين الصادق والكاذب وبين ميسور الحال من المحتاج ولاننا في وطن بلا نظام ولا قانون ولا حكومة ولا حقوق إنسان صاروا يبحثون عن قوت يومهم كلا بطريقته الخاصة هروبا من جحيم الجوع والعطش ومرارة الواقع .. حتى إننا ندرك جليا من الناحية العقائدية، حيث عالجة هذه الظاهرة المسيئة بتحريم التسول، والحض على العمل والإنتاج، وجعل أفضل ما يأكل الرجل من كسب يده .. حيث حرص الإسلام على حفظ كرامة الإنسان، وصون نفسه عن الابتذال والتعرض للإهانة والوقوف بمواقف الذل والهوان، فحذّر من التعرض للتسول الذي يتنافى مع الكرامة الإنسانية التي خصها الله تعالى للإنسان، قال تعالى "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ" فالمتسول يأخذ أموال الناس بغير حق وسيسأل عنها أمام الله عز وجل، والتسول بغير سبب مشروع جريمة يستحق صاحبها العقاب عليها .. وللأسف لم نرى من يكتب إلا القلة حول الواقع المحزن والأليم بحيث ان معظم حالات التسول منظمة وخلفها عصابات كبيرة تكسب من معاناة الناس وان بعض من تشاهدونهم مجرد ممثلين فالحقيقة يقف خلفها أناس لم نراهم ولا نعرفهم، وان العصابة سرعان ما يغيروا طريقتهم بشتى الأساليب المتنوعة منها طرق القبلات التي يمنحها الاطفال المتسولين لكل من يجدون أمامهم بغرض اكتساب ودهم والتعاطف معهم .. تقول كاتبة، رغم إيماني بان التسول ليس حل ولن يغير واقعهم لكن ليس أمامهم خيارات آخرى وخصوصا العجزة و كبار السن والمرضى فإذا لم نعينهم و نساعدهم فمن لهم اذا ؟ الكثير يهدرون أموال طائلة في أسواق القات فَلَو اخرجوا جزءا يسيرا من اموالهم لمساعدة المحتاجين لقضينا على نسبة كبيرة منهم .. فساعدوهم ما استطعتم لمد يد العون للمحتاجين، فالكثير لا يعلم بحالهم سوى الله وتمنعهم عفتهم من سؤال الناس حاجة او الوقوف امام أبوابكم، تصدقوا بما استطعتم وربنا يحاسبهم والصدقة لوجه الله، ما نقص مال من صدقة، تذكروا بان الراحمون يرحمهم الرحمن وما تقدموا لانفسكم تجدوه عند الله ... اللهم فآوى واغث إخوتنا الفقراء والمشردين وكل اللاجئين في العراء، واكف الجنوب وشعبه العظيم من الأشرار وكيد الغزاة الحاقدين، واجعلهم أعزة منصورين، واحقن دمائهم وآمنهم في وطنهم وأنفسهم وأموالهم وول عليهم خيارهم ..