طبعاً .. الكاتب حين يمسك القلم، ويباشر الكتابة حول موضوع معين، ومحدد.. تكون قد تكونت لديه قناعات بفعل استقرائه للواقع أمامه من خلال المشاهدة، والمتابعة، والقراءة، وتعرفه على الحدث، وأطرافه، وإمكانات أطرافه، ومميزاتهم وخصائصهم .. فيمضي الكاتب يحلل ويستنتج، ويضع رأياً هكذا، أو كذاك، يسار أو يمين مع الأخذ بالاعتبار المؤثرات المحلية والإقليمية المجاورة، والدولية، ومدى المشروعية مع هذا أو ذاك وفقاً للشرائع السماوية، والقوانين والمواثيق الوضعية .. كل هذا إلى جانب التجربة التاريخية، والسياسية التي يسترشد بها الكاتب كي يناقش، ويتناول ويحلل مسارات أي حدث ويخرج في ضوء ذلك إلى نتائج معينة ومحددة عن النهايات التي سوف تصب فيها الأحداث، ولصالح من .. كل هذا لا يعني موقف الكاتب وإنما هي نتائج استقرائه للأحداث والمؤثرات في سيرها، ومدى مشروعية أطراف الحدث، أو الأحداث.. أي أن الكاتب ينطلق من قراءته للواقع الشامل والعام ليجد مقدمات القضايا، ونتائج هذه المقدمات.. علماً بأن الكاتب قد يكون مع هذه النتائج أو ضدها حسب رغبته وميوله.. لكنه لايترك لميوله ورغبته مجالاً يؤثر على منطقة، وموضوعية كتابته. القارئ.. ولابد هنا من التحديد.. “القارئ العادي” وليس “المثقف” حين يقرأ.. يقرأ وهو قد حدد سلفاً أن هذا هو موقف الكاتب.. وهذا ممكن لبعض الكتاب.. لكنه غير ممكن لكتاب آخرين، وعليه فالقارئ يقرأ ويحكم على ما قرأ حسب رغبته التي تتحدد وفق تعصبه أو انتمائه وعلاقته بأطراف الأحداث، وبالتالي إذا وجد الكاتب أو ألتقاه يسعى لمناقشته حول ما كتب من وحي النتائج التي يتمناها، ويرغبها لأطراف الحدث أو الأحداث في الوقت الذي كان الكاتب قد كتب من وحي الواقع، والمعطيات، والمؤثرات على الحدث، أو الأحداث والموجهات المحلية، والجوارية والدولية لمسار الأحداث وإلى أين ستؤدي بها.. أي إلى أين سترسو في النهاية. لكن القارئ العادي، أو المشوه الفكر والثقافة.. حين يناقش كتابة الكاتب.. يناقشه، وكأنه، طرف، والكاتب طرف آخر في القضية.. بينما الكاتب حتى وإن كان طرفا.. إلا إنه حين تناول القضية أو الحدث.. قد استبعد رغبته، وأمنيته أثناء ذلك، واستخدم منهج الباحث والدارس.. بينما القارئ قرأ وقيم وحكم وفقاً لرغبته وأمنيته وتعصبه لهذا الطرف أو ذاك... وهو ما يجعل البعد والبون بين الكاتب ومثل هذا القارئ شاسعاً.. ومع ذلك ما يهم الكاتب تحري الموضوعية.. ولا يهمه رضا وعدم رضا هذا أو ذاك.