تَعاقَبَ على الحكمِ في اليمن أنظمةُ حكم و حكام يرون في إصلاح وتحديث أجهزة الادارة المحلية ودواوين المحافظات والمديريات عبثاً وشيئاً من الكماليات لا يَرتقيِ الى مستوى أولوياتهم ، يعتبرون وظيفة “محافظ محافظة” و”مدير مديرية” و”رؤساء أجهزة تنفيذية” ، وظيفةً لا “ تَخضع” - أو كما يرون أنها يجب أن تكون كذلك- ، لشروط ومعايير قانونية مُلزمة لرئيس الدولة والحكومة والموظف العام . شروط ومعايير اختيار وتعيين الشاغل للوظيفة عند الحاكم السابق قولُه ما “ يعجبه” و “ إعطاؤُه” من الصفات ما ليس فيه وثناؤه الكثير له “ مدحاً ” في المجالس وبين العامة ، تقارير أمنية تتضمن “ شطحاته “ الموبِّخة للشخصيات والقوى الوطنية ، أو يقبلَ ب “ تنفيذ ” مُهمة .. ؟! ، قدراته وكفاءته الإدارية والسياسية غير مُخوَفِّة .. حكام اعتبرو الوظيفة في الادارة المحلية وحدهم من يملكها ويحدد من يشغلها ، ويجب أن تُوزَّعَ على الموالين بغض النظر عن قدراتهم وكفاءاتهم واستحقاقاتهم للوظيفة ، يعبثون بالوحدات الإدارية ومواردها الطبيعية والبشرية كما يريدون ، يُوزِّعون مشاريعَ خدمية بعيداً عن مفهوم “ عدالة التوزيع “ . اختيار وتعيينُ رؤساء وحدات إدارية ورؤساء أجهزة تنفيذية ولاؤهم ل “ المركز” ومع ذلك لم يتمكنو من كسب ود و ولاء مواطني الوحدات الإدارية ، وإيجاد بنية تحتية ، كما لم يمكنهم من الحفاظ على مخططات مدن وإيجاد عواصم حديثة جاذبة للاستثمار ، وتنمية محلية مُستدامة .. رؤساء وموظفوا وحدات إدارية لم يُطوِّروا من أداء أجهزة الإدارة المحلية ، اختُزِلت مهامُّها في شخص المحافظ ومدير المديرية ،اللذان وظفا جهودهما في قضايا ومشاكل يُفترضُ أن تكونَ منظورةً أمام المحاكم وأجهزة تنفيذية أخرى ، ليتفرغا للتخطيط والتنمية والتوزيع العادل للمشاريع الخدمية والاستثمارية . في عام 1985 م تم اختيار وتعيين مدراء مديريات من خريجي كلية الشرطة ، عُقدت لهم دورة تأهيل وتدريب في مجال الادارة المحلية ، إجراء سياسي ، كان يُراد به «تحديث جزئي» في الادارة المحلية ، لم يُكتبْ له النجاح ، بسبب أنه لم يُرافقْه ويتزامنْ معه أولاُ : إرادة سياسية ، و إجراء آخر مُماثل يؤدي الى تحديث في دواوين المحافظات و تعاني من تسيُب إداري مُتَراكِم ، وتفتقر للعنصر البشري المؤهَّل القادر على مواكبة الجديد . بعد الوحدة أتفق شركاءُ الوحدة على القانون رقم ( 52 ) لعام 1990 م بشأن مُمارسة الادارة المحلية، ونشاط المجالس المحلية ، وصدر به قرارٌ جمهوريّ بقانون ، دون أن يُناقَشَ في مجلس النواب ، وبعد حرب صيف 1994م بدأ التفكير في إعداد قانونٍ خاصّ بالإدارة المحلية بمشاركة أطراف دولية ، وصلت عام 2000 م الى أحد عشر مشروعَ قانونٍ تقريباً ، وصولاً الى إنجاز القانون رقم ( 4 ) لعام 2000 م ، بصلاحيات واختصاصات لا تُلبِّي تطلعات الشعب اليمني ، ولازالت حاجة اليمنيين قائمةً على نظامِ حكمٍ محليّ يلبي تطلعاتهم في الحكم ، وقادر على إيجاد تنمية محلية مستدامة . موضوعُ اللامركزية والحكم المحلي اليوم يحظى باهتمام بالغ .. اهتمامٌ أوجدته متغيراتٌ ومفاهيمُ جديدة : الوحدة اليمنية ، نظام ديمقراطي تعددي ، حرية صحافة وإعلام ، نتائج حرب 94 م ، وحروب صعدة الستة ، ظهور وبروز قضايا ومشاكل وتكتلات وتحالفات شبابية ونوعية وكيانات سياسية وحزبية ومنظمات مجتمع مدني جديدة ، وربط المساعدات والمنح والهبات والقروض الإقليمية والدولية بتنفيذ إصلاحات إدارية ، إقتصادية وسياسية ، وتطبيق مفهوم الحكم الرشيد بأبعاده ومكوناته المختلفة . اليوم ، الكل يَنشُد نظامَ حكم محلي ، قادر على حل مشاكل وقضايا برزت هنا وهناك ، نظام حكم محلي يُلبي تطلعات اليمنيين، في الحكم والتنمية المستدامة ، نظام حكم محلي يَسبِقه تحليلٌ موجز لنظام السلطة المحلية القائم .. نظام حكم محلي يرتكز على تقسيم إداري يأخذ بالاعتبار شروط ومعايير التقسيم ، ويجمع بين مختلف الأساليب ، تقسيم الوحدات الإدارية ، إختيار الأسلوب الأمثل للتنظيم الإداري ، إختيار الأسلوب الأمثل لتحديد مهام وصلاحيات واختصاصات الأقاليم والمحليات ، المستويات التنظيمية للوحدات المحلية ، المنظومات الدستورية والقانونية ، طريقة تشكيل هيئة الحكم ، طريقة تمويل السلطات المحلية .. إلخ ، مواضيع و مفردات يجب الإلمام بها عند عمل تصور لنظام حكم محلي نتناولها في مقالات قادمة ... [email protected] رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=465193610186386&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater