أصبحت المعلومة والمعرفة متاحة اليوم للجميع، وأصبح التنقل بين البلدان أسهل من التنقل بالسيارة بين مدينة واخرى، ولم يعد هناك شيء خافٍ على أحد، فبأي منطق مازلنا نعاند أنفسنا والزمان، ونصر على الاقامة في تلك الشروط التي استنفدت أسباب بقائها ؟، وبأي منطق نتوهّم بأنّا نستطيع الغاء الشبكة العنكبوتية والتفاعلية الرقمية ؟ ثم إننا في العالم العربي أكثر الذي يسارعون مهرولين للتوقيع على سلسلة من المعاهدات الدولية ذات الصلة بالشفافية وحقوق البشر، رائين لرصيد السمعة الطيبة، ولكن دون أن نتفكّر ملياً في كيفية تطبيق نصوص هذه المعاهدات التي سترفع ضد أنظمتنا عندما يحين الحين . حق الحصول على المعلومة مثلاً، وحقوق المرأة والطفل، وكامل المبادىء المتصلة بإعادة انتاج سوية الحياة الآدمية « تعليم / علاج / سفر/ الخ » ، فالأصل يكمن في أن نتشارك في الماء والكلأ، فبأي مصوغ نًحجم عن اشراك الناس في تدوير حياتهم وفق معطيات الحق والحقيقة، لا الأوهام والتعللات الفارغة. في المنطقة العربية لا دولة اتحادية لا مركزية سوى دولة الامارات العربية المتحدة، وهنا يكمن سر النهضة الاقتصادية النمائية الشاملة في هذه التجربة الاستثناء عربياً. لكن بقية الدول العربية مازالت مُصرّة على البقاء في زمن العاديات والمركزيات المُتجهمة التي أثقلت على كاهل العباد والبلاد، وهنا سر الاحتقانات الدائمة والاحباط الشديدين . لقد أمعن النظام الرسمي العربي في تغييب ذاته قبل المعارضة، فانبرت الجماهير لتسحب البساط من تحت النظام ومعارضاته المكبوحة منهجياً. نسي هذا النظام أن معارضة قوية ومُقارعة خير من معارضة مُدجّنة حد الانتفاء، ذلك أن النقيض يُحيي الموتى، وينبه السادرين في غيّهم وغفلتهم. ما حدث ويحدث في العالم العربي جاء من الأرض، ومن جيل الشباب الذي لا يملك أجندة سياسية أو ايديولوجية، وما سوف يحدث قد يعيدنا مرة اخرى إلى دهاء التاريخ وسخريته منا، فالفراغ رديف الفوضى، والفوضى لا تقبل العقل والمنطق ..لقد آن الأوان لتقديم تنازلات شجاعة للشعوب العربية المغلوبة على أمرها، ففي ذلك كل الفائدة للحكام والمحكومين معاً ، وإذا تأخر الاصلاح السياسي الجذري الشامل لا مفر من الوقوع في حفرة التنافي العدمي ، لاسمح الله. [email protected]