أحياناً.. قد تبدو بعض الكتابات، مجرد شطحات، وهو تعبير عما في النفس تجاه الواقع، وتنفيس يذهب بالمنغصات والمكدرات، ويلقي بها إلى حيث «ألقت أم قشعم رحالها». لكن في أحايين كثيرة تكون جُل الكتابات - ولم نقل كلها - تصب في تغيير واقع ساد وباد وبلى، ولم يعد يتواكب مع مجريات العلم الحديث وخاصة علم التربية وعلم النفس التربوي، وعلم نفس السلوك.. وإلى ما هنالك من علوم تتواكب مع تواكب وتعاقب السنين! نحن اليوم نتحدث عن قضيتين هامتين تتعلقان بالجيل وتربيته وتعليمه.. ونعلم أن ربع سكان الجمهورية هم من تلاميذ وطلاب مرحلتي الأساسي والثانوي.. وهذا يعني ضرورة مضاعفة الجهود وإعمال الفكر، وغربلة الموروث من قوانين وأنظمة ولوائح.. وبمثلما نغير في الدساتير.. كيف لنا أن نقف أسيري قانون أو لائحة تم وضعهما قبل سنين، ولم يعد ما فيهما يواكب التطور والتحديث، بل ظلا يُضلان الخطى وأي ضلال مدفوع ثمنه غالياً!! القضية الأولى: قضية الموجهين التربويين، الذين يراد لهم الانتكاسة والتذمر، وعدم فاعليتهم في الحياة التي نرجو أن تكون.. فالتفكير في التغيير ليس بهكذا سرعة، والقرار يجب أن يكون مدروساً.. ومن حق الوزارة بقطاعها المتخصص أن تعيد النظر في كيفية التأهيل والفاعلية في الأداء والاحتفاظ بحق هؤلاء المربين المكتسب، وليس من حق أي جهة أن تشرّع لتلغي حقوقاً تمتد لعشرات السنين.. لأن ذلك فيه ظلم ومخاطر جمة.. وهل نحن بحاجة لفتح جبهة أخرى في التربية والتعليم يكون لها أخطارها، ومتى.. في وقت كهذا تكرس فيه القيادة السياسية جهدها لرأب الصدع ولملمة الشمل المهلهل، لتكون التربية الجبهة الواسعة التي يراهن عليها في إصلاح وتعديل السلوك، وتنقية العقول، وجعلها لوجه الله خالصة وللوطن والثورة والجمهورية والوحدة؟! لذلك من المبكر والخطير جداً أن نخلق أزمة في صف وطني كبير وعريق، هم شريحة الموجهين، معلمو المعلمين، بحسب المصطلح المتعارف عليه.. ويغدو الأمر مفروغاً منه، إذا لم تلغ الوزارة هذا الإجراء سريعاً، ثم اتباع أسلوب آخر يخضع للعلم والمعرفة وأخلاقيات المهنة.. وليس بعد ذلك أي ضيم؟! القضية الثانية: الرسوب في مادة أو مادتين، سواء لمرحلة التعليم الأساسي أو للثانوية العامة بقسميها.. فلماذا لاتفكر الوزارة، وهي التي تحظى اليوم بعضوية كاملة في مكتب التربية العربي لدول الخليج العربية، لماذا لا تفكر بحل علمي وعملي يخرجنا من الجمود والقولبة، واستخدام معايير سبعينيات القرن الماضي في الألفية الثالثة.. لماذا يظل الطالب عاماً دراسياً كاملاً راسباً من أجل مادة أو مادتين.. وهل هاتان المادتان هما كل حصيلته، وأن رسوبه فيهما يعني رسوبه بشكل كامل في كل المواد.. ومتى سيكون هناك تفكير في إعادة امتحان المادتين في نفس العام لكي لا يحرم التلميذ والطالب من حقهما ويصبحا ضحية لقانون قد عفى عليه الزمن ولم يعد يخدم بل يهدم وأي هدم يا ترى؟! إن تطبيق فكرة كهذه سيعطي مردوداً هاماً، يحكم من خلاله على مستوى التلميذ أو الطالب، في حال نجاحه أو فشله ثانية.. ولماذا نذهب بعيداً.. ففي الجامعة هذا النظام متبع ومعمول به ويخضع للتطوير دائماً.. فهل يا ترى فكرنا وساعدنا في إصلاح الجيل والعثرات التي تصادف طريقه؟! إننا اليوم نؤسس لمدارس نموذجية، ومدارس للموهوبين.. ويبدو أن هذا المنطق وذاك الذي تحدثنا عنه يعيشان تناقضاً.. ومن البديهي أن يبدأ منطق التغيير والتطوير والتثوير لمساراتنا في المناهج والمقررات والأنظمة واللوائح بل يجب أن تحدث ثورة حقيقية في التربية والتعليم.. ونحن على ثقة أن القيادة السياسية ستكون الداعم بقوة لمثل هكذا تغييرات.. هذا موجز القول المفيد ورمضان كريم