واقع التعليم في بلادنا حدث عن مأساته ولا حرج.. فهو لا يزال يعاني جملة من المشكلات التي أصابته بالهشاشة وأوقفت عجلة نموه وأعاقته عن المسير نحو التطور (قيد أنملة)..بل إنها وقفت أمامه كحاجز صلب يمنعه عن المشاركة الفعلية في ركب النهضة التكنولوجية والعلمية والتعليمية والتي تشهدها اليوم معظم دول العالم وتنعم من مردوداتها الإيجابية وعلى مختلف نواحي الحياة الإنسانية...هكذا هو بالفعل حال الواقع التعليمي في اليمن والذي لن يرى نور التطور ما دامت مناهجه ضعيفة ويعتمد على طرق تدريس تلقينية و إلقائية وتقليدية وتتشابه مع طرق التدريس التي كانت تمارس في زمن سقراط وأرسطو وأفلاطون.. ولكن هؤلاء العظماء وغيرهم كانوا يؤدون رسالتهم التعليمية بإخلاص وضمير إنساني صرف وكان المعلم فيهم يضيق صدراً إذا تأكد من أن تلاميذه لم يستفيدوا شيئاً مما علمهم...فيظل يعيد من إلقاء دروسه حتى يصل إلى درجة الاقتناع التام من أن ما أراده هو قد تحقق أما المعلم اليمني اليوم ( البعض وليس الكل) لا تهمه مسألة مدى استفادة طلابه من دروسه ( طز تعلموا أو عمرهم لا يتعلموا) وصار مهووساً بالإمساك بعصا (الشيخ بركتنا وليس بعصا النبي موسى) والذي كان يضرب بها أيدي وأجساد تلاميذه والذين من شدة الضرب تعلو أصوات بكائهم فيتلذذ بركتنا بسماع قوة صداها وهو يرتد من جدران فصول ما تسمى بالكتاتيب.. وإلى جانب هوسه بالعصا تجده يبيع للفاشلين من طلابه ضميره التعليمي والإنساني بأبخس الأثمان ومساوياً إياهم مع الطلاب الذين نجحوا بجدهم واجتهادهم.. وإن بقاء هذه المشكلة واستمرارها ساهم في وصول الفئة الفاشلة دراسياً إلى التعليم الجامعي.. ومن السهل جداً اكتشاف هذه الفئة وذلك من خلال ما تعانيه من عجز واضح في الإملاء والكتابة والقراءة.. والغريب أن هذه الفئة الفاشلة تنال النجاح نفسه في المستويات الأربع من التعليم الجامعي.. وهذا يدل على أن هذه المرحلة العليا من التعليم هي الأخرى مخترقة من قبل الفساد والفاسدين.. وهذا أيضاً ما جعل التعليم الجامعي هو الآخر يعاني الكثير من المشكلات ومن أهمها: اعتماد الملازم الورقية أداة منهجية ومرجعية يستفيد منها الطالب الجامعي وعدم وجود مكتبات حقيقية في الجامعات اليمنية وذات مواصفات نموذجية متكاملة وتحتوي على أمهات الكتب العالمية واعتمادها كمراجع يستفاد منها وقلة البحوث العلمية والتي تلقى المتميز منها مصير السبات على رفوف النسيان وزج الحزبية والسياسة وتخصيص مقاعد دائمة وثابتة لها في جميع القاعات.. وكذا ندرة وجود أجهزة تكنولوجيا تعليمية متطورة في جميع الجامعات اليمنية ..الخ. ومن الأشياء المفرحة والمحزنة معاً بأن القيادات العليا والموكل إليها مهمة إدارة العملية التعليمية أدركت حقيقة أن التعليم وبمختلف مراحله في خطر.. فقامت بإصدار استراتيجيات تهدف إلى معالجة مشاكل التعليم وتطويره ( شيء يفرح)..إلا أنه لم يتم تنفيذها عملياً ولا زالت حتى الآن مجرد حبر على ورق(شيء يحزن)..وما زاد طين الحزن بلة أنه ومنذ انضمامنا إلى مكتب التربية لدول الخليج العربي وحتى هذه اللحظة لم يشهد التعليم في بلادنا أي نوع من التطوير وعلى الرغم من أن دول الخليج نجحت في تطوير التعليم لديها وذلك بعد ما توفقت في معالجة جميع مشاكل التعليم.. ختاماً: فإن تطوير التعليم في بلادنا مرهون بتنفيذ معالجات فعلية لمختلف المشاكل التي يعاني منها التعليم وإن تطويره لا يعد بمعجزة ولا يعد من المستحيلات الأربع.. خاصة وأن هناك دولاً سبق لها وأن نجحت في تطوير التعليم لديها ومن خلاله استطاعت أن تغزو الفضاء وأن تكون قوى عظمى في مختلف المجالات العلمية والتكنولوجية والاقتصادية والصناعية والعسكرية.. وأعتقد أنه إذا تم العمل على تنفيذ كل ما احتوته استراتيجيات تطوير التعليم وبذمة وضمير وإعطاء كامل الحقوق لكل العاملين في الحقل التربوي واعتماد سياسة مبدأ الثواب والعقاب واعتماد ميزانية كبيرة للتعليم ودعم البحوث العلمية حتماً لسوف يصل التعليم إلى أعلى مستويات النهوض والتطوير وهذا العلو سيكون له مردودات إيجابية على مختلف القطاعات الأخرى. رابط المقال على الفيس بوك