ما أعظم الشعب الفلسطيني، وما أسخاه، وما أكرمه، وما أصبره وما أشجعه.. إنه شعب يقدم ويعطي ويبذل طيلة ستين سنة مضت من أجل وطنه وحريته وسيادته واستقلاله، ورغم كل ما يرتكبه العدو الصهيوني العنصري الغاصب من مجازر وتدمير وتنكيل وتجويع وظلم وقهر، وحرق للزرع وإبادة للضرع.. إلا أن الفلسطينيين لم يرفعوا الراية البيضاء، ولم يسلموا، ولم يستسلموا، ولم يتنازلوا.. فمازالوا على الحق ثابتين صابرين مرابطين مناضلين مقاومين، رغم ما يواجهون، ويتحملون.. إنهم يتحملون ما تعجز الجبال والآكام عن حمله. وللأجيال التي لم تعرف الشعب الفلسطيني وصفاته التي وصفته بها فإن ما يجري اليوم في غزة خير دليل على ما أقول عن هذا الشعب الأبي.. فغزة تسطر اليوم ملحمة بطولية في الفداء والتضحية والصبر والجلد، أو العزم أمام الحرب الإجرامية البشعة الوحشية التي تشنها العصابات الصهيونية ضدها من الجو والبحر.. فالقصف الصهيوني الجبان يهطل على غزة من البر والبحر ليدمر ويقتل ويجرح ويحرق.. لكنه أجبن من أن يواجه غزة وجهاً لوجه، ورجلاً لرجل، وجندياً لجندي.. ومع ذلك فإن القصف الوحشي المجنون للطيران والزوارق الصهيونية، بعنفه وتدميره وإحراقه وقتله للمدنيين العزل والأطفال لم يفت في عضد غزة، كما كان يعتقد العدو الصهيوني، ولم يحقق ما يهدف إليه الصهاينة.. لقد اعتقد الصهاينة أن غزة ستسلم سريعاً، وترفع الراية البيضاء، خاصة وأنها قد حوصرت منذ فبراير 2008م من الغذاء والعلاج والوقود وغذاء الأطفال، ومورس التجويع ضدها لمدة سنة كاملة تمهيداً لشن هذه الحرب الملعونة عليها بأقل التكاليف وأقل جهد، وأقل وقت.. إلا أن ظن الصهاينة قد خاب، فها هي «غزة» صامدة، صامدة، صامدة، تقهر العدوان والظلم والوحشية الصهيونية، وتجعل قادة الصهاينة يتخوفون ويترددون عن المواجهة البرية، بل ويبحثون عن مخرج يحفظ لهم ماء الوجه، وهو ما لم تمكنهم منه «غزة» البطولة والتضحية والفداء. «غزة» لم تمت.. فها هي تنهض من تحت الركام، ومن الأحداث، ومن بين الرماد، وقد امتصت الصدمة، وأفشلت المفاجأة العسكرية الصهيونية، والتقطت أنفاسها، وأعادت ترتيب إمكاناتها وأدائها وأوراقها لتستمر في مقاومة العدوان والحرب الغاشمة، وتهدد عشرات المستوطنات الصهيونية، وآلاف المستوطنين الصهاينة، وقواعد الصهاينة العسكرية والجوية بصواريخها البسيطة.. لكنها مرعبة لأنها صواريخ الحق.. تصنع المعجزات. «غزة اليوم» تصنع النصر بصمودها، وبسالتها، وتضحياتها السخية، وبذلها بكرم.. غزة اليوم تعري الاستسلام، وتكشف وجوه الذل والجبن التي يسوؤها أن تنتصر هذه المدينة الشجاعة، ويتمنون هزيمتها.. لكنها بإذن الله منتصرة، منتصرة.. فالعدو بدأ يفقد أعصابه، وقياداته بدأت تضطرب، وتتخوف من المنازلة البرية.. فالنصر لغزة بإذن الله، وما ذلك على الله بعزيز.