أعتقد أن من تابع احتفالات الشعب العُماني الشقيق بعيده الوطني الأربعين المجيد، وتلك العروض العسكرية والكرنفالية المتميزة واللوحات الإبداعية غير المسبوقة، لا يساوره أدنى شك في أن الإنسان العماني قادرٌ على صنع ما هو أكبر من تلك المنجزات التي حققها خلال الأربعين عاماً الماضية، ما دام وهو يمتلكُ هذه الطاقات الإبداعية والأدوات الأساسية والعوامل المساعدة التي تؤهله للولوج إلى عالم التصنيع والابتكار، خاصة وأن هذا التوجه موضوعٌ على سُلَّمِ أولويات الحكومة العُمانية منذ سنوات طوال، حيث وخططها الاستراتيجية تتضمن إيجاد موارد بديلة للنفط تساعد على نمو الاقتصاد العماني، وعدم تعرضه لأية انكسارات وإخفاقات في المستقبل لا سمح الله. لقد كانت احتفالاتُ الأشقاء في السلطنة هذا العام مُختلفةً عن الأعوام السابقة، فذكرى مرور أربعين عاماً من النهضة الشاملة للأرض والإنسان تعني الكثير والكثير للإنسان العُماني الذي تحقق له خلالها ما لم يتحقق لعشرات البلدان، وذلك يعود بعد توفيق الله وفضله لقائدهم المُلهم جلالة السلطان قابوس بن سعيد، الذي أكد أن الإرادة الصلبة والعزيمة التي لا تخور، لا يمكن لأية عقبات أن تقف أمامها أو تعرقل مسيرتها بالذات عندما تلقى هذه الإرادة تلاحماً لا محدوداً مع الشعب الذي آزر قائده، واستعصى الجميع بتكاتفهم وتضافر جهودهم على كل الصعاب، وقهروا شدائد الزمن بصبرهم وعملهم الدؤوب حتى وصلوا إلى ما هم عليه من الرخاء والاستقرار والازدهار في شتى مناحي الحياة. أكثر من خمسة عشر يوماً والاحتفالات في المحافظات العمانية الأربع (مسقط – ظفار – مسندم– البريمي) وخمس مناطق هي (الظاهرة والباطنة والداخلية والشرقية والوسطى) وفي ولاياتها الستين متواصلة بهذا اليوم الباسم، إلى جانب مشاركة عدد من الدول الشقيقة وبينها اليمن التي حرصت على مشاركة الأشقاء فرحتهم بوفد رفيع المستوى برئاسة الفريق الركن عبد ربه منصور هادي - نائب رئيس الجمهورية - وذلك قد يثير التساؤل عند الكثيرين لماذا كل هذه الاحتفالات؟ ولماذا هذا العدد الكبير من الأيام؟ لكنه عندما يُنقِّبُ عن إحصائية الإنجازات التي حققتها سلطنة عُمان يجد أنه لا نهاية لتلك الأرقام الهائلة من المشاريع في البنية الأساسية المختلفة فيصلُ إلى قناعة تامة بأنه يحق للأشقاء العمانيين الافتخار بما حققوه وأنجزوه ووصلوا إليه من رقي وتطور وتقدم بالذات وأن طموحاتهم ليس لها حدود، حيث وإن المشاريع القادمة ستكون في مجال الصناعات التحويلية والثقيلة والطاقة والمشاريع الاستثمارية الكبرى، بعد أن استكملوا بناء الدولة العصرية، والأهم من ذلك كله الإنسانُ العُماني أساس البناء والتنمية والركيزة الأولى في بناء الأوطان. باعتقادي ومن خلال استقرائي المتواضع للشأن العُماني أن الكل مُجمِعٌ على أن السياسة العمانية متفردة في كثير من المسارات والاتجاهات، ما جعلها تحظى باحترام وتقدير الجميع؛ كونها قائمة على أسس متينة وثوابت راسخة لا تتزحزح، كعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد سواء كان من دول الجوار أو غيرها، وتركيزها على بناء الإنسان ومؤسسات الدولة المختلفة إلى جانب الصرامة في تطبيق القوانين وإحقاق الحقوق والمساواة بين مواطنيها بعد أن قضت على جميع الفوارق وذاب المجتمع في هوية واحدة موحدة. كلُّ من شاهدَ جلالة السلطان قابوس بن سعيد وهو يتلقف قبلات الوفاء وتحايا العرفان وأهازيج الولاء يشعر بزهو الانتصار على قسمات وجهه، لا يستطيع إخفاء فرحته بتلك الإنجازات التي تعتبر ثمرة أربعة عقود من التأهيل والبناء. أخيراً .. يبقى القول وكما يرى المحللون والمراقبون أن احتفالات هذا العام في سلطنة عُمان الشقيقة تحملُ الكثيرَ من الدلالات والرسائل المهمة، مفادها أن الإنسان عندما يمتلك إيماناً مطلقاً بحب وطنه وإصراراً على بنائه ويحرص على تقديم وجه بلاده المشرق في أبهى صورة، يستطيعُ تجاوزَ الصعاب مهما عظمت، ويحقق أكبر المنجزات، وأنه عندما يحمل رسالة سامية عنوانها الخير والسلام والمحبة يستميل قلوب الآخرين وحبهم وتعاطفهم واحترامهم.. من كل قلوبنا نبارك للأشقاء أعيادهم ومن إنجازٍ إلى إنجاز إن شاء الله. [email protected]