صديقي النقابي صالح اليافعي له طريقة جميلة في سرد الحكايات بحيث يتمكن من انتزاع ضحكاتنا ودموعنا في آن واحد كون حكاياته تعبر دوما عن الحالة المأساوية التي فرضت وتفرض على اليمن شمالا وجنوبا بفضل السياسات التي يدعي الحكام دائما انها حكيمة كما انها تمثل فلسفة المواطن البسيط الذي يحلم بوطن يؤمن له الحياة الكريمة الآمنة ولكن مشكلته تتمثل في الذكاء المفرط لهؤلاء الحكام. خلاصة الحكاية انه في إحدى قرى يافع الجبلية والتي كان أهلها يعتمدون على حمار يمتلكه احدهم لنقل الأمتعة والبضائع والركاب قبل الوحدة فلقد قرر بعض أبنائها المغتربين الذين فتح الله عليهم بعد ما هاجروا من نعيم العيش في اليمن شق طريق للسيارات على نفقتهم الخاصة. وعند الانتهاء من شق الطريق تم إقامة احتفال حضره القادة المحليين للحزب والسلطة وحينها خاطب سكرتير الحزب الحاضرين بقوله ان هذا المنجز التاريخي يعد ضربة موجعة للامبريالية والرجعية وأعداء التقدم. ولكن صاحب الحمار قال وبكل عفوية انها ضربة لي ولحماري فمن اليوم أصبح هو وحماره بلا عمل أي بلا مورد رزق في بلد حكم عليه حكامه بالعيش تحت الصفر موضوع القاعدة المرتبط بقصة حمار اليافعي بنبئي عن أنشطتها التي يعتقد شبابها المتحمس انها تحقق أهدافهم التي نذروا حياتهم لها فبعد كل عملية يسارع الإعلام إلى رصد بيانات القاعدة والتي يكون خلاصتها ان هذه الملحمة البطولية او الغزوة الجهادية انما تعد ضربة موجعة لأمريكا وأعوانها ولأعداء الإسلام. ولكن الحقيقة المرة تقول انه لم يثبت حتى الان ان آية عملية تمت في اليمن ابتداء من ضرب كول وانتهاء بغزوة التواهي في عدن قد أضرت بأمريكا او أعوانها او حتى هزت لهم شعرة. فالمدمرة كول تعرضت للعطب وذهب في العملية عددا من الجنود الأمريكان وسعد الكثير بذلك فهذه المدمرة ما كانت توزع الشيكولاتة لاطفال افغانستان ولا الزهور لاطفال العراق بل دمرت الساجد والمدارس والمنازل تحت شعار مكافحة الإرهاب ولكن هذه العملية فتحت العيون على اليمن خاصة وان المادة المستخدمة في التفجير ليست متاحة الا في القليل من الدول منها الويلات المتحدة وربيبتها الكيان الغاصب لفلسطين ومعه بدئت معاناة اليمانيين والتشديد عليهم يزداد. ثم اهتزت اليمن لحادثة ليمبرج لتفتح شهية شركات التأمين التي رفعت أسعار التأمين على النقل البحري على أساس مواجهة الأخطار العالية مما حقق لها أرباح إضافية على حساب المواطن اليمني. ومن المعروف ان اليمانيين يقلبون نهر رمضان ليلا وليله نهارا ولكن القاعدة أصرت على العمل من الصباح الباكر فهاجمت السفارة الأمريكية واضطر الناس للنهوض مبكرا على وقع الأخبار العاجلة لقناة الجزيرة والعربية والبي بي سي ومات من مات من ايناء هذا البلد المنكود أما الأمريكان فقد واصلوا استمتاعهم بالفطور والقهوة ورفعوا حجم مطالبهم فتم إغلاق الشوارع المحيطة بحيث تحولت السفارة إلى عامل إزعاج لأبناء الحي والمارة وسائقي السيارات. وعندما حصلت غزوة أبين سارع المسئولون إلى إظهار مقدرتهم ولكن ذلك دفع بالكثير من السياح إلى تجنب اليمن مما افقدها دخلا قليلا كان يأتيها من السياحة برغم التطبيل الحكومي إن اليمن لم تتأثر مطلقا لأنها ( فولاذ استنستيل) واليمن في ظل الإدارة الحكومية الحكيمة لا يهمها ضياع أي مورد. وفي الانتخابات الرئاسية الأخيرة قاد بن شملان رحمه الله حملة انتخابية جرئيه وقوية وهنا تدخلت القاعدة ببيان تاريخي اهتزت له وسائل الإعلام تحملت فيها عملية تفجير سيارتين أمام المنشات النفطية مما أعطى الذريعة لترويع المواطنين وتحويل الانتخابات إلى تمديد. وعندما تم استهداف الدبلوماسي البريطاني على طريق شيراتون أصدرت الدول الغربية تحذيرات لرعاياها بتجنب هذه المنطقة وبالتالي أصبح من حق أصحاب الاستثمارات الذين لم يسمعوا بقصة حمار اليافعي أن يقولوا لقد كانت ضربة موجعة لفنادقنا. وكما يقتل الطيران الأمريكي المواطنين في أفغانستان وباكستان ويوجد حالة عداء مستمرة للحكومات قبل أمريكا مارس نفس الأسلوب في اليمن فذهب الأبرياء في المعجلة ووادي عبيدة وعلى طريقة العاشق الكذاب يفرح بالتهم