نفهم أن الديمقراطية عملية جزء كبير منها يتم بداية عبر العملية الانتخابية، وأنه من خلال العملية الديمقراطية يتم التأسيس لمرحلة سياسية، ولكن ربما الحماس والتعطش للنصر في العملية الانتخابية وما يرافقها من أساليب غير ديمقراطية تتم غالباً في البلدان النامية غالباً ما تحصد الانتخابات دورات عنف تجعل المرء يعقد مقارنة في أن تكون هناك انتخابات أو لا تكون، أم هي ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها وبالتالي لها ضريبة، ضريبة دم وأرواح وأموال وممتلكات خاصة وعامة تستنزف!!. بل إن ما يؤلم أن تمرر العملية الانتخابية شخصيات لها من النفوذ والتأثير القسري وتنجح، وإذا بالقاعدة الانتخابية بين سندان العملية الديمقراطية ومخرجاتها خاصة أن البيئات الانتخابية تحمل في طياتها مختلف أطياف العملية السياسية من أحزاب وقوى وتنظيمات وشخصيات. لا يمكن بأي حال استثناؤها من العملية طالما أن هناك إيماناً وإقراراً بحق الجميع في المشاركة، وفي الحقيقة لم تخض هذه المجتمعات على تنوعها مرحلة من النقاش وقبول الآخر والاعتراف بالتنوع السياسي وحق الجميع في المشاركة ودراسة تجارب مماثلة حتى تتهيأ المجتمعات لذلك. لذا حملت العملية الانتخابية في أحشائها جنين التعصب، وصورت الانتخابات بأنها حرب صغرى تحمل أطرافها كل أشكال الأسلحة الانتخابية، وعمي جنودها تعصباً تكحلوا به علهم يصلون لنور النجاح والفوز بالمقعد. للأسف الأمثلة في نتائج العملية الانتخابية التي في أقل ما يقال أوصلت لأوضاع سياسية سيئة، وأدل على ذلك ما آل إليه الوضع في فلسطين من رفض لنتيجة الانتخابات لصالح حماس وتأليب القوى الغربية من رفض النتائج ووضع العراقيل الاقتصادية والمالية والصحية وفرض حالة من الحصار والتجويع، بينما العدو الاسرائيلي يستمر في بناء الجدار العازل لتقطيع الأرض والشعب الفلسطيني وإنشاء المستوطنات وتصنيفها لإلهاء العالم والعرب عن لب القضية الفلسطينية، كما ترفض اسرائيل الاعتراف به والنقاش حوله وخاصة حق العودة والأراضي الفلسطينية التي تلتهمها اسرائيل والقدس والحفريات تحت المسجد الأقصى وإغلاق وحصار قطاع غزة، كما تواصل عدوانها على الضفة، وفي بلد آخر كينيا تعرقلت الحياة السياسية والعامة وقُتل من قتل، وفرّ من فر، وأحدثت نتائج العملية الانتخابية شرخاً في الشعب الكيني، والحال نفسه في باكستان بما فيها من دوامات عنف. وهكذا أصبحت الانتخابات كابوساً يجثم على الشعوب،.. ترى لماذا يحدث هذا في الشعوب النامية، هل هي جديرة بهذه العملية أم لا، أم أن الوقت والمشاركين في العملية غير مهيأة، أم هي عملية تتطلب مستوى من النمو السياسي والتنموي يقبل العملية ويقبل بالنتيجة كما هو موجود في البلدان الغربية والبلدان التي تأصلت فيها الديمقراطية والانتخابات، وعرفوا أن الانتخابات صولات وجولات، وأن كل حزب عليه أن يعمل ويراكم إنجازات، وأن عدم النجاح لا يعني نهاية العملية السياسية والديمقراطية؟!. أما نحن في اليمن وقد خضنا وباستمرار عمليات ديمقراطية وتأسيس منظمات مجتمع مدني، وفي الحياة اليومية من التشاور والنقاش والعمل الاجتماعي والطوعي، وما كفله الدستور من حرية التعبير والقول ووجود كم كبير من الصحف الأهلية والرسمية بالإضافة إلى أجهزة الإعلام الرسمية الأخرى على اختلاف مجالاتها واستهدافاتها. كما خضنا دورات انتخابية قدمت لنا الغث والسمين، ومازلنا نتوق من خلال الانتخابات وصندوقها الذكي لمستقبل أفضل، ونتطلع لمجالس أكثر قدرة على العطاء، وحسبنا أن الخلاف في خضم العملية الانتخابية يفترض ألا يفسد للديمقراطية قضية، وأن تكون الأحزاب أكثر صدقاً في اختيار الكفاءات دون تمييز وخاصة بالنسبة للمرأة، والابتعاد قدر الإمكان عن الترشيحات التقليدية غير المعطاءة؛ خاصة أن بث جلسات مجلس النوب تنقل لنا طبيعة أداء كل نائب!!.