وقف المصريون ثمانية عشر يوماً في ميادينهم العامة طالب المتظاهرون برغيف العيش حرية وعدالة اجتماعية ..وعندما لم يستجب لهم احد ارتفع سقف مطالبهم ليصل الى المطالبة بإسقاط الحكومة ، ثم اسقاط النظام .. ثم إسقاط رأس النظام .. خلال ال 18 يوماً الشعب المصري بكافة فئاته في ميدان التحرير في القاهرة كانوا يضربون نموذجاً للإرادة الشعبية.. كانت المشاهد مختلفة.. وقد تبدو لأول وهلة متناقضة!! المحتشدون يمشون ..يموتون.. يعيشون يطببون جرحاهم ..كانوا يغنون ويرقصون ..مخلفاتهم أغرقت الميدان ثم نظفوا الميدان .. الجميع أدى صلاته في الميدان مسيحيين ومسلمين.. الكل حمى الكل.. كامن لوحة تقول لكم هنا مصر !! بشبابها ونسائها بعسكرها «وبلطجيتها» بخفة دم أهلها ، وآلامهم التي لا تنتهي!! ^.. المشاهد المتلاحقة التي استمرت 18 يوماً لم تنه البعض من أن يصف ما يحدث في ميدان التحرير «بالهبالات» و«السخافات» .. كانت السخافات تظهر في وسائل الإعلام الرسمية «القومية» التي قالت عن الشباب في ساحة التحرير وباللهجة المصرية «شوية عيال بتلعب»، وكمان «شوية بلطجية» تحول لعب العيال الى جد جداً .. حتى سقط النظام !! والناس الذي فوق ظلوا يقولون أن هذه «هبالات». ^.. المهم صدرت كثير من التعليقات «الهبلى» خلال ثورة الشباب في مصر ومنها أن مبارك قرر إحراق نفسه ليسقط الشعب !! و أن مبارك قال للشعب «30 سنة ولسه ما فهمتوش» !! ، وأنه طلب من بن علي أن يترك له المفتاح تحت الباب لأنه قد يصل في أي لحظة «ناهيك عن التعليقات التي أصدرها المصريون في هتافاتهم اليومية ، والشباب على الفيس بوك .. منها أن مبارك وصل الى عند عبد الناصر والسادات سألوه: هاه «جيت هنه سم او منصه» رد عليهم مبارك: فيس بوك!! ^.. كل ذلك وهناك شباب يواصلون وينظفون الساحات والميادين ، ويحمون المؤسسات وينظمون حركة السير، ويداوون الجرحى ويحاولون كسر الحظر على النت والاتصالات ويطالبون بإسقاط النظام الذي يقول :«شوية عيال مش عارفين مصالحهم ومصالح البلد» . ^.. الشباب في الميدان عاشوا حياتهم صلاة ودعاء وهتافات ومعارض ورسوم كاريكاتورية، وأناشيد، ودماء طاهرة تسيل ، وهناك من تزوج ، وآخرون نظموا دوريا للكرة.. وهناك من يقول انهم شباب مدللون ،ومش عارفين حاجة. ^.. بدأت التعديلات في الحكومة ورجال الأمن ينسحبون والجيش نزل الشوارع ، وملفات الفساد فتحت !! فتدفع بالملايين الى الشارع !! وشخصيات كانت في سدة الحكم تمنع من السفر.... وبلغت القلوب الى الحناجر خوفا من الفوضى ، خاصة بعد فتح السجون .. والنظام يقول «عيال هبلى». ^.. تغير المشهد بعد 18 يوماً .. لم يصمد النظام الذي حكم بالحديد والنار 30 سنة .. لم يصمد أمام طوفان الشباب وإرادة الشعب الذي ذاق مرارة الفقر ، وذل الحرمان من أبسط الحقوق والحريات .. الشباب يسيطرون على الموقف .. وتنفس المصريون نسيم الحرية .. ^.. بدأت تظهر «هبالات» الإعلام (القومي) الذي تغير خطابه، وتغيرت لهجته وبدأ بالتودد للشباب الذي اتهمهم بالعمالة وتنفيذ أجندات أجنبية و..!! وبدأ يقول أخيرا ثورة الشباب .. آخر مشهد أحدهم رفع لوحة كتب عليها «يا ريس أرجع .. كنا بنهزر» !!