يسارع المسئولين إلى إعلان نجاح الضربة الاستباقية للقاعدة وان ذلك يعزز العلاقة مع الخارج. وبعد انجلاء غبار هجوم الطيران الأعمى يتحمل المواطن اليمني المسكين النتيجة تنقطع الكهرباء نتيجة ضرب الأبراج الكهربائية ويطول انتظاره أمام محلات الغاز نتيجة قطع الطرق وهنا يسارع الإعلام لتلقي أكثر من بيان من القاعدة الأول يؤكد القضاء على أعداء الله والثاني ينفي ويرمي بالجريمة كلها على الامبريالية وأعوانها وأعداء الإسلام. وفي الوقت نفسه يزداد تأكل هيبة السلطة والتي تجد نفسها بعد التصرفات الأمريكية الحمقاء مضطرة للتحكيم القبلي مع ان الدستور يلزمها العمل وفقا للقوانين وحماية مواطنيها وتحقيق الأمن والسكينة والضرب على يد الخارجين عن القانون. غزوة التواهي أعادت التذكير بالقدرات الخارقة التي مكنت من حفر نفق طويل بأدوات الطعام من شوك وسكاكين والتهام وإخفاء أطنان من الأتربة ومن يومها وواشنطن تصر على ضرورة زيادة التعاون الأمني معها او بالأصح الهيمنة في الوقت الذي لم تستطيع واشنطن نفسها إقناع اليافعي الذي مات حماره من الجوع انه بنفس الشوك والسكاكين تم اختطاف الطائرات التي سوت بالأرض أبراج مركز التجارة العالمي ودمرت أجزاء من البنتاجون وجعلت من رئيس اقوي دولة في العصر الحديث يتوارى عن الأنظار كأنه فأر مذعور. وهو ما كان يعطي الحق لليمن العظمى إجبار أمريكا على قبول التعاون الأمني والسماح لخبراء اليمن بالإشراف على الأجهزة الأمنية لواشنطن وفقا لمبدأ المعاملة بالمثل وكلها ملاعق وشوك في عيون المشككين. الشباب الذين قاموا بالغزوة فحروا وقتلوا وحرروا وهللوا وكبروا وضاع أمامهم الآمن الذي كان يرعب الجميع ويستطيع ان يعتقل دون محاكمة وحتى دون تهمة وملح بالدستور (اتضح ان كلمة طز تركية ومعناها ملح) وخرجوا ظافرين غانمين وقد الحقوا بأمريكا وأعوانها وأعداء الاستلام ضربة موجعة ولم يصاب احدهم حتى بخدش بسيط. ضربات متلاحقة للاستثمارات والأنشطة الاقتصادية التي فضل أصحابها البحث عن أماكن أمنه فراس المال جبان ولا يتحمل أصحابه سندان الفساد ومطرقة الانفلات الأمني وأصوات طلقات الرصاص وقديما قال الرئيس الكيني دانيال ارب موي انه لن يأتي احد للاستثمار في أفريقيا ما دمت هناك بنادق تطلق. وما لم يفهمه حاملي السلاح في اليمن من قبائل وحوثيين وقاعدة وحراك ان الحكام في العالم الثالث لا يستسلموا بسهولة فهم ليسوا ضعاف كحكام الغرب الذين يسلمون كراسي السلطة بسهولة إذا هزموا في الانتخابات او انتهت مدة رئاستهم او شعروا ان سياستهم لا تعجب شعوبهم فهذا شيخ شريف الذي اعتقد البعض ان انتخابه رئيسا إنقاذا للصومال محاصر في قصره ومع ذلك مصر على البقاء حتى يغيبه الموت او ينتهي آخر صومالي كما يخطط لذلك غرمائه من الجماعات المسلحة. كما أنهم يوفرون الغطاء لانتهاكات الحقوق حينما يتم الربط بين المطالب المشروعة للناس وبين ما يطلق عليه الإرهاب وخوف الغرب من تحول اليمن إلى صومال أخرى ويصبح الأمر أكثر خطورة على الممرات المائية الهامة للتجارة العالمية وبالتالي ما أهمية ملايين اليمنيين اذا كان ذلك سيحمى اقتصاد الغرب. وما لم يفهمه المسئولين في اليمن وحاملي السلاح بكافة أشكالهم أنهم مسئولين عن كل قطرة دم تزهق دون ذنب وإنهم سيحاسبون أمام الله على ذلك ولهدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من إراقة دم مسلم او كما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام كما لا يجب ان ينسى الجميع دورة العنف التي أصابت مصر في نهاية القرن. الماضي ووصلت للرئيس نفسه واليوم نسمع عن مراجعات بعض قيادات الحركات لتلك المواقف والتي وصلت إلى حد الإفتاء بان القتلى والقتلة شهداء ولكن هل يعوض ذلك أضرار تلك الحالة المجنونة وطاحونة العنف التي أصابت الكثير. وما لم يفهمه الغرب الذي يدعي التمدن والحضارة ان دعمه اللا متناهي للكيان الصهيوني الغاصب والحكومات الفاسدة والحرص على مصالحهم بغض النظر عما يلحق من أضرار بشعوبنا انما يولد حالة مستمرة من الغضب والنقمة والعداء التي ستضر بمصالحهم عاجلا ام آجلا مهما اعتدوا بقوتهم وذكائهم