بقدر ما تحصد دوامات العنف من خسائر بشرية ومادية ودمار في البنية التحتية، فإنها تخلف جروحاً نازفة من التشرد والضياع والهرب من جحيم العنف والحرب. ومن أطال الله عمره يبحث عن ملاذ يلجأ إليه مضطراً ، إذ به يدخل تحدياً خطراً آخر في معركة ما بعد دائرة الحرب وهي الخروج من البلد أي الهجرة القسرية يغادر الفرد مضطراً للجوء لعل ذلك ينقذه من جحيم الوطن. تلك هي مشاهدات الكثير من اللاجئين وما ينقلونه للآخرين حين يلتقونهم، تشهد مآسيهم السواحل اليمنية عندما تلفظ جثثهم البحار بعد أن يتركهم القراصنة في عرض البحر علّهم يصلون اليمن.. وصيفاً قائمة اللاجئين تطول بدءاً بفلسطين مروراً بالعراق وأفغانستان وليس للوضع نهاية. مَنْ المتسبب في هذا الهدر والعبث بالأرواح والثروات؟ هل هي العمليات السياسية التي جاءت بديلاً عن الانقلابات التي شهدتها الفترة المنصرمة بحكم سياسة الحرب الباردة واليوم بعد انتهاء المعسكر الاشتراكي أو الغالبية من دوله وظهور النظام العالمي الجديد الذي ينتج لنا قيماً ديمقراطية وقد يغلب مجموعة على أخرى..؟ ولأن الشعوب والقوى السياسية متعطشة لظهور وضع جديد فإنها تستخدم كل ما أوتيت من قوة وأساليب للوصول إلى هذا الوضع الجديد، اعتقاداً منها بصحة عملها بصرف النظر عن الممارسات، واعتقاداً منها بأنها ستصل بناخبيها وشعوبها إلى «الجمهورية الفاضلة» وماهو معنى سير العملية الانتخابية الرئاسية السلمي في الولاياتالمتحدةالأمريكية.. وماهي مقومات سلميتها؟ هل انقشاع نظم الشمولية والمنغلقة على نفسها تقابلها ضريبة الانتخابات؟ هل التخلي عن القيم والطمع في الوصول إلى السلطة هما السبب؟ أين هي معايير الأخوة والدين والتسامح وحق الآخر وأين نحن المسلمين من الحديث الشريف الذي يقول: «لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه كما يحب لنفسه ». هل هذه الأحزاب والقوى السياسية تسير نفس نهج الأنظمة التي كانت تحكمها وتقمع حضورها؟ لماذا لاتحدث مثل هذه الدوامات في الدول الغربية أو ذات المستوى الاقتصادي المرتفع؟ صار من المقلق أن تبدأ أية عملية انتخابية في أي بلد نامٍ خوفاً مما قد يشوب هذه العملية الانتخابية من تعصبات وممارسات غير ديمقراطية تبلغ أوجها عشية إعلان النتائج.. إذاً هل مواطنو البلدان النامية ليسوا بمستوى العملية الديمقراطية أو هل الحماس أو المؤامرات الانتخابية تؤجج هذه الصراعات؟ هل العملية الديمقراطية تستحق هذا النزيف والهدر للأرواح والثروات؟ ماهو الحل والوجه الجميل لديمقراطية سلمية غير دموية وهل عزاء الإنسان أنه يظل يبحث عن منشوده وقد ورث قيماً دينية وأخلاقية لم يستطع توظيفها هل من طريقة غير تلك التي تُراق فيها دماء البسطاء؟.