يمثل الرئيس الايراني أحمدي نجاد التيار العقائدي الراكز في أساس فقه الحاكمية التاريخية الموصولة بقدر كبير من الطهرانية الذاتية، فالرئيس أحمدي نجاد اختيار مثالي لمؤسسة الملالي،ليس فقط فتوته ونزعته «المغامرة» بل أيضاً لتمثله الساطع فقه السلوك الديني التطهري، فالمعروف عنه أنه الرئيس الذي أزاح من مكتبه السجاد الفارسي الثمين، واستبعد الطنافس والتحف الثمينة، وأصر على استخدام سيارته القديمة التي يمتلكها منذ أكثر من عقدين، ويعيش في بيته المتواضع،ويفضل النوم على الأرض كبسطاء الناس، ولا يميل إلى تناول الوجبات الرئاسية الغالية، وأنه يعتقد جازماً بعودة المهدي المنتظر، والحال فإن أية حرب قادمة ليست في نهاية المطاف إلا تمهيداً لعودة المهدي الذي سيملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً. لقد فاز الرئيس أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية الماضية، ونال أصواتاً لفتت انتباه المراقبين، خاصة وأن منافسيه كانوا من كبار القادة السياسيين،ومع الأيام تجلى واضحاً أن أحمدي هو أفضل اختيار لمؤسسة الإمامة، وأنه يسير على درب تنفيذ مرئياتها بروحية أيديولوجية عقائدية لا مرد لها. الحالة القائمة في إيران تثير قدراً كبيراً من التساؤل القلق،وخاصة إذا عرفنا أن الطرف الأمريكي المقابل لا يختلف جوهرياً عن تلك الحالة، فالإدارة الحالية في واشنطن، وبالرغم من شفافية وتقاليد الديمقراطية الأمريكية وقعت في قبضة جماعة المحافظين الجدد ذوي النزعة الدينية الانجيلية القائلة بأن أية حرب قادمة ستمهد لعودة السيد المسيح الذي سيملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً!!،وأن معركة «هرمجدون» المسطورة في انجيل يوحنا المعمدان قادمة لا محالة. تلك ليست قناعة بوش الابن،بل كانت قبل حين قناعة الرئيس الراحل ريغان،والذي بدأ قبل عقود في تحريك برنامج حرب النجوم، وصرح مراراً بتلك القناعات العقائدية الدينية المفارقة لنمط النظام الأمريكي. والمفجع في تراجيديا الصراع العدمي بين قبعات الكاوبوي للإنجيليين الهرمجدونيين وعمائم الملالي، إنه صراع يستحضر آداب ميتافيزيقية تاريخية، وانه يرى في بلايا العالم المستمرة والفداحات القادمة الأكبر مجرد حتميات مسطورة منذ الأزل، وأن من يساهم في تحقيقها يكون منسجماً مع إرادة الله!! من يصدق أن العالم وصل في نهاية المطاف إلى هذه المثابة من التجريد الايديولوجي الديني المتعصب؟!!