فتح العرب الأندلس، وأسس عبدالرحمن الداخل الدولة فيها سنة 750م. ولقد رحب الأندلسيون بالمسلمين الذين رفضوا ظلم ملوكهم وأمرائهم، وألغوا الضرائب الباهظة التي كانت تطال الغني والفقير على السواء، ونشروا العدل؛ فلا فرق بين ملك أو فلاح؛ فلكلٍ حق وعليه واجب، وكانت المساواة حقاً للجميع، ونال الناس حقهم من الحرية. والأندلس منطقة تقع جنوباسبانيا تكون امتداداً للدولة الأموية، وكانت مدينة قرطبة حاضرة الأندلس وعاصمتها قد ازدهرت حضارة عربية زاهية في الأندلس؛ ففتحت الجامعات والمعاهد لنشر الثقافة العربية الوافدة من الشرق، واستطاع العرب أن ينشروا نور الإسلام والثقافة العربية عبر الأندلس إلى كل أوروبا تقريباً. ومع وجود الحرية والعدل والتسامح والحكم بشريعة الإسلام حصل الرخاء والاحتفال بجمال الحياة، وعاش الناس حياة سعادة وطمأنينة، وأصبحت قرطبة مدينة تنافس بغداد عاصمة العباسيين؛ بل ربما كانت قرطبة أكثر حظاً في هذا الجانب. ودامت الدولة العربية في الأندلس قرابة 800 سنة؛ غير أن الذي عجّل بزوال هذه الدولة هو الخلاف العربي العربي؛ إذ أصبح كل أمير ميالاً للاستقلال بالإمارة التي ولاه عليها الخليفة، تماماً كما حدث في المشرق، وأصبحت في الأندلس أكثر من دولة وطائفة منها دويلات ملوك الطوائف ودولة المرابطين ودولة الموحدين ومملكة غرناطة. ومن أسباب انهيار هذه الدولة العربية في الأندلس هو أن كثيراً من الأمراء العرب كانوا يتآمرون على بعضهم بعضاً، ويستعينون بالعجم الذين شعروا بالخيبة من هذا الفتح العربي؛ لأنهم كانوا منحدرين من ملوك وأمراء فقدوا ملكهم، فأصبحوا موتورين يبغضون كل ما هو عربي ويحقدون على كل ما هو إسلامي. وكان الأمير العربي في وسط وأواخر انهيار الدولة العربية في الأندلس يتحالف مع العدو الأعجمي ضد ابن عمه الأمير العربي، كان الذي يحكم عرناطة من العرب يتآمر على ابن عمه العربي في طليطلة، وكان حاكم اشبيلية يقاتل حاكم الوادي الكبير. وحصل أن انحرف حكام العرب عن الإسلام الحق، وتولى منهم الضعفاء والجهلاء مقاليد الحكم، فضاق الناس بهؤلاء الحكام. ولما ذهب آخر حاكم عربي يبكي بين يدي أمه لأنه خسر الحكم والملك قالت له شعراً: إبكِ مثل النساء ملكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال ما أشبه اليوم بالبارحة، خاصة وقد ضاعت فلسطين والعراق والبقية قد تأتي، أين هم الرجال الذين يحافظون على أوطانهم؟!. هم كثيرون متى اعتزوا بدينهم وعروبتهم.