طوال فترة الستة الأشهر وهي عمر الأزمة السياسية التي تمر بها بلادنا كان ولا يزال التعاطي الإعلامي مع الأحداث التي شهدتها يأخذ أحد اتجاهين إما التهويل والتضخيم لهذه الأحداث أو التقليل من حجمها، فيما غاب تماماً التعاطي الإعلامي الجاد والعقلاني، فلم يكن هناك وجود لإعلام محايد ينقل الوقائع كما هي دون إضافات أو رتوش ودون أفكار أو أحكام مُسبقة، فما نجده أن جُل الوسائل الإعلامية على اختلاف مسمياتها وأنواعها وتوجهاتها.. وفي تناولها للأحداث في اليمن كانت تقف مع طرف ضد الآخر، فتتناول بتهويل وتضخيم كل ما يتعلق بالطرف الذي تقف إلى جانبه بينما تهمل الطرف الآخر تماماً ولا تذكره إلا عند تحميله مسئولية ما يقع من أحداث. إذا كانت بعض الوسائل الإعلامية الموجهة قد تناولت الأحداث من زاوية معينة ووفقاً لتوجهاتها السياسية والحزبية، باعتبارها تمثل وجهة نظر أحادية، وهذه الوسائل قراؤها ومتابعوها محصورون في فئات سياسية معينة، غير أن الصحف التي تدعي أنها مستقلة والتي يفترض أنها في منأى عن أية قيود سياسية أو حزبية كانت أول من سقط في مستنقع الكذب والتزييف وإيراد المعلومات المضللة وابتعدت تماماً عن المهنية والمصداقية والأمانة الصحفية في الوقت الذي كان يعول عليها أن تسحب البساط من الجميع بأن تظل مستقلة كما تدعي ولا تنجر إلى تأييد أي من الطرفين، بل تظل على الأقل في موقع الحياد لكي تحافظ على مهنيتها، وتكون أكثر واقعية ومصداقية في تناولاتها للأزمة وتبعاتها. دخول وسائل الإعلام مع أحد الأطراف خاصة في ظل الأزمات المتكررة التي عاشها الشعب اليمني ولا يزال أفقدها الكثير من القراء والمتابعين وأفقدها أيضاً مصداقيتها وحياديتها على الأقل لدى الطرف الآخر وهو ما أضعف حضورها وتأثيرها كثيراً، قد نلتمس للبعض العذر إذا كان قد تلقى معلومات مغلوطة وإن لم يُخضعها للتمحيص والتدقيق للتأكد من صحتها وقام بالترويج لها أو بنى عليها استنتاجاته، لكن ما هو عذر ذلك الذي يكذب جهاراً نهاراً ويروج لمعلومات وأخبار يعرف ويدرك تماماً أنها خاطئة هذا إن لم تكن صنيعته، وهذا هو للأسف حال معظم وسائلنا الإعلامية في تعاملها مع الأحداث التي مرت بها بلادنا. سقوط أخلاقي انتشرت مؤخراً أحاديث تفيد بأن بعض مدراء عموم المكاتب التنفيذية وبعض مسئولي المؤسسات والصناديق في محافظة تعز تحولوا إلى سماسرة لبيع المشتقات النفطية في السوق السوداء، حيث يتسلمون الحصص المقررة للمرافق التي يديرونها وبدلاً من استخدامها في تسيير العمل في مرافقهم يتاجرون بها في السوق السوداء، حيث يبدو أن هؤلاء المسئولين وجدوا فرصة سانحة في استثمار أزمة المشتقات النفطية لأجل تحقيق مصالحهم بعد أن جففت الأزمة مصادر الهبر والنهب التي اعتادوا عليها. نعترف أننا ابتلينا ببعض مسئولين يفتقدون الأمانة والمسئولية في أداء عملهم، متخصصين في بعثرة جهود الدولة وجعلها هباءً منثورا، فبدلاً من أن يقوموا بترجمة هذه الجهود إلى أشياء ملموسة لصالح المواطن، يعملون على تشويه صورة الدولة لدى المواطن وإظهارها وكأنها لا تقوم بشيء وعاجزة عن خدمته، لكننا أيضاً نعترف بأننا نفتقد الجدية والصرامة في معاقبة المخالفين، وما نتمناه هو أن تبادر الجهات المعنية إلى البحث والتحقيق في مسألة تورط هؤلاء المسئولين في بيع المشتقات النفطية في السوق السوداء فهي جد خطيرة لأنه إذا ما ثبت صحة ما يُقال فإن هؤلاء المسئولين الذين يفترض بهم أن يكونوا في خدمة الوطن والمواطن، ليسوا سوى مجموعة من اللصوص والمجرمين ويجب أن يتم معاقبة كل من يثبت تورطه في مثل هذه الأعمال، فالمكان الذي يليق بهم هو خلف القضبان لا في موقع المسئولية.. فما رأي الجهات المعنية؟! [email protected]