هل العملية الديمقراطية ليست في متناول ممارستنا سواءً في اليمن أو غيرها من البلدان النامية؟ هل العملية الديمقراطية تحتاج لمعايير سياسية وتنموية حتى يقبل بها ممارسوها، أي توفر مستوى من الرفاه والوصول إلى الخدمات حتى لا يكونوا في خطر واستغلال؟! هل هي الطريق الأوحد لحياة حرة آمنة عادلة ولا ثاني لها وبالتالي لها قيمة، تضحيات وأي تضحيات جسيمة؟! هل هي مكلفة من حيث الدماء والضحايا في حالة بلداننا النامية التي ما إن تبدأ العملية الانتخابية إلا وسيل المؤامرات والتفجيرات والاغتيالات يبدأ؟ إذن ما هو السبيل للوصول إلى هذه الديمقراطية؟! هل العملية الانتخابية هي إحدى الوسائل للوصول إليها؟ هل ما يراق من دماء يدفعه المواطنون لتمسكهم بها أو لتباين آرائهم هو قربان للعملية الصغرى الانتخابات والعملية الكبرى الديمقراطية؟ ها هي العملية الانتخابية في عدة بلدان تتكامل مراحلها وتشهد بلدانها حالة من القلق وسوء العواقب من تفجيرات واعتصامات واحتقان سياسي خاصة إذا ما سارت النتائج لصالح فريق ما وصار المتتبع للعملية الانتخابية يقلق لما بعد النتائج وهذا ما حصل في إيران وأوكرانيا، وحامي الوطيس لما جرى في العراق والسودان مشاهد لسيناريوهات غير متوقعة.. لماذا لا تسير العملية الانتخابية بهدوء ونظام وقبول بالنتيجة كما هو الحال في البلدان الأوروبية المتقدمة اقتصادياً؟ هل السبب رسوخ التنمية في هذه البلدان وبالتالي نضوج الأحزاب السياسية في التعامل والمشاركة السياسية في الوقت الذي تعاني الأحزاب والقوى السياسية في العديد من البلدان النامية وخاصة في البلدان الذي تشهد توترات وتباينات سياسية ودينية ومذهبية مما يؤجج الساحة ويتعامل الفرقاء بحالة من الاستنفار وتجنيد الطاقات واستبسال من أجل الوصول لأكبر عدد من المقاعد ومن ثم إلى مرحلة لاحقة من المماحكات البرلمانية والتعصب لفرض القناعات. إننا نحتاج لأن تخدم العملية الديمقراطية والاستحقاق البرلماني للوصول بالمجتمع إلى التنمية لا أن تكون العملية الديمقراطية مطية يكبح بها التنمية ويشد به المجلس النيابي نحو أحلامه الضيقة وخلق اختناقات لضده الحزبي ومحاولات فرض آرائه وتوجهاته على الآخرين. للأسف إن ما يجري في ساحة الديمقراطية يجرنا إلى العودة لما قبل الوضع الراهن أي لمراحل الانقلابات، واليوم فنموذج العراق وهي تستعين بالخارج في سبيل الوصول إلى الديمقراطية تحت بنادق الاحتلال فهل ما تشهده العراق من حالة تباين وتشرذم أمر معقول ومقبول؟! العراق شعب عريق حضارياً ويتميز بتنوعه الديني والمذهبي وبشكل أكبر تبرز تلك المذهبية في المذاهب الإسلامية(شيعة وسنة) كما أن العراق يضم قوميات عربية وكردية وتركمانية...بل برغم انعكاس ذلك على القيادة في تمثلاتها التشريعية أو التنفيذية لعراق اليوم إلا أن فرطاً قوياً وتعصباً فجاً تعيشه العراق..هل كان العراق في ظل نظامه السابق وشدته أعلم بأن السماح للتباينات سيؤدي إلى الوضع الحاصل اليوم من احترابات ودسائس؟ وهل تستحق هذه الشدة والغلظة للنظام السابق أن يتم الاستعانة بقوات التحالف لغزو العراق وهل لم يكن في الحسبان لأحزاب وقوى اليوم ذلك التشرذم والقتل بما فيه الكفاءات العلمية بمثابة تضحية تستحقها الديمقراطية وهل حققت الديمقراطية ثمارها وهل تقبل الأحزاب الديمقراطية تحت الاحتلال؟!!!إنها إشكالية صنعتها الأطماع السياسية الديمقراطية المستحدثة شرعيتها في ظل الاحتلال وهي أشبه بتوكيل أو تطبيع وهذا أمر لا يصح أن تستسهل من خلاله الأحزاب شرعية نشاطها ولعل التجربة بكل سلبياتها بمثابة ناقوس خطر ينبه بعدم تكرار هذا التوكيل أياً كان. لذا فإن الديمقراطية تحتاج لمدى زمني تدرجي ووضع اقتصادي اجتماعي تنموي متقدم فما زالت المعاناة تحكم الشعوب بسبب أداء حكوماتها الضعيف..وما زال دورها التنموي متواضعاً لوضع رهانات وتعهدات نيابية تصطدم بتواضع أداء الدولة وعدم قدرتها على تنفيذ تعهداتها، وعلينا كشعوب وقوى أن نتلمس طريقاً ذا خصوصية ديمقراطية كبلدان ناشئة لا أن ننقل ديمقراطية الدول المتقدمة وأن نحترم مستوانا التنموي فله الانعكاس على الوضع السياسي والعملية الحزبية وأن ندرس الأدوار والمهام لأحزاب تلك البلدان لنصنع مقاربات لأنفسنا في ظل ما أتاحه النظام العالمي الجديد من علنية وتعددية.