هناك بعضٌ ممن يطرح وينتقد التركيز على الأوضاع العربية والدولية، والإقلال من الكتابة حول المسائل الوطنية... ونحن نقدر لهؤلاء همّهم الوطني، لكن لابد من أن يكونوا أبعد نظراً، ويدركوا أن الوطن اليمني ليس عالماً لوحده، بل هو جزء لا يتجزأ من النظام الدولي... وهكذا كل بلد وقطر لا يمكن ويستحيل أن يعيشوا بمعزل عن العالم وما يجرى فيه، والاكتفاء بأنفسهم، حتى إن وُجد من يمكنه العيش بمعزل عن العالم، فإن القوى الكبرى في العالم لن تتركه لحاله، وتدعه وشأنه... فكل شعوب العالم تعيش وتتأثر بكل التحولات والتغيرات الدولية التي تفرضها القوى الكبرى، وتتأثر سياسات البلدان في كل أنحاء العالم سلباً وإيجاباً بالعلاقات الدولية التي تتحكم بها القوى الكبرى وتوجهها وفقاً لأطماعها في الهيمنة والسيطرة والابتزاز والاستلاب لشعوب العالم سياسياً واقتصادياً وفكرياً. وكلّنا قد عشنا الفترة من بداية التسعينيات من القرن الماضي حتى اليوم، العام الثامن من الألفية الثالثة، هذه الفترة التي انهار فيها الاتحاد السوفيتي كقوة عظمى ليسقط معه التوازن الدولي، وتعم العالم الفوضى الأمنية والسياسية والاقتصادية بفعل هيمنة القطب الواحد على العالم «الولاياتالمتحدة»، ومُضيّه في انتهاج سياسة التآمر والعدوان الإعلامي والسياسي والعسكري ضد الأنظمة الوطنية الرافضة الخضوع لسياساته تحت مبررات كاذبة وزائفة تتمثل في نشر الديمقراطية، وحماية حقوق الإنسان، ومكافحة الإرهاب، وتدمير أسلحة الدمار الشامل... وتتخذ لذلك الحرب النفسية والإعلامية وإثارة الفتن ودعم الحركات الانفصالية، وتجند العملاء المحليين وتدعمهم وتدفعهم إلى التخريب والشغب وقيادة التمردات وإشعال الفتن المذهبية والطائفية والمناطقية بهدف زعزعة الأمن والاستقرار وإسقاط الأنظمة الوطنية لإحلال نظام من كوادر محلية تدين بالولاء والخضوع للنظام الطاغوتي الجديد. لقد سعت «الإدارة الأمريكية» خلال «18» سنة من الانفراد بالعالم إلى نشر الفوضى في العالم، ومحاولة إسقاط بقية القوى التي صمدت أمامها، مثل الصين، إيران، سوريا، السودان، فينزويلا وكوبا، في ظل غياب روسيا عن المسرح العالمي... وبلادنا لم تكن بعيدة عن ذلك، لكنها تعايشت مع المرحلة بحكمة، واستوعبت الفوضى والتخريب وصعود النزعات الشطرية والمناطقية بحجة الديمقراطية، وقد أثّر ذلك علينا وطنياً استنزافاً وبطئاً في التنمية، وتهديداً للأمن والاستقرار والوحدة، ومنعاً للاستثمارات، واستفحال الفساد والفوضى الإدارية، بسبب غياب التوازن الدولي، الذي تهمنا جداً عودته لاستقرار العالم.