قالت وزارة الخارجية البريطانية اليوم ان إيقاف الحرب في اليمن هو أولوية بالنسبة لبريطانيا حتى ينعم الشعب اليمني بالسلام الذي يستحقه. يا ترى من أين تنطلق حسابات لندن التي قررت على ضوئها ان السلام في اليمن قد أصبح في مقام الأولوية وإلى أين ستمضي هذه الحسابات وهل تمتلك القدرة على تنفيذها. لاشك ان بريطانيا ومنذ أندلاع الثورة الشبابية الشعبية في صنعاء عام 2011م كانت لاعباََ رئيسياََ من اللاعبين الكبار وربما كان ترتيبها الثالث بعد اللاعب الأمريكي والسعودي لكن وبعد سقوط صنعاء وهروب الشرعية اولاََ إلى عدن ثم تالياََ إلى الرياض وانتهاء باندلاع عاصفة الحزم والأمل في مستهل 2015م فقد اعتبرت بريطانيا ان تراكم الأخطاء والفشل المتلاحق للمجتمع الدولي في اليمن أصبح في أمس الحاجة إلى تقدم بريطانيا إلى الترتيب الأول في قيادة تطورات الملف اليمني مشترطة لذلك مشاركة كل من واشنطنوالرياض وابو ظبي إلى جانبها وتحت قيادتها وقد تحقق لها ذلك وعلى هذا الأساس وفي ظل هذا الترتيب جاء السيد مارتن جريفيتس وتم التوقيع على اتفاق استوكهلم الذي منع الشرعية من استعادة او تحرير مدينة الحديدة بعد أن كانت قاب قوسين او أدنى من ذلك كما تم في ظل القيادة البريطانية والمبعوث الدولي البريطاني إعادة طرق وتصميم الهندسة التكوينية لجسد الشرعية اليمنيه من جانب وعلى واقع وجغرافية ما تسمى بالاراضي المحررة الخاضعة _نظرياََ_ للشرعية وتم تمرير ما يشبه المقايضة ما بين تعزيز الشرعية بمجلس النواب الذي كان حكراََ لصنعاء وما بين تعويم المجلس الانتقالي الجنوبي الوليد عام 2017م. وقد ضمن اللاعب البريطاني من خلال الترتيبات السابقة ومن خلال تعاون اللاعبين السعودي والاماراتي الضغط على عنق الشعب والجماهير الشعبية في المناطق والأراضي المحررة وخاصة في المحافظات الجنوبية عبر الأوراق الأمنية والخدمية والمعيشية التي تصل حد الخنق حتى لا يلعب هذا الشعب دوره التاريخي الحقيقي الذي عرفته بريطانيا وذاقت مرارته خلال اربع سنوات من ثورة 14 اكتوبر الخالدة أكتوبر 1963 _ نوفمبر 1967م. تلك الالاعيب التي تشتهر بها بريطانيا في هندسة الجغرافيا السياسية في مختلف بلدان العالم وفي الشرق على وجه الخصوص اغفلت عن قصد وتعمد_ وعن غير ذلك _تطورات الأوضاع في المناطق الشمالية وسمحت بما يكفي من البيئة المناسبة لترسيخ سلطة ونظام الأمر الواقع في صنعاء الذي تم استغلاله بكفاءة رفيعة من قبل المعسكر المقابل المتمثل بإيران وحدها في البداية!!! ثم تم تعزيزها لاحقاََ بالعامل التركي والقطري والعماني وفي ظل كل ذلك فقد تجاوزت سلطة صنعاء كل الخطوط الحمراء من أجل سد الثغرات الكبرى في نظامها العسكري الدفاعي في البداية ونجحت تالياََ في بناء منظومة عسكرية مهما كانت درجة تطورها الا انها تفي بالغرض في خلق حالة من الردع مع الجيش التابع للشرعية وحلفائه السعودي والاماراتي. هذه هي خلفية الموقف البريطاني اما إلى أين يتوخى الوصول فيبدو ان بروق ورعود الأوضاع الدولية التي تعصف بالعالم وتنبئ بحرب عالمية كبرى ستغير النظام الدولي برمته وتخلق توازنات جديدة هي الدافع لبريطانيا للاعلان عن هذا الموقف الذي يرفع السلام في اليمن وينهي الحرب قبل ان تخرج التطورات السريعة والمتلاحقة إلى فقدان دفة القيادة من اليد البريطانية والحلفاء. واشنطن التي تغوص في بحر لجي مجهول داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية وعلى مستوى الصراع وليس التنافس على البيت الأبيض لا تتردد في تسويق الأوهام العارية عن جهود ومنجزات السلام في الشرق الأوسط بتعاون حلفائها في دول مجلس التعاون الخليجي الإمارات اولاََ والبحرين ثانياََ تماماََ مثلما تسوق لعملية السلام في أفغانستان التي تستر من خلالها هزيمتها التاريخية أمام حركة طالبان بعد 19 عاما من الصراع المسلح الوحشي وغير المتكافئ بين الحركة وبين الإمبراطورية الأمريكية المعززة بتحالف دولي وبحلف الأطلسي وتحاول عبر الاستعانة بالحلفاء في دول مجلس التعاون الخليجي _ _الدوحة_ قطر هذه المرة ان تقدم نفسها كمخلص للشعب الأفغاني من الحرب؟؟؟ وصانع محب للسلام. حسابات لندن كثيرة ومعقدة غير انها ومن قلب عاصمة الضباب الكثيف تدرك بوعي تاريخي انها أمام حافة عصر وتاريخ جديد على مستوى العالم لم يعد يحتمل مثل هذه الألعاب الخسيسة والقذرة وان شمس الشرق وحضارته على وشك ان تشرق على العالم من جديد